مطحنة قهوة قديمة من النوع الذي كان يستخدمه أهلنا أيام زمان، يتراوح ثمنها في محلات الأنتيكا والتحف التقليدية وما شابه ما بين 100 و150 ديناراً.. المطحنة نفسها اشترتها صديقتي من (سوق الحرامية) بعشرة دنانير دون أي مفاصلة تذكر.. وفي سياق سردها الحكاية لي تقول إنها شهقت شهقة واضحة عندما أخبرها البائع أن سعر المطحنة 12 ديناراً، وبالكاد تمالكت نفسها وقالت له إنها لن تدفع سوى عشرة دنانير فما كان منه إلا أن قال لها مبروكة عليك المطحنة.. ولأنها لم تتأكد إن كانت شهقتها قد فضحت بعض دهشتها من فارق سعر المطحنة في المحلات (المحترمة) الغارقة بالديكورات و(البريستيج) المصطنع، وسعرها في (سوق الحرامية) فقد اكتفت بتنزيلٍ واحدٍ بالسعر واشترتها بالعشرة دنانير التي وافق عليها البائع المتخذ له ركناً في السوق الذي يحمل اسماً غريباً وطريفاً.. وفي سياق تعقيبها على القصة تؤكد لي أنها لولا شهقتها الأولى، لتسنى لها شراء المطحنة بما لا يصل، ربما، إلى ثمانية دنانير أو حتى سبعة.. وفجأة وبعد انتهائها من قصتها تصمت قليلاً.. تتأمل مفردات المكان.. وما هي سوى لويحظات حتى باغتتني بالسؤال: من هم الحرامية قولاً وفعلاً؟؟ من هم اللصوص بحق وحقيق.. الذين يبيعونك المطحنة بعشرة دنانير، أم الذين يطلبون فيها 100 دينار و150 ديناراً.. وربما متجرٌ آخر من تلك المتخصصة بأشياء من هذا القبيل كان طلب فيها، بظروف أخرى، ومن سواح (دسمين) على سبيل المثال، 200 دينار أو أكثر أو أقل قليلاً؟؟؟
أناس بسطاء.. يتعاملون مع أناس أكثر بساطة وعفوية.. يتعرض هؤلاء إلى نكسة اقتصادية أو ظروف مالية قاهرة.. يفقدون الوظيفة.. يعجزون عن تدبير قسط الولد في الجامعة.. يتأخرون عن دفع الأجرة الشهرية للمنزل الفقير الذي يقطنون.. لا يجدون سبيلاً لتسديد نفقات علاج واحد من أفراد الأسرة.. يرحل الأب فجأة.. يداهمهم المطر.. تقسو عليهم الدنيا.. وأسباب أخرى لا تعد ولا تحصى ترغمهم على بيع بعض حاجياتهم ومقتنياتهم وأغراض بيوتاتهم.. يذهبون إلى (سوق الحرامية) وأسواق أخرى حوله وقريبة منه تحمل روحه نفسها وأجواؤها أجواؤه.. يشتري أحد هذه المحلات من هؤلاء ما يعرضونه للبيع وعادة يكون السعر زهيدا إلى أبعد الحدود.. ما يقيم الأود تقريباً.. وبدورهم، يبيع أصحاب محلات (سوق الحرامية) ما اشتروه وفق هامش ربح بسيط.. وإذا بسوق بديلة تنشط.. وإذا بالفقر يجد له ملاذاً ما.. والعَوَزُ كذلك.. وإذا بـ(الحرامية) الحقيقيون هم التجار الذي يَفْجُرون حين يحددون هامش ربح فاحش مهول غير معقول ولا مقبول.. ويَفْجُرون حين يفرضون على المشترين أن يختاروا بين إما أن يكونوا (خرفان) أو أن يتخذوا قراراً نهائياً بأن (سوق الحرامية) هو الحل.. وأن الاسم الطريف الذي يحمله لا يدينه بقدر ما يدين اللصوص الحقيقيين..!!!
أناس بسطاء.. يتعاملون مع أناس أكثر بساطة وعفوية.. يتعرض هؤلاء إلى نكسة اقتصادية أو ظروف مالية قاهرة.. يفقدون الوظيفة.. يعجزون عن تدبير قسط الولد في الجامعة.. يتأخرون عن دفع الأجرة الشهرية للمنزل الفقير الذي يقطنون.. لا يجدون سبيلاً لتسديد نفقات علاج واحد من أفراد الأسرة.. يرحل الأب فجأة.. يداهمهم المطر.. تقسو عليهم الدنيا.. وأسباب أخرى لا تعد ولا تحصى ترغمهم على بيع بعض حاجياتهم ومقتنياتهم وأغراض بيوتاتهم.. يذهبون إلى (سوق الحرامية) وأسواق أخرى حوله وقريبة منه تحمل روحه نفسها وأجواؤها أجواؤه.. يشتري أحد هذه المحلات من هؤلاء ما يعرضونه للبيع وعادة يكون السعر زهيدا إلى أبعد الحدود.. ما يقيم الأود تقريباً.. وبدورهم، يبيع أصحاب محلات (سوق الحرامية) ما اشتروه وفق هامش ربح بسيط.. وإذا بسوق بديلة تنشط.. وإذا بالفقر يجد له ملاذاً ما.. والعَوَزُ كذلك.. وإذا بـ(الحرامية) الحقيقيون هم التجار الذي يَفْجُرون حين يحددون هامش ربح فاحش مهول غير معقول ولا مقبول.. ويَفْجُرون حين يفرضون على المشترين أن يختاروا بين إما أن يكونوا (خرفان) أو أن يتخذوا قراراً نهائياً بأن (سوق الحرامية) هو الحل.. وأن الاسم الطريف الذي يحمله لا يدينه بقدر ما يدين اللصوص الحقيقيين..!!!