رئيس الحكومة خائف ومرعوب على مصير البلد, وهو لا يتوقف عن الحديث حول الأزمة المالية والديون والدعم الذي تقدّمه الحكومة للمواطنين, وتراجع ناتج النمو المحلي إلى النصف تقريبا. وقد وجدها فرصة في البحر الميت لمزيد من الشكوى والتباكي على حال البلد اقتصاديا, وقبل ذلك في محافل أخرى طلبا لمساعدات عن استقبال اللاجئين, غير أنّ كل ذلك على ما بدا لم يُجدِ ولم ينفع, إذ إنّه ذاهب نحو رفع أسعار الكهرباء لحلّ مشكلة 150 مليون دينار تقريبا, يقول إنّ الحكومة تتحمّلها خسائرا في شركتها, وبات لزاما أن يتحمّلها المواطن طالما أنّ أحدا ممّن شكونا لهم الحال قد فتح لنا محفظته, ومن فعلوا فكان لدراهم لا يجيد الرئيس نفسه فكّ طلاسم إنفاقها أو اختفائها.
يدرك الرئيس عبد الله النسور أنّ الأردن ليس جزءا من أيّة منظومة أو تكتل كما هو حال دول الخليج أو الاتحاد الأوروبي, وأنّه ليس هناك من هو ملزم بإنقاذ الاقتصاد وحلّ مشكلة الديون والعجز ممّن نسميهم الأصدقاء والأشقاء, وأنّه في أحسن الحالات تأتي المساعدات بالقطّارة لسدّ حاجة هنا وأخرى هناك، وليس لإطار مشروع إنقاذ كما يحصل للبرتغال واليونان أوروبيا وربما البحرين خليجيا. وأنّه أيضا لا رفع أسعار الكهرباء ومعها الماء والهواء سيحلّ مشكلة الاقتصاد وأزمته المزمنة. ومع ذلك فإنّه والحكومة كمن يدفن رأسه بالرمال في حين يغطي الرمل كل النعامة ويدخل من بين ثناياها وثقوبها أيضا.
بدل التذاكي على جيوب المواطنين الخاوية, للرئيس أن يعلن عن برنامج تقشفي كما تفعل الدول المسؤولة, والتقشف هنا على مصاريف الحكومة وكل الأجهزة الرسمية التي لا أحد يعرف كم تكلّف وكم تصرف وعلى ماذا, وكذلك على الذين يسرحون في طول البلاد وعرض العالم بلا حساب وفواتير مفتوحة. ولو أنّه يحدد ويعلن للناس الرواتب والنفقات التي بلا سند قانوني ثم يقشّفها هي على وجه الخصوص لربما كان الحل فيها تماما. ولنا أمثلة كيف توزع المخصصات في بريطانيا وهولندا وبلجيكيا وإسبانيا والدنمارك وغيرها ممّن يعيش الناس فيها بلا مبالغات رغم ما لديهم وقلة ما لدينا.