في تركيا انتفاضة شعبية ضد رئيس الوزراء أردوغان، بدأت للاحتجاج على تحويل حديقة عامة إلى مول تجاري، وتطورت للمطالبة برأس أردوغان ونظام حكمه، فهل هي بداية ربيع تركي يمكن أن يعصف بنظام الحكم القائم..؟
كثيرون يتمنون أن لا يكون الأمر كذلك، فتركيا دولة ديمقراطية يثبت نجاحها أن الديمقراطية يمكن أن توجد وتصمد في دولة إسلامية، وسيكون من المؤسف انحسار هذا المثال شبه المنفرد.
كذلك فإن تركيا قصة نجاح اقتصادي، فقد ارتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي في تركيا ليحتل المركز 17 عالمياً، ولكن كثيرين يقولون أن هذا النجاح إعلامي أكثر مما هو واقعي، فما زال الفقر والتخلف سائدين في تركيا على نطاق واسع.
أردوغان تصرف بعنجهية سياسية، وأراد أن يمثل دور سلطان عثماني، وقد نجح مؤقتأً في كسب شعبية واسعة في المنطقة على ضوء اتخاذ مواقف إعلامية حازمة من إسرائيل، ولكن تعكير العلاقات بين البلدين كان سحابة صيف انقشعت بوساطة أميركية.
الذين يرفضون فكرة تشبيه ما يحدث في تركيا بالربيع العربي يقولون بحق أن تركيا ليست مصر وليست ليبيا أو سوريا، وهذا صحيح، وكنا نسمع مثله أن مصر ليست تونس، وأن سوريا ليست ليبيا، وهذا صحيح أيضاً، فلكل بلد خصائصه ولكن العامل المشترك وجود شعوب تتململ وترغب في الانعتاق من ربقة الاستبداد.
الثورة التي حققها حزب الحرية والعدالة التركي لا تكمن في النجاح الاقتصادي، فهذا مرحب به ومصدر قوة، ولا في التحول الديمقراطي، فهذا أيضاً مطلوب لذاته، الثورة التي حققها الحزب هي إحداث قطيعة مع تركيا اتاتورك العلمانية وإعادة الاتصال مع تركيا العثمانية.
في تركيا قوى كبيرة تتمسك بالعلمانية، وفي مقدمتها أحزاب المعارضة التي تمثل 40% من الشعب التركي والقوات المسلحة المناط بها حماية العلمانية بنص الدستور، هذه القوى لا ترغب في إحياء التراث العثماني الذي ارتبط بالتخلف والفساد.
الموقف العربي تجاه أحداث تركيا مختلط، ويعتمد أساساً على الموقف تجاه ما يحدث في سوريا، فالذين يؤيدون المعارضة المسلحـة يتعاطفون مع أردوغان، أما أنصار صمود النظام السوري فلا يخفون سعادتهم بما يحدث في تركيا، بما في ذلك أساليب القمع ضد المظاهرات السلمية التي تسحب من أردوغان حق انتقاد القمع السوري، خاصة بعد أن وصف أردوغان المتظاهرين بأنهم لصوص!.
في العالم العربي توجس من دول الجوار التي تنظر إلى الأرض العربية كغنيمة تستطيع أن تقتطع منها شيئاً: إسرائيل اقتطعت 80% من فلسطين وتتطلع لابتلاع الباقي. وتركيا ذهبت بلواء الاسكندرون وتتطلع إلى حلب والموصل. وإيران ضمت عربستان والجزر الإماراتية الثلاث وتتطلع إلى البحرين. وحتى اثيوبيا تخطط لاقتطاع مياه النيل على حساب حصة مصر.