ما يستوقف المراقب للأزمة المصرية هو ذلك الكم من الاجتراء والتطاول الاعلامي على حقيقة ما يجري، في محاولة للي عنق الحقيقة أو توجيه الجماهير والحشد بقصد اقصاء الاخر.
اهم مبادي الاعلام يضرب بها عرض الحائط في تغطية وسائل الاعلام المصرية والعربية لهذه الازمة، فلا حيادية ولا نزاهة ولا وقوف على مسافة واحدة من الاطراف، ما يجعل الحقيقة في غالب الاحيان غائبة .
الحق ان بداية هذا النمط من الاعلام الذي يمكن وصفه بالامهني وغير الموضوعي كانت تباشيره مع بداية الازمة، وراينا هذا الاغلاق بالجملة لمحطات فضائية تمثل الرأي الاخر، بهدف القبض على عنق الماكينة الاعلامية، ثم شهدنا هذا الانحدار الغريب في عرض الحقائق وتزييفها وطرحها اما ناقصة او محورة، فضلا عن الانحدار في اللغة المقدمة التي وصلت احيانا الى درك غير مقبول عرفاً واخلاقياً.
ما يجري على صعيد الاعلام حاليا هو معركة لا تقل قسوتها عن المعركة التي تخاض في الميادين، وتؤكد للاسف ان فكرة الصحافة المستقلة والاعلام المستقل هي ابعد ما تكون عن الحقيقة في واقعنا، خصوصاً حين يتعلق الامر بصراع على السلطة. فهذا الاعلام يتبع مموليه، ولا يجهد نفسه حتى في محاولة حمل ورقة التوت، بل يطرح الامور على عواهنها ودون اي ستار او غطاء او تجميل.
هذا السقوط الاعلامي الذي نشهده، يجري فيه استخدام كل الاسلحة والضرب في اي مكان قد يظن انه يفيد المسعى العام، وكثيراّ من هذا الضرب يجري تحت الخاصرة، دون اي اعتبار اخلاقي، وكأنها معركة يسود فيها قانون الغاب وترجعنا الى عصور ما قبل التاريخ.
ارثي لحال المشاهد الذي يقبع ساعات امام الشاشات الفضائية، ويتابع ما يكتب او يذاع، ثم تفاجئه صفعة ما من هذه الوسائل الاعلامية، صفعة موجهة الى عقله مباشرة، والى ضميره ايضاً، تريد ان تحيل الحق باطلاً واللون ابيض اسود دون ادنى مسوغ او حق. وكثير من المشاهدين والمتابعين باتوا اسرى هذا الاعلام.
اول مباديء الاعلام هو نقل الحقيقة كما هي، فماذا ينقلون لنا.. وأليس الاعلام الذي يقدمونه هو اعلان في باطنه؟.