لم يتجاوز عدد النواب الذين حضروا الجلسة الخاصة للاستماع لوجهة نظر الحكومة حول الية رفع اسعار الكهرباء 40 نائبا، نصفهم انسحب في بداية اللقاء، وهو ما ينذر بازمة كبيرة قادمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الايام القليلة المقبلة.
نعم.نقول انها ازمة قادمة لانها تاتي في الوقت الذي بدا مجلس النواب في مناقشة القانون المؤقت لموازنة الدولة لسنة 2013، وهي مناقشات لا تقل سخونة عن جلسات الثقة التي يسارع فيها النواب الى نقد كل صغيرة وكبيرة على البيان الحكومي.
رفض النواب لمناقشة الحكومة حول قضية رفع اسعار الكهرباء، وعدم الاستماع الى مبررات الحكومة في هذا الشان، قبيل يوم واحد من مناقشة الموازنة، يعني ببساطة ان هناك احتمالا كبيرا ان تدخل الخطة المالية للدولة في نفق مظلم.
موازنة 2013 تعتمد في فرضياتها الاساسية للوصول الى الايرادات المقدرة لهذا العام على رفع اسعار الكهرباء التي من المرجح ان ترفد الخزينة بما يقارب ال130 مليون دينار في هذه السنة.
رفض مناقشة مبدأ رفع اسعار الكهرباء من قبل النواب، يعني ان هناك اجواء مخيفة ستحيط بمناقشات الموازنة العامة والتي من المتوقع ان تستسمر اسبوعين، وبالتالي فان سلوك النواب الحاد تجاه قضية رفع اسعار الكهرباء قد ينتقل الى الموازنة العامة، مما سيضعها في ورطة حقيقية.
الموازنة العامة لسنة 2013 مضى على تنفيذ قانونها المؤقت اكثر من ستة اشهر، وبالتالي فان تعطيل النواب لها يعني ان السلطة التشريعية لخبطت كل اوراق الحكومة، بما في ذلك الية الصرف والانفاق المالي، لانه سيبعث رسالة للحكومة بان الوضع المالي للفترة الماضية سيكون محل تساؤل.
رفض الموازنة من النواب او اجراء تعديلات جوهرية عليها الان سيفتح النار على كل المشاريع التي تم البدء بتمويلها في الاشهر الستة الماضية، وهو ما قد يهدد علاقة الاردن بالمانحين الذين قدموا تمويلا لتلك المشاريع، ويعرقل استكمال باقي قدوم المنح للمملكة.
رفض الموازنة يعني ان الحكومة فقدت الثقة التي كانت قد حصلت عليها قبل ثلاثة اشهر تقريبا، وهو ما سيلخبط كل اوراق السلطتين التنفيذية والتشريعية معا، مما ينذر بارتفاع وتيرة النقاش بين الجانبين وتصاعدها تجاه القضايا التي تحتاج الى حسم.
كان بامكان الحكومة تجنب الاحراج الذي وقعت به مع النواب الذين يصرون على رفض رفع اسعار الكهرباء، لاعتقادهم ان الحكومة رمت القرار غير الشعبي في مرماهم، وكان بامكانها الاستماع الى نصيحة بعض الجهات التي طالبت الحكومة بالكف عن الحديث حول رفع اسعار الكهرباء ليل مساء، والانتظار الى ما بعد منتصف شهر اب المقبل، لتنتهي الدورر العادية للنواب، ولا يكون هناك دورة استثنائية، وتقوم الحكومة حينها باتخاذ قرارها الخاص بالكهرباء، وبعدها تاتي الدورة العادية في الاول من شهر كانون اول المقبل، وقتها ستكون الحكومة ملزمة بتقديم مشروع قانون موازنة 2014 لمجلس النواب، وينتهي موضوع الجدل حول رفع اسعار الكهرباء، لكن تسير الرياح بما لا تشتهي السفن.