أخبار البلد - خالد ابو الخير
من لم يقرأ في التاريخ لم يحز قسطاً من الثقافة. عبارة رددها احد المفكرين، وأولاها الدكتور عوض خليفات عناية خاصة، فمن لم يمتليء بالتاريخ بقي أخف من أن يكون.
ثقافته الواسعة واطلاعه الدائب يجعل منه شخصية تتميز بعمق رؤيتها، مع تنويع ثر على طيبة أهل الجنوب.
ولد الدكتور عوض خليفات عام 1945 في وادي موسى التي تتفجر ينابيعها في عمق الصحراء، على مقربة من عاصمة الأنباط، ذات الينابيع الإنسانية التي لا تجف قط.
لطالما تأمل الجبال الرواسي في تلك الأمداء، وما قده الأنباط من صخر، وشكلوا، وبنوا.. فصار الصخر رؤيا جمالية، وفناً وحضارة.
طفولته لا شيء يميزها، فقد رزح في شظف العيش حيناً، وفي الامل أحيانا، وكلما سار على رجليه إلى مدرسته، في حر الصيف أو برد الشتاء، و بدت الطريق بعيدة والرحلة شاقة، أنما درج، شأنه دائما، أن يستمتع بجماليات الطريق.
انتقل في رحلة تعليمه من وادي موسى إلى كلية فيصل الثاني في عمان التي لطالما منى النفس بزيارتها، وعشقها من أول مرة، وحصل على شهادة الثانوية العامة وكان من أوائل المملكة.
محطته الثانية كانت الجامعة الأردنية التي التحق بها طالباً ، وحاز منها شهادة البكالوريوس في التاريخ وبتقدير ممتاز والأول على القسم ، وكان ذلك في العام 1967.
عمله واجتهاده أهلاه للحصول على منحة دراسية على نفقة المجلس الثقافي البريطاني لدراسة درجة الماجستير من جامعة لندن في بريطانيا ، ثم اكمل الدكتوراه على نفقة الجامعة الاردنية وكان ذلك بين عامي 1969-1973.
عاد الى الاردن في مقتبل الأمل، وبدأ حياته العملية والعلمية حين عين في قسم التاريخ برتبة أستاذ مساعد ثم استاذا مشاركا ، و ترقّى بعدها إلى رتبة أستاذ ، الى ان عهد اليه برئاسة قسم التاريخ في الجامعة الاردنية بين عامي 1979-1982 .
في العام 1986 ، عين نائبا لرئيس جامعة اليرموك ولمدة عام واحد. كما عين ئيس اللجنة الاولمبية الاردنيــة :1988 - 1993 (مرتين )، وجاء رئيسا لجامعة مؤتة بين عامي 1989-1991 ،ورئيس مجلس التعليم العالي :1991 – 1993.
مع عودة الديمقراطية عام 1989، اختير خليفات عضوا في لجنة صياغة الميثاق الوطني عام 1991.
مشواره النيابي ابتدأ عام 1993، عندما ترشح بإجماع شعبي وفاز بعضوية مجلس النواب وحمل عدة حقائب وزارية.
.
واحد من المناصب المهمة التي تبوأها أبو محمد كان وزارة الداخلية في حكومة الثورة البيضاء التي ترأسها عبد الكريم الكباريتي. لكن خليفات لم يكمل مشاوره معها .
عين وزيرا للتعليم العالي والشباب في حكومات متعاقبة ، وجاء نائبا للرئيس مرتين، أخرها في حكومة عبد الله النسور الأولى.
في كل مواقعه كان خليفات رجل دولة، مسؤولاً، ومخططا استراتيجياً يعز نظيره.
حاز العديد من الأوسمة لكن ارفعها على الإطلاق ما قاله الملك الحسين رحمه الله عنه: " انه رجل نظيف اليد، وأتمنى أن يكون كل رجالات الأردن أمثاله".
تردد اسمه كثيراً في "مشاورات تشكيل الحكومة البرلمانية"، لكن ظروفا خاصة، وطبيعة الحكومة المراد تشكيلها، وتحالفات، حالت دون ذلك، كما يقول احد متابعيه.
لخليفات عشرات المؤلفات التاريخية بمنظور علمي، التي جعلت من اسمه حاضراً من المحيط إلى الخليج.. وما زال يوسع المدى للناس كتابة وإبداعاً.
الفتى الاسمر، غض الاهاب، الذي جاء من وادي موسى الى عمان، ديدنه العمل وتوسيع الافاق، لا يكل وإن كلوا..