في سنة -1993- عقد مؤتمر فينا لحقوق الإنسان -وهو مؤتمر يعقد مرة كل عشر سنوات أو أكثر- لبحث حالة حقوق الإنسان في العالم - ويدعى له عدد كبير من الدول والناشطين في مجال حقوق الإنسان..
وفي تلك السنة شكلت الحكومة الأردنية لحضور ذلك المؤتمر وفداً كبيراً لأول مرة - بهذا الحجم - بحيث ضم الوفد حوالي - أحد عشر عضواً - برئاسة وزير - وضم عدداً من الناشطين في مجال حقوق الإنسان/ كنت أحدهم..
وفوجئت بأن وزارة المالية اتصلت بي وقالت إن هناك سلفة مقررة لكل عضو في الوفد لغايات الصرف منها لحضور المؤتمر.. وذهبت أنا وأعضاء الوفد وقبض كل واحد منا -السلفة المقررة- وكانت بحدود ثلاثة آلاف دينار -لكل واحد على ما أذكر-..
وسافرنا إلى فينا وحضرنا المؤتمر واستعملنا بعض السلفة لغايات حضور المؤتمر -حيث علمنا هناك أن إقامتنا مدفوعة مع فطور- وأن ما علينا دفعة هو فقط ثمن الغذاء والعشاء والمواصلات..
وكانت المواصلات هناك غالية جداً -حيث أن إيصالنا من الفندق لمكان عقد المؤتمر كان يتطلب دفع- اثني عشر دينار/ للتاكسي - في الذهاب - ومثلها في العودة - وسألنا عن مواصلات عامة فدلونا على قطار تحت الأرض، فكنا نذهب بدينارين ونعود بمثلها ولا نستعمل التاكسي إلا في حالة الاستعجال.. وبعضنا لم يركب التاكسي أبداً - بل استعمل القطار دائماً.. وبعضنا أمنته السفارة بسيارة مع سائق طيلة إقامته لحضور المؤتمر.. وبعد انتهاء المؤتمر وعودتنا للديار، حسبت المبلغ الذي صرفته فوجدت أنه هناك زيادة متبقية معي من السلفة المصروفة من الحكومة في حدود ألف وخمسمئة دينار، ذهبت في اليوم التالي وأعدتها لوزارة المالية.. وفوجئ الموظف المسؤول هناك وقال لي إنني موظف في هذه الدائرة منذ عشرين عاماً، بدأت كاتباً وأنا الآن رئيس القسم.. وهذه أول مرة يعيد فيها مندوب لحضور مؤتمر شيئاً من السلفة المصروفة له..
وخاصة أنه لا يطلب من المبعوثين سوى ورقة بأن السلفة صرفت على أغراض حضور المؤتمر..
وقلت للموظف أنني مواطن عادي.. وهذه أول مرة أذهب فيها لمؤتمر كمندوب في وفد رسمي ولا أقبل لنفسي أن استعمل المال العام وآخـذه دون حق.. وما دامت السلفة لأغراض المؤتمر- فقد صرفت منها لهذه الغاية.. أما الزيادة فهي ليست من حقي.. ولذلك فقد أعدتها.. وابتسم الموظف وقال الحمد لله أنه ما زال في الأردن من يعرف حرمة المال العام..
وفي تلك السنة شكلت الحكومة الأردنية لحضور ذلك المؤتمر وفداً كبيراً لأول مرة - بهذا الحجم - بحيث ضم الوفد حوالي - أحد عشر عضواً - برئاسة وزير - وضم عدداً من الناشطين في مجال حقوق الإنسان/ كنت أحدهم..
وفوجئت بأن وزارة المالية اتصلت بي وقالت إن هناك سلفة مقررة لكل عضو في الوفد لغايات الصرف منها لحضور المؤتمر.. وذهبت أنا وأعضاء الوفد وقبض كل واحد منا -السلفة المقررة- وكانت بحدود ثلاثة آلاف دينار -لكل واحد على ما أذكر-..
وسافرنا إلى فينا وحضرنا المؤتمر واستعملنا بعض السلفة لغايات حضور المؤتمر -حيث علمنا هناك أن إقامتنا مدفوعة مع فطور- وأن ما علينا دفعة هو فقط ثمن الغذاء والعشاء والمواصلات..
وكانت المواصلات هناك غالية جداً -حيث أن إيصالنا من الفندق لمكان عقد المؤتمر كان يتطلب دفع- اثني عشر دينار/ للتاكسي - في الذهاب - ومثلها في العودة - وسألنا عن مواصلات عامة فدلونا على قطار تحت الأرض، فكنا نذهب بدينارين ونعود بمثلها ولا نستعمل التاكسي إلا في حالة الاستعجال.. وبعضنا لم يركب التاكسي أبداً - بل استعمل القطار دائماً.. وبعضنا أمنته السفارة بسيارة مع سائق طيلة إقامته لحضور المؤتمر.. وبعد انتهاء المؤتمر وعودتنا للديار، حسبت المبلغ الذي صرفته فوجدت أنه هناك زيادة متبقية معي من السلفة المصروفة من الحكومة في حدود ألف وخمسمئة دينار، ذهبت في اليوم التالي وأعدتها لوزارة المالية.. وفوجئ الموظف المسؤول هناك وقال لي إنني موظف في هذه الدائرة منذ عشرين عاماً، بدأت كاتباً وأنا الآن رئيس القسم.. وهذه أول مرة يعيد فيها مندوب لحضور مؤتمر شيئاً من السلفة المصروفة له..
وخاصة أنه لا يطلب من المبعوثين سوى ورقة بأن السلفة صرفت على أغراض حضور المؤتمر..
وقلت للموظف أنني مواطن عادي.. وهذه أول مرة أذهب فيها لمؤتمر كمندوب في وفد رسمي ولا أقبل لنفسي أن استعمل المال العام وآخـذه دون حق.. وما دامت السلفة لأغراض المؤتمر- فقد صرفت منها لهذه الغاية.. أما الزيادة فهي ليست من حقي.. ولذلك فقد أعدتها.. وابتسم الموظف وقال الحمد لله أنه ما زال في الأردن من يعرف حرمة المال العام..