أخبار البلد
محمد الذي يضم المصحف إلى صدره أو بالأحرى يعانقه ، رجل أفريقي هادئ الطباع ودود مسالم يرتاد منذ سنوات طويلة مساجد مدينة فيينا بانتظام ، لكنه نادرا ما يتكلم أو يشكو همه لأحد ، محمد كثير التجوال والتنقل في أرجاء المسجد
وأحيانا يقبع في إحدى الزوايا بلا حراك .
يظن البعض أن محمد تعرض لصدمة عنيفة في حياته أودت برجاحة وسلامة قواه العقلية وأفقدته الرغبة في الاختلاط بالمصلين وجعلته يفقد الثقة في البشر ويعتزلهم ، إلا أنه لم يكن يوما عدوانيا ولا فظا بشهادة كل من يعرفه.
ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان...
ارتكب محمد جريمة نكراء تتمثل في حرقه للمصحف الشريف و"دوسه بالأرجل"، هكذا اتهموه !! ، جريمة طرد على اثرها شر طردة ، طردوه من أكبر مسجد في العاصمة- فيينا بلا رحمة ولا هوادة .
حدث ذلك كله قبل عدة أسابيع أثناء خطبة الجمعة أمام الجموع وعلى الملأ ، طردوه استجابة وامتثالا لأمر فوري غير قابل للنقض أصدره الشيخ الغاضب والخطيب المفوه فوجب التنفيذ .
وكيف لا يطاع "ولى الأمر" ، أو من يجرؤ على نقض ومخالفة من وصف محمد "بالساحر الأفريقي ،الدجال ،المجرم والمشعوذ" ، المتكئ على أرائك اتهامات متآكلة لم يتسن التأكد من صحتها ، أو وشاية لغاية في أنفس الوشاة وجدت آذانا صاغية !!
أدانوا محمد وأهانوه وحكموا عليه ونفذوا فيه القصاص "العادل" كما ظنوا ،عوقب محمد واستسلم لقدره دون أن يتذمر ، "لم ينطق ببنت شفة" ، غادر محمد وهو لا يعلم إن كان أصلا قد اقترف ذنبا أو خطيئة تستوجب كل هذا الكره والازدراء !!