وقف الشعب الاردني منذ البدايات الى جانب الشعب الليبي في ثورته على نظام العقيد معمر القذافي ، وكان الاردن الرسمي من اوائل الدول العربية التي اعترفت بالمجلس الانتقالي الليبي، وارسل العديد من المساعدات اللوجستية الى مدينة بنغازي للتخفيف عن الليبيين ومساعدتهم، منها مستشفى ميداني بقي يعمل حتى وقت قريب.
هذا الموقف الاخوي الاردني لم يقف عند هذا الحد، فقد فتح الاردن ذرائعيه لاستقبال الجرحى الليبيين ومعالجتهم في مستشفياتنا، لدرجة ان جاء وقت اضطرت فيه العديد من المستشفيات الى وقف العمليات البسيطة وتأجيلها لكي يتفرغ الكادر الطبي لمعالجة الجرحى الليبيين الذين توافدوا بالالاف.
كما فتح الاردن معسكراته لتدريب الجيش والشرطة الليبيين ليكونوا عماد شرطة وجيش ليبيا الجديدة.
وعلى الرغم مما قدمه الاردن ويقدمه، بما في ذلك اسناد الليبيين بالخبرات الضرورية لمرحلة البناء، الا اننا لم نر اي تفاعل ليبي مع الاردن في ازمته الاقتصادية، بل كانت ليبيا مسارعة الى دعم مصر وتونس وحتى مورتانيا، في حين وقفت موقفاً محيراً ازاء الاردن، اللهم الا اذا عد فتح ليبيا للاردنيين بدون تاشيرة ، مساعدة للاردن، والامر ليس كذلك، كون العديد من الاردنيين الذين جازفوا بالسفر الى ليبيا عادوا دون ادنى امل بعودة، لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا، وان كان لزاما ذكر تعرض اردنيين لاعتداءات شتى هناك، بل ان احدهم خطف، وطالبت المليشيا التي اختطفته ذويه في الاردن بدفع فدية.
والانكى ان ليبيا الجديدة لم تقدم الشكر ولا حتى المعنوي، للاردن والاردنيين، لما قدموه لثورة ليبيا، الشكر الذي يتناسب مع ما قدم ، ولسان حال مسؤولي ليبيا الجديدة، ان يشيحوا بوجوههم كلما ذكر اسم الاردن.
قد يقول قائل ان ليبيا ليست مستقرة الان لتسهم في اسناد الاردن، وهذا صحيح جزئياً، ولكن لماذا ترسل المساعدات والاستثمارات الى دول بعينها، منها الصومال مثلاً، بواقع 100 مليون دولار، التي تندر الليبيون بشأنها، في حين ان الاردن يبقى خارج هذه الحسبة. بل إن لمؤسسات اردنية ديوناً على ليبيا واجبة الدفع، لم تحصل حتى تاريخه.
استغرب هذا النكران والجحود الذي يواجه به الاردن، من الذين وقف الى جانبهم ، ورغم ان وقفته تلك كانت انسانية الطابع، فالاردن تاريخيا يقف الى جانب اخوته، ولكن استثناء الاردن من المساعدات والاستثمارات الليبية، في حين تسيل انهاراً الى دول اخرى، ووضعه الاقتصادي حرج وبحاجة الى وقفة وفاء، يؤكد ان وراء الاكمة ما ورائها، او ان عدم الوفاء طبع فيمن حكموا ليبيا.
هذا الموقف اقل ما يقال فيه انه معيب، ولكن كيف ترجو موقفا غيره ممن اثبتوا انهم خارج اي سياق انساني.