فقد الأردن وفلسطين ، هامة نقابية مشهود لها بالحضور والأيجابية ، قلما تتوفر في ذات إنسانية كتلك التي ميزت المهندس الراحل إبراهيم أبو عياش ، وطبعت صفاته وسلوكه السياسي والنقابي والمهني ، فقد كان أردنياً حتى النخاع ، وفلسطينياً حتى الأنصهار ، وبروح عربية قومية ، تتجسد فيها قيم التوافق والأنسجام ، كعوامل طبيعية مكملة لبعضها ، بلا تردد أو تكلف أو إدعاء .
لم يتوقف أحد ، ليشكل مأخذاً عليه ، لأنه جمع في شخصه ، نقيباً للمهندسين الأردنيين ، ورئيساً لإتحاد المهندسين العرب ، وعضواً في المجلسين الوطني والمركزي الفلسطينيين ، الذي يجسد وحدة الشعب العربي الفلسطيني في أماكن تواجده داخل الوطن وخارجه .
في مرحلة ما قبل إسترداد شعبنا لحقوقه الدستورية عام 1989 ، عام الإنتخابات النيابية ، وإلغاء الأحكام العرفية ، وترخيص الأحزاب السياسية ، في تلك المرحلة كان عنوان المعارضة السياسية هو مجمع النقابات المهنية بقياداته القومية واليسارية ، وكان للنقباء الكبار سليمان الحديدي وإبراهيم بكر وحسن خريس وإبراهيم أبو عياش وغيرهم الدور البارز ، في تأييد سياسات ، وفي شجب سياسات ، وكان الثقل الذي أوجدوه لأنفسهم ، والقيمة المعنوية والمادية لمواقعهم ، سواء أمام شعبنا ، أو أمام الدولة ، ما جعلهم ذوات رصينة ، كان ينظر لها الراحل الملك حسين بالتقدير والأحترام ، وكثيراً ما شهدت ذلك في إجتماعات سياسية ، عملت لها أو شاركت بها ، مما وفر لي فرصة الشهادة أو نزوع التعلم من هؤلاء ، في حضرة الحسين وأمامه .
لقد فقدت الحركة السياسية والنقابية الأردنية والفلسطينية ، برحيل إيراهيم أبو عياش ، معلماً كبيراً الألمعي مهنياً ، والجامع نقابياً والواضح سياسياً بدون حدة وإستعلاء ، بل عبر تواضع جم رغم إمكاناته المتقدمة على الأخرين ، علماً ومهنية وسياسة ، وقد كان له الباع الطويل ، في تحقيق أخر إنجازاته عبر التوصل إلى إتفاق تعديل النظام الداخلي لهيئة المكاتب الهندسية ، مع مجلس نقابة المهندسين الذي تجاوب مع وساطة قادها مع أخرين أدت إلى تشريع النظام الذي سيعطي العمل الأستشاري الهندسي في الأردن قفزة مهنية ونقابية إلى الأمام .
مثلما كان له الباع الطويل ، في ترتيب الأوضاع الداخلية في ما يسمى إجتماع " مرمرة " ، الذي أدى إلى نجاح الطاقم النقابي الذي يقود هيئة المكاتب الهندسية اليوم إعتماداً على إفرازات الإنتخابات الداخلية للتجمع النقابي السياسي الذي يمثله القائد النقابي قاهر صفا .
رحم الله إبراهيم أبو عياش ، وعزاء محبيه في الأردن وفلسطين أن شعبنا هنا وهناك قادر على مواصلة الطريق الذي خطه الفقيد الكبير من أجل الأردن وإستقراره وتعدديته وإحتكام مؤسساته لصناديق الأقتراع ، ومن أجل حرية فلسطين وإستقلالها وعودة شعبها اللاجئ إليها ، فالعديد أمثال أبو العبد ، شموع ، سعت لتبديد الظلام واليأس ، نحو مواصلة الطريق وصولاً نحو الهدف .
h.faraneh@yahoo.com