ﺷﻜﻠﺖ ﺻﺤﯿﻔﺔ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﻋﻼﻣﺔ ﻓﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ، ﻓﮫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺎھﻤﺖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى ﻓﻲ
رﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺤﺮﻳﺎت اﻟﺼﺤﻔﯿﺔ ﻓﻲ اﻷردن، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻣﯿﻼت اﻷُﺧَﺮ "ﻳﻤﺸﯿﻦ اﻟﺤﯿﻂ وﻳﻘﻠﻦ
ﻳﺎ رب اﻟﺴﺘﺮة".
ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم، ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻓﺘﺢ ﻣﻠﻒ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وإﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ دور اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻓﯿﮫﺎ وﻣﻮﻗﻔﮫﺎ
ﻣﻨﮫﺎ، ﺧﺼﻮﺻﺎ أن اﻟﻔﻀﺎء اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﻔﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻹﺧﻔﺎء ﺷﻲء، وﻟﯿﺖ اﻷﻣﺮ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ؛ ﺑﻞ
ﻳﺘﻌﺪاه إﻟﻰ ﺗﻀﻠﯿﻞ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وﺟﻌﻞ اﻷﺑﯿﺾ أﺳﻮد واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﯿﺢ.
أﻣﺎم ھﺬا اﻟﺘﻐﯿﺮ اﻟﻜﻤﻲ واﻟﻜﯿﻔﻲ ﻓﻲ ﻃﺒﯿﻌﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﺪاوﻟﻪ اﻹﻋﻼم اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ إﻋﺎدة
اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠﮫﺎ ﻣﻊ اﻟﺤﺮﻳﺎت اﻟﺼﺤﻔﯿﺔ، وﺿﻤﻦ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻲ ھﯿﺒﺔ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﻄﺒﻮع، وﻳﺠﻌﻞ
ﻟﻪ ﻣﺼﺪاﻗﯿﺔ ﻓﻲ زﻣﻦ أﺻﺒﺤﺖ ﻓﯿﻪ اﻟﻤﺼﺪاﻗﯿﺔ واﻟﺜﻮاﺑﺖ ﻛﻠﮫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻚ.
ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﻪ أن ﺛﻤﺔ ﺧﻠﻼ ﻓﻲ اﻹدارات اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ واﻹدارﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻗﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ، وﻗﺪ ﺳﺎھﻤﺖ ﺑﺸﻜﻞ
ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﺗﺮدي وﺿﻊ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ وإدارﻳﺎ، وﻟﻜﻦ رﻏﻢ ھﺬا ﻛﻠﻪ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻣﻦ واﺟﺐ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ أن ﺗﺘﺤﺮك ﻹﻧﻘﺎذ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم"، وﺧﺼﻮﺻﺎ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻌﻤﻠﯿﺎت إﻧﻘﺎذ ﻣﺸﺎﺑﮫﺔ،
ﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ﻟﯿﺴﺖ ﺻﺤﻔﯿﺔ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﺑﻤﺆﺳﺴﺔ ﺻﺤﻔﯿﺔ، ﻟﮫﺎ ﺑﺎع ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻳﺎت واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ
اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ.
ﻗﺼﺔ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ وﻗﻮﻓﻨﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﮫﺎ، وذﻟﻚ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﯿﺜﺎق اﻟﺸﺮف اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﻈﻢ
ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻛﺼﺤﻔﯿﯿﻦ، ﻓﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺮﺑﺢ واﻟﺨﺴﺎرة ﻟﻤﺎﻟﻜﻲ اﻟﺼﺤﻒ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷھﻤﯿﺔ، وﻟﮫﻢ ﺣﻘﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع
ﻋﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﮫﻢ، وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﻘﻨﺎ ﻛﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ أوﻻ وﺻﺤﻔﯿﯿﻦ ﺛﺎﻧﯿﺎ، أن ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻨﺸﻞ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎل
اﻟﺬي وﺻﻠﺖ إﻟﯿﻪ.
وﺗﻘﺘﻀﻲ اﻟﺰﻣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﮫﻨﺔ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻋﺸﺮات اﻟﺰﻣﻼء وﻣﺌﺎت اﻷﻓﺮاد واﻷﺳﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﯿﺶ ﻣﻦ وراء ھﺬه
اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ، ھﺬا ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻤﮫﻨﻲ ﻓﻨﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺻﺤﻒ وﻃﻨﯿﺔ ﺗﺘﺤﺮى اﻟﻤﺼﺪاﻗﯿﺔ
وﺗﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﺤﺮﻳﺎت اﻟﺼﺤﻔﯿﺔ، ﻷن ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻧﮫﺞ اﻟﺘﻀﻠﯿﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ وﺳﯿﺎدة وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮ واﺣﺪة ، ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ
اﻟﻤﺎﺿﻲ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺨﺴﺮ ﻣﻨﺒﺮا إﻋﻼﻣﯿﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻀﻊ أﻳﺪﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﺧﺸﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﺴﺎرة ﻣﻨﺎﺑﺮ أﺧﺮى.
إن ﺗﺮك "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﻓﻲ ﻣﮫﺐ اﻟﺮﻳﺢ، دون ﻋﻤﻠﯿﺔ إﻧﻘﺎذ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟها، ﺳﻮف ﻳﺆﺛﺮﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ
اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ، ﻓﺒﺎﻟﻤﺤﺼﻠﺔ اﻟﻨهاﺋﯿﺔ ﺗﺒﻘﻰ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﺻﺤﯿﻔﺔ وﻃﻨﯿﺔ ﻗﺪﻣﺖ أﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ اﻷردﻧﯿﺔ وﺗﺴﺘﺤﻖ
اﻟﻮﻗﻮف ﻣﻌها .