لم تمنعه حرارة الشمس في ساعة الظهيرة من التنقيب بجد في حاوية القمامة في أحد ضواحي عمان الغربية، بل على مدار الساعة هو وأصدقاؤه يتناوبون على ذلك فمنهم من يعمل منذ الفجر وآخر يبدأ في ساعات الظهيرة.
خالد عواد الذي رفض أن تنشر صورته لكنه، وافق على نشر اسمه، يلقي باللوم على المجتمع ونظرته لمن ينقبون في حاويات القمامة، جازما بأنها مهنة مهمة ولا تختلف كثيراعن أي عمل، لكنه أضطر لوضع غطاء على رأسه يتدلى مغطيا نصف وجهه، ينزعج من صراخ والده المتكرر يحثه دائما على الاسراع ليستطيعا اللحاق وتفقد الحاويات التالية.
يقول "طلبت منه أكثر من مرة أن لا يذكر اسمي بسبب اصدقائي لكني الآن سأكون مشهورا عندما يقرؤوه بعد النشر".
يستغرب كثيرون استمرار عمليات التنقيب في الحاويات على مدار الساعة على اعتبار وجود أناس ينتقون ما يأكلونه وليس لغايات البيع لإعادة التدوير، وترسخ الاعتقاد لدى شريحة كبرى من السكان أن من يبحثون في القمامة هم فقراء.
بيد أن لا خيار لعواد سوى التنقيب في الحاويات وجمع الأوراق فهو الولد الوحيد الذي يعتمد عليه والده ولم يعد يذهب إلى المدرسة التي تركها في الصف الرابع يقول:"كنت خائفا البداية لكنني اعتدت الأمر"، لا يخفي سعادته بأن والده يعتمد عليه.
يبدو أن عواد تعرض للشمس كثيرا فسمرة بشرته تعكس عملا شاقا يتركز في ساعات النهار، ومع انه معروف ان الباحثين داخل الحاويات يرغبون بالعمل ليلا وفي ساعات الفجر، يكشف عواد بان والده متخصص بجمع الاوراق وصناديق "الكرتون" الفارغة وهي غالبا ما تتراكم نهارا بسبب افراغ أصحاب المحال التجارية لبضائعهم منذ ساعات الصباح.
وبالقرب من مركبة متهالكة "بيك أب" اصطفت منتصف الشارع ينشغل والد خالد بوضع مجموعات "الكرتون" في طبقات بعد أن جهزها ولده بشكل مناسب لكي تتسع المركبة لأكبر قدر ممكن.
حال عواد كحال كثيرين ممن ينقبون في النفايات ويقومون بإعادة فرزها بشكل بدائي فهنالك من يجمع الزجاج وآخرون يبحثون عن البلاستيك والخردوات من حديد والمنيوم.
تقدر أمانة عمان حجم النفايات الصلبة التي تجمعها البلديّات ومجالس الخدمات المشتركة بنحو 1.67 طن سنويا، بينما قدرت دراسة أعدها مكتب برنامج الأمم المتحدة للتنمية "UNDP" في الأردن كمية النفايات المنزلية بـ1.4 مليون طن سنويا.
وبرزت تلك المهنة بشكل ملفت في السنوات القليلة الماضية بعد أن بلغت أسعار الورق والمعادن مستويات قياسية عالميا بسبب قلة الانتاج وأزمات مالية عالمية ضربت معظم البلدان.
يامل عواد أن يمتلك شركة كبرى لإعادة تدوير النفايات ويكون له اسطول من المركبات وآلاف العمال: يقول "هاي الشغلة – هذه المهنة تدر الكثير من الأموال ولا نرضى باقل من 30 دينارا باليوم".
وفي بلد يعتمد على أكثر من 95 في المئة من مستورداته من المشتقات النفطية وتعاني موازنة الدولة من عجز مزمن فإنه يفتقر لوجود نظام تدوير نفايات متكامل باستثناء مصانع متواضعة في المنطقة الحرة في الزرقاء وما تقوم به أمانة عمال وإلا فإن الطريقة المعتمدة للتخلص من النفايات هي طمرها.