هنأ الملك في أثناء لقائه أعضاء مجلس النواب اليوم النواب على اختيارهم شخص رئيس الوزراء، كما قام السيد سعد هايل السرور رئيس مجلس النواب بشكر الملك على تعطفه بإعطاء حق اختيار شخص رئيس الوزراء الى مجلس النواب، مع أن ذلك هو حق دستوري للملك، هل تصدقون أصدقائي يا أهل الأردن هذا الكلام؟ هل تصدقون أن النواب هم الذين اختاروا رئيس الوزراء عبدالله النسور؟ كيف نوفق بين ما قاله الملك اليوم وبين ما صرح به رئيس ديوانه المبجل الدكتور فايز الطراونة من أن الاختيار الحقيقي لمجلس النواب كان هو الدكتور عوض خليفات وليس الدكتور عبدالله النسور، ولكن طبيعة الأحداث الإقليمية وضغوط بعض مؤسسات المال الدولية هي التي أدت الى اختيار الملك لشخص الدكتور النسور.
أعجب كل العجب من تصريحات لا يصدقها الجنين في بطن أمه، تصدر عن أولي الأمر ومن يسحج لهم ومن يمالئهم هذه التصريحات تتناقض مع بعضها، وتستهين بذكاء معظم الأردنيين الذين يعرفون أنها للاستهلاك المحلي، وهي لا تعدو أن تكون مجرد ضحك على الذقون.
نواب وشخوص من مختلف الأوزان السياسية والأطياف الاجتماعية يدركون ان رئيس الوزراء الدكتور النسور هو اختيار الملك، والكتل التي يدعو الملك الى أن تشكل نواة أحزاب سياسية هي من صنع أرطبون الأردن الدكتور فايز الطراونة، وهي في حقيقة الأمر كتل بشرية وليست كتلا سياسية بكل المعايير، كما يدرك السادة النواب الذين تشخص عيونهم ويتدفق لعابهم على المواقع الوزارية الفتانة أنه ليس هناك كتل سياسية، وأن هذه الكتل لا قيمة ولا منفعة منها على الإطلاق.
الكلمات البروتوكولية والخطابات الإنشائية التي يلقيها أولو الأمر وبطانتهم ممن ينطبق عليهم مسمى «مسامير الصحن»، أو بطانة التفخيم والتبجيل غير الصادق لما يقوله أولو الأمر حتى لو كان ذلك شتم البطانة نفسها، كل ذلك لن ينفع الأردن، ولن يخرجه من أزماته المتعددة. معظم الأردنيين في مختلف مناطقهم ومواقعهم يعرفون حق المعرفة أن مخرج الأردن الوحيد هو إجراء إصلاح سياسي حقيقي، يتيح للشعب اختيار رجاله الحقيقيين الذي يمثلون آراءه وتطلعاته وهمومه. السؤال الذي ما أزال لا أعرف الإجابة عنه: هل الملك يعني ما يقوله عندما يهنئ النواب باختيارهم الدكتور النسور رئيساً للوزراء، أم أنه مخدوع بما سمعه أو يسمعه من «مسامير الصحن»، حتى وإن كانوا من أصحاب البلاغة والبيان البديع أو الألقاب الزائفة والمسميات التي تخلو من المحتوى والمضمون؟!
على الأغلب أن تهنئة الملك للنواب بممارستهم المزعومة لاختيار شخص رئيس الوزراء عبدالله النسور هي فقط للتسويق الإعلامي، والدعاية الداخلية والخارجية؛ حيث إن كثرة تكرار مثل هذا الادعاء يمكن ان يزرع في أذهان الناس وحتى النواب أنفسهم أن هذه هي عين الحقيقة، وهذه الظاهرة معروفة في علم النفس (Self-fulfilling Prophecy) التي تجعل الناس تصدق الشيء أو الحدث المزعوم، اذا ما تم تكراره لمرات عديدة. قضية الإصلاح السياسي في الأردن لا يخدمها إلا طرح الأشياء على حقيقتها، دون تكلف أو تجميل أو مواربة، وإلا فإن الإصلاح سيبقى يراوح مكانه، وسيستمر النظام السياسي في خداع نفسه وشعبه.