نصف الانفاق السنوي للمواطن الاردني مرتبط بحماية وإشراف المؤسسة العامة للغذاء والدواء فالارقام الرسمية تقول أن إنفاق المواطن الاردني على الغذاء بلغ 38.2% من الانفاق الكلي للفرد ونسبة الانفاق الصحي بلغت 8.6% من الناتج المحلي الاجمالي ونسبة الانفاق على الكحول والتبغ 4.4%، بمعنى أن 51.2% من الانفاق الكلي للفرد أو من الناتج المحلي الاجمالي يقع تحت مسؤولية وأشراف المؤسسة من حيث الصلاحية والجودة والتراخيص.. الخ.
كانت الحياة الاردنية قبل عشرين عاما بسيطة وتعتمد في الغذاء على المنتجات البلدية الطازجة وخاصة من اللحوم والاجبان والخضروات، ولكن الانتقال التدريجي الى حياة التقليد والسرعة وفتح باب الاستيراد والكثافة الدعائية الاعلامية والسعي نحو الربح التجاري كل ذلك غير نمط غذاء المواطن الاردني حيث يشير تقرير صادر عن المؤسسة وعلى سبيل المثال الى أنخفاض أستهلاك الحليب الطازج العادي لصالح المبستر، والى أنخفاض حصة المواطن الاردني من زيت الزيتون مقابل أرتفاعها من الزيوت النباتية، والى أنخفاض أستهلاك الجبنة البيضاء مقابل أرتفاع أستهلاك مجموعة الاجبان الصفراء والمعلبة والقابلة للدهن، وتزايد أستهلاك الوجبات السريعة الجاهزة مثل البرجر والشاورما والدجاج المقابل.
وبالنتيجة يقول التقرير (تشير الدراسات أن الاردنيين الان ينفقون على غذائهم أكثر من ذي قبل، ولكنهم يحصلون في المقابل على نوعية سيئة من الاطعمة من اختيارهم). والخلاصة: (أن التحول بالنمط الغذائي الاردني يذهب في ثلاثة أتجاهات: الاول التحول عن المنتجات الطبيعية نحو المصنعة، والثاني التحول عن الاطعمة الغنية بالالياف والمعادن والفيتامينات نحو الاطعمة الغنية بالدهون والسكر، والثالث التحول عن المنتجات المحلية لصالح المستوردة).
اذن الرقابة موجودة وتتحسن وتتطور وسائلها وأدواتها باستمرار ولكن الوعي الصحي الغذائي للمواطن يتراجع فهو يترك الاطعمة الطازجة الاعلى جودة وأقل كلفة ويذهب الى الاطعمة المصنعة والمجمدة باشكالها الدعائية، رغم أنها أقل جودة وأعلى كلفة.
ويضيف التقرير (أن التحول للأطعمة المصنعة والمعلبة يعود بأضرار صحية عديدة، فضرر التصنيع بانواعه لا يقف على فقدان الغذاء قسما كبيرا من عناصره الغذائية المفيدة ولكن الثابت هو أن المواد المضافة اليه من منكهات وملونات حافظة تظل محتوية على عناصر تسبب الاذى لصحة المستهلك).
أمامنا الان مهمة الرقابة على سلامة غذاء المواطن ومهمة التوعية لتعديل النمط الغذائي والعودة الى الطبيعة شيئا فشيئا، وتلك مهمات شاقة تتحملها المؤسسة بكوادرها الشابة المدربة ومحدودية مواردها وأتساع منطقة مسؤولياتها التي تشمل 1400 مصنع ومعمل للمواد الغذائية وما يقارب 52 ألف مؤسسة غذائية تتداول الغذاء في مراحل مختلفة، هذا عدا المواد والمستوردات الطبية والادوية المستوردة والمهربة والمزورة. الخ..
وللدلالة على الجهد المضني للمؤسسة يتبين أن عدد الزيارات التي قامت بها فرق المؤسسة المختلفة في الفترة من 1/1/2013 الى 30/4/2013 بلغت 6528 جولة نتج عنها 209 حالة أغلاق و2762 أنذار وتم تحويل 294 مخالفة الى القضاء.
علينا أن نتوقف أمام جهود كوادر المؤسسسة العامة للغذاء والدواء ممتنين ومثمنين سهرهم على سلامة غذئنا ودوائنا، وعلينا أن نطلق جرس الانذار بازاء هجمة الادوية المزورة التي تحاول أقتحام حدودنا وتتصدى لها المؤسسة، ولكنها تحتاج الى مؤازرتنا جميعا، وتحتاج الى وقفة نيابية قوية مع الحكومة لتعزيز كوادر المؤسسة وتوحيد مؤسسات وأدوات الرقابة وتطويرها.
وبالمقابل فاننا نثمن ونقدر أنفتاح المؤسسة ومديرها على الاعلام ونعرف أن هناك بين حيتان الدواء والغذاء من يبذلون جهودا متواصلة لعرقلة عملها وحتى تشويه سمعتها.