بالأمس اقدمت قوى الغدر والظلام وعصابات
الارهاب والدم مرة ثانية على اغتيال أحد رموز المعارضة التونسية ، وأحد قيادات القوى
التقدمية اليسارية في تونس ، محمد البراهمي ، الذي كان يشغل معارضاً في المجلس التونسي
، ومنسقاً عاماً لحزب "التيار الشعبي التونسي" ، وهو من الأحزاب العلمانية
المعارضة في تونس ، التي يحكمها الاسلاميين ، وقد استهدفه الارهاب الدموي في حي غزالة
على مرأى من زوجته وأولاده . ورغم عدم التحقق من هوية الفاعلين القتلة الا ان اصبع
الاتهام يشير الى حركة النهضة ورموزها ومن ضمنهم الغنوشي . وتاتي هذه الجريمة النكراء
بعد مرور ستة أشهر على عملية اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد ،التي نفذها اثنان
من الاصوليين السلفيين والجهاديين .
ان هذا الاغتيال البهيمي هو تعبير عن العقلية
الظلامية المستفحلة والمستشرية في المجتمع التونسي والمجتمعات العربية ، ويستهدف وأد
وخنق وكبت كل صوت انساني وثوري ونضالي وابداعي خلاق يعتبرونه خطراً على مشروعهم الاسلاموي
التكفيري، فضلاً عن ضرب ومحاصرة الثقافة المقاتلة
المناضلة المعارضة وتفريغها من روحها الوطنية الثورية ، التي تحمل في طياتها كل العناصر
الابداعية والروحية المعبرة عن طموحات واماني وتطلعات الطبقات الشعبية بالمستقبل السعيد والغد الأجمل.
محمد البراهمي، الذي طالته يد الغدر، هو من رموز المعارضة التونسية ، ومن فرسان الكلمة
والموقف الثوري ، تمتع بفكر تقدمي وعقلية منفتحة ، وهو شخصية يسارية وثورية رافضة للظلم
والقهر والعبودية والاستبداد ، ولثقافة الموت والارهاب والدمار ، كان مدافعاً صلباً عن الحرية وكرامة الانسان ، ولأجل
تنوير المجتمعات المبتلية بكارثة الجهل والتخلف والامية .
تميز البراهمي بالوضوح السياسي الطبقي وانحيازه
لقضايا وهموم المسحوقين وابتعاده عن المداهنة السياسية والفكرية ، عاش غنياً بحبه لشعبه ، وغنياً بحب الشعب التونسي
له ، اعطى حياته كلها لأسمى قضية في التاريخ ، قضية تحرير الانسان من ربقة الظلم والاستغلال
والاغتراب والاضطهاد ، وعرف بنضاله العنيد ضد قوى التعصب والتطرف الديني وثقافة الارهاب
والموت ، قكان مثلاً يحتذى ونموذجاً للثوري الانسان .
اننا ندين ونستنكر بشدة جريمة اغتيال المناضل
محمد البراهمي ونعتبرها محاولة لصب الزيت على النار ، وتندرج في محاولات قمع واخراس
الاصوات المعارضة لهيمنة واحتكار السلطة في تونس ، وهي جريمة لن تمر مر الكرام . فتونس
الخضراء التي اطلقت الشرارة الاولى لانتفاضات وثورات ما سمي بـ "الربيع العربي"
واطاحت بحكم زين العابدين تعي وتدرك خطورة جريمة الاغتيال ، وتعرف كيف ترد عليها ،
وسوف تواصل معركة التصدي ولجم قوى الظلام السلفية التي تتاجر بالدين وتتلاعب بمصائر
الشعوب ، ودفاعاً عن الوطن التونسي وحريته ومستقبله .
الخلود للشهيد محمد البراهمي ولجميع شهداء الحرية ، والخزي والعار للقوى الرجعية المتزمتة ، المعادية للشعوب وتطلعاتها المستقبلية.