إن نصب الباتريوت الأميركي في ديارنا ليس شأنا اعتياديا ولا محايدا ولا يبدو المقصود منه حماية الأردن؛ فالمرحلة الأولى من الحرب على سورية باستخدام الإرهابيين والمرتزقة، فشلت كما هو واضح، ولم يعد هناك إلا الحرب الأميركية ـ الإسرائيلية المباشرة باستخدام الطائرات والصواريخ. هل نحن بصدد المشاركة في هذه الحرب؟ هذا هو السؤال الرئيسي الذي يطرح ويجيب على الأسئلة الأخرى. في هكذا حرب، سيكون الباتريوت، بالطبع، ضروريا لحماية القوات الأميركية من ردود الفعل السورية. وإذا كان خيار المشاركة في الحرب، بالنسبة إلينا، غير وارد، فلن نكون بحاجة للباتريوت مطلقا، لأن دمشق لن تطلق باتجاهنا حتى طلقة خرطوش. آه ...يقال إن الصواريخ السورية قد تقع في أيدي مجموعات مسلحة! متى ذلك؟ الآن، بعدما لم يعد أمام تلك المجموعات سوى الهزيمة والانهيار والفرار؟ يتصدى باتريوت للصواريخ البالستية ، ويشكّل في الأردن جدارا أماميا ، قبل القبة الحديدية الإسرائيلية. أين نحن ؟ ومع مَن؟ وما هو دورنا؟ وهل نزمع فعلا أن نحارب أنفسنا واستقرارنا وعروبتنا ومصالحنا الاستراتيجية بتقويض الجمهورية العربية السورية؟ باتريوت ربما تحمينا من صاروخ، لكنها لن تحمينا من التداعيات الوجودية و الأمنية والسياسية والاقتصادية، للحرب على سورية. هل ستحمينا، مثلا، من تدفّق الإرهابيين على ديارنا؟ وهل تحمينا من تهجير المخيمات الفلسطينية في سورية إلى بلدنا؟ وهل تحمينا من إمارات الظلام التي ستنشأ على حدودنا في أعقاب الحرب؟ وهل نحن في منجاة منها، ومن آثارها؟ ثم مَن قال إن حربا نظامية جديدة على سورية، ستنتهي بسقوط النظام السوري؟ هل حسبتم احتمالات الحرب الإقليمية وربما الدولية الشاملة؟ ووسط هذه المعمعة، هل يحمينا الباتريوت أو المارينز؟ ما يحمينا هو فقط حيادنا. الحرب أكبر منا وليس لنا أية مصلحة لا في خوضها ولا في تقديم التسهيلات لخوضها. وإذا ما تورّطنا، سنكون قد أدخلنا بلدنا في الفوضى الإقليمية و السياسية والإرهابية، وسنكون نحن مَن سيدفع أقسى فواتير الحرب، الوطن البديل؛ فنحن من دون حلفاء ... حليفنا الدولي الرئيسي هو نفسه عدونا الرئيسي لأن خطته الواقعية الوحيدة لحل القضية الفلسطينية هي في العمق الخطة الصهيونية للوطن البديل، في حين أن " حلفاءنا" الإقليميين في الخليج لا يركن، موضوعيا، إليهم، هذا إذا كانوا معنيين حقا بنا. |
||
باتريوت
أخبار البلد -