كالعادة رضخت الحكومة للضغوط وقررت تجزئة خطة معالجة تشوهات الدعم في الكهرباء حتى العام 2017 , وهي بذلك لم تتخذ القرار الجريء لمصلحة الاقتصاد كما وعدت بل على العكس فقد إختارت الترحيل كما فعلت سابقاتها .
تجزئة رفع الدعم عن الكهرباء لمديات طويلة سيعرض برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي وضعته والتزمت به هذه الحكومة الى شكوك في حسن التنفيذ والثمن كما هي العادة الخزينة التي إعتاد المستهلك مهما كانت الشريحة التي ينتمي اليها أن ترعاه من المهد الى اللحد في بلد لا تتوقف أزماته الإقتصادية عند حدود الطاقة فحسب , ففي قصة المياه والخبز ما هو أسوأ .
أخشى أن يكون ثمن تمرير الموازنة تجميد الإصلاحات الضرورية في هيكل أسعار الكهرباء , بينما هناك من يسأل لماذا ترتفع المديونية , وهناك من يلوم عجز الحكومة عن جلب الإستثمارات وتأمين المساعدات !!
اعتدنا في كل مرة تتجه فيها الحكومة لإتخاذ قرارات تصحيحية أن تطلب فيها تقديم مقترحات محددة كبدائل للدعم العام أن لا تحصل الا على احتجاجات رافضة أو كلام عام وكثير من النقد , لكن الجديد في هذه المرة هو أنه بالرغم من أن الحكومة التي تنازلت الى الحد الأدنى , الى سيناريو لن يحل سوى 2% من المشكلة إضطرت لإتخاذ قرار مؤجل التنفيذ .
في نهاية المطاف على أن تمارس سلطتها الدستورية لحماية الإقتصاد والخزينة وتأمين مواطنيها وترحيل الحلول ليس حلا وإبقاء الدعم العام على حاله ليس حلا كذلك , والمطلوب حلول واقعية وان كانت جراحية , ولو أن الحكومة لم تستجب في وقت سابق للضغوط بتثبيت أسعار المحروقات لما بلغت الفجوة بين الكلفة واسعار البيع ما بلغت ولما بلغت ديون الكهرباء ما بلغت والأمر ذاته ينسحب على الخبز , ولو أن الحكومات السابقة إتجهت الى حل مشكلة الدعم العام لما بلغت الفجوة فيه ما بلغت ولما تراكمت المشكلة عندما كان الحل فيها مقبولا .
لم يعد مقبولا التلويح بعصاة محاربة الفساد لوقف الإصلاح الاقتصادي ولم تعد إسطوانة إستعادة الثروات المنهوية مقبولة في سياق الترهيب كما لم يعد مقبولا من الحكومة إرجاء إتخاذ القرارات الضرورية إرضاء للرافضين , فهؤلاء لا يسددون عجز الخزينة .
qadmaniisam@yahoo.com