|
حالات الغش في امتحان التوجيهي وإدخال أجهزة الهواتف "والواتساب"، وتصوير الأسئلة وإرسالها إلى معلمين متخصصين لحلها ومن ثم إعادتها للطلاب وبيعها خلال أقل من نصف ساعة على بداية الامتحان عملية تقنية يمكن لوزارة التربية السيطرة عليها، لانها تُجرى على مرأى وبموافقة المراقبين ورؤساء القاعات. حتى تَسرُّب الأسئلة قبل توزيعها في بعض المباحث، لا يمكن أن يكون مجهولا وغير معلوم المصدر ما دام محصورا بعدد من الموظفين ؟؟
القصة لا تكمن في مَـنْ يُسرِّب ولِمَن. القضية تكمن في المبررات التي دفعت بهؤلاء إلى تجاوز معاني القسم وحرمة الامتحان وعدالة الفرص للجميع والاجتهاد والتعب والعدل والمساواة !!! والسؤال حول المنطق الذي يتسلح به هؤلاء ليجيزوا تحطيم نظام تعليمي طالما نال ثقة المجتمع العربي بأسره، لنرى أن هذا المنطق يحتاج إلى دراسة وعلاج حقيقيين من وزارة التربية والتعليم وعدم الاكتفاء بالاستنكار والرفض والنفي. "أبناء المسؤولين والأغنياء والفاسدين في عمّان ليسوا أفضل منّا "، سؤال موحّد نجده على ألسنة الطلبة أو عدد من المعلمين والمراقبين و الأهالي في مناطق متعددة من الوطن، ويكرّرون مقولتهم: " الاسئلة تصل أبناء الذوات لمنازلهم ، لتأتي معدلاتهم العالية مقابل الثمن على حساب أولادنا .."..الخ . فهذا تشكيك وعدم ثقة، وانطباع سائد بتغول الأقوياء والأغنياء حتى على امتحان التوجيهي، وهذا فكر اجتماعي عدواني لا يجوز السكوت عليه. لأنه دفع بهؤلاء جميعا لأن يَتَحَدُّوا القانون والنظام والقسم. فشعورهم المتجذر بعدم المساواة والظلم وعدم العدل كفيل بتعزيز عدم الثقة لديهم حتى بأن هذه الأنظمة قادرة على نصرتهم. القضية تكمن بالنظام العام والإحساس العام والانطباع العام ، فانظر للجامعات واسأل عن مقاعد الطب والهندسة وقارنها بمعدلات القبول وسترى الفارق ، انظر إلى الظروف التي تعيشها مدارس المملكة الحكومية ومدارس القطاع الخاص في عمّان وسترى الفارق الكبير ، قارن بين أوائل التوجيهي بالتخصصات كافة وأعداد من حصلوا على أكثر من 90 % في المدارس العامة والخاصة وستتبيّن جواب السؤال . المواطنون في معان والكرك والسلط وإربد والمفرق والزرقاء والطفيلة لا يملكون القدرة لإنشاء مدارس كالاتحاد وأكسفورد والانجليزية والمنتسوري والصرح، والدولية ..إلخ، بل لا يستطيعون تأمين الرسوم المدرسية لعدد من ابنائهم مع فتح المدارس أو حتى مصروفهم اليومي. وسط هموم المعلم المثقل بالمتطلبات والتحديات ومصاعب الحياة والجوع والفقر وظروف المدرسة التعليمي وذلك في العديد من الأماكن النائية . فالمعلم محبط والمدير محبط والطالب محبط والأهالي محبطون ، فكيف نريد من هذه المجموعة ان تبدع وتعطي وتتنافس مع أبناء المدارس الفارهة !. نعم إنها نتيجة حتمية لسياسة التجاهل الحكومية تجاه المناطق خارج عمّان ، فالخروج على القانون والنهج القويم هو بمثابة قضية يتصارع فيها الحق مع المنطق ، فلهؤلاء الناس منطقهم الخاص بنوه بقناعة الواقع ، ومعالجته لا يكمن بتشديد الرقابة والعقاب واظهار القوة والتخويف ، فكل هذه الادوات لا تثني ابا بائسا يحس بالظلم من ان يقتحم كل هذه الادوات ويتجاوزها ، لهذا فان واجب التربية والتعليم خلع هذا الانطباع ، من اذهان المعلمين والطلبة قبل الاهالي وزرع روح العدالة والمساواة ووضع برامج مساندة تكميلية تأخذ بالاعتبار فروق المناخات وأدوات التعليم وتوفير فرص شبه متساوية، فكيف نريد لابن الرمثا الذي يشارك 55 طالبا في الصف أن يحقق مثل ما يحقق ابن مدارس الاتحاد أو المنتسوري او الامريكية او لانجليزية ..الخ . آن الاوان ان نضع آلية تعكس قدرات وطموحات ورغبات الطالب، كما هي الحال في معظم دول امريكيا واوروبا ، فيتخصص الطالب بمراحل المدرسة الأخيرة ، آن الاوان ان لا يكون التوجيهي سنة رعب للطالب والاهل والمجتمع !، آن الاوان ان يكون امتحان القدرات والرغبة هو الفيصل وليس التحصيل ، فكيف سيبدع الطالب الذي حصّل في الثقافة والدين والعربي والكيمياء والاحياء ، وعلوم الارض على علامات كاملة ويقوم بدراسة الهندسة المدنية، خاصة ان تحصيله في الفيزياء والرياضيات غير مقنع؟. نظام الوجيهي بمجمله يحتاج إلى إعادة فك وتركيب من جديد ، ووضعه عى سكة العدالة والمساواة ، فهذا بدوره قادر على إيقاف تزايد ظاهرة التجاوز ، وإعادة هيبة الامتحان. عدنان سعد الزعبي |
||
ماذا يُجرى في قاعات التوجيهي
أخبار البلد -