بدأ الفلسطينيون عام 2013 بخطوات لمزيد من تجسيد كيان دولتهم دوليا بغرض البناء على نجاحهم الأخير برفع تمثيلهم لدى الأمم المتحدة.
وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بهذا الصدد تعليمات إلى السفارات والبعثات الفلسطينية في العالم باستخدام اسم دولة عوضا عن كيان السلطة الفلسطينية المعمول به منذ توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993.
كذلك، كلف الرئيس الفلسطيني حكومته بالإعداد لإصدار جواز سفر جديد باسم دولة فلسطين . وأصدر عباس مرسوما رئاسيا نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، يقضي بتكليف الحكومة في فترة أقصاها شهران بإعداد تعديلات على القوانين والنظم النافذة وإعداد نماذج جديدة مقترحة.وتشمل النماذج كل من جواز السفر وبطاقة الهوية والرقم الوطني ومستندات تسجيل السكان والأحوال الشخصية ورخص المركبات ورخص القيادة وطوابع الإيرادات بأنواعها وطوابع البريد لدولة فلسطين. ونص المرسوم على إعداد نماذج جديدة لجواز السفر لدولة فلسطين على أن يكون من ثلاثة أنواع الدبلوماسي والخاص والعادي، وذلك وفق النظم الدولية المعتمدة وطبقا لأحدث المواصفات العالمية.
وتأتي هذه الخطوات للبناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين ثان الماضي بترقية مكانة فلسطين لديها إلى صفة دولة مراقب غير عضو .
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن التعليمات الجديدة تقضي بالانتقال من مسمى السلطة الفلسطينية إلى دولة فلسطين ليسري على جميع الدول سواء أيدت أم عارضت قرارالأمم المتحدة.
وذكر المالكي ، للإذاعة الفلسطينية الرسمية، أن السلطة الفلسطينية ستدعوالبعثات الدولية والأوربية والدبلوماسية المعتمدة لديها لإبلاغها بالخطوات الجديدة التي ستكون بحاجة إلى بعض الإجراءات من قبل الدول نفسها. وبين أن هذه الخطوات تتطلب من بعض الدول إدخال بعض التعديلات بما في ذلك تغيير القوانين لديها من أجل تغيير المسمي الفلسطيني قانونيا وإداريا.
وتترافق خطوات تعديل التمثيل الفلسطيني مع بدء مساعي فلسطينية للانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية والشروع بالتحضير للانضمام إلى منظمات الأمم المتحدة المتخصصة.
وأعلنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عقب اجتماع لها في رام الله الخميس الماضي أنها قررت البدء بخطوات توقيع فلسطين على المواثيق والاتفاقيات الدولية تمهيدا للانضمام إلى منظمات الأمم المتحدة المتخصصة.
وعقب الاجتماع وقع عباس مرسوما رئاسيا يقضي باستبدال اسم السلطة الفلسطينية «بدولة فلسطين» وشعارها على جميع الأوراق والمعاملات الرسمية. وبموجب المرسوم سيتم التعديل في الأوراق الرسمية والأختام والمعاملات الخاصة بمؤسسات السلطة الفلسطينية الرسمية والوطنية، باستبدال اسم «السلطة الوطنية الفلسطينية» حيثما يرد باسم «دولة فلسطين»، واعتماد شعار دولة فلسطين فيها.
وذكر المالكي أن لجنة فلسطينية شكلت أخيرا للتحضير للتوقيع على المعاهدات والمواثيق الدولية بالتنسيق مع الجهات المختلفة بما في ذلك الانضمام إلى الوكالات المتخصصة والمؤسسات الدولية.
وشدد المالكي على أن هذه الخطوات تأتي في إطار تجسيد قرار منح فلسطين مكانة الدولة من دون الإخلال بالحقوق والمكتسبات الدولية التي حققتها منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
ومن المقرر أن يعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعا له هذا الشهر بغرض بحث تسريع وتيرة الخطوات الدبلوماسية الفلسطينية.
وبهذا الصدد قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد للإذاعة الرسمية، إن الاجتماع يستهدف دراسة مفهوم تجسيد قرار الأمم المتحدة بإعلان قبول فلسطين تحت الاحتلال وكيفية التعامل مع هذا التطور.وذكر الأحمد أن المجلس المركزي سيتناول إقرارالخطط الكفيلة بجعل عام 2013 عام الاستقلال وتجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال بعد قرار الأمم المتحدة الأخير. وأوضح أن مشاورات موسعة ستشمل كافة الفصائل الفلسطينية ستتناول دراسة هذه الخطوات على أن تتم بتنسيق مع الدول العربية ومختلف الأطراف الدولية.
في غضون ذلك، دعا مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمعتقل لدى إسرائيل إلى مراجعة شاملة وكاملة لوظائف ومهام وسلوك السلطة الفلسطينية .
وأعرب البرغوثي ، في بيان من سجن (هداريم) الإسرائيلي وزعه محاميه، عن معارضته للدعوات إلى حل السلطة الفلسطينية رغم إقراره بافتقادها للسيادة « على متر واحد من أرضنا «.
وقال البرغوثي ، الذي يقضي منذ عام 2002 حكما بالسجن المؤبد خمس مرات لدى إسرائيل، إنه «يتوجب على القيادة اتخاذ قرارات حاسمة وشجاعة لجعل العام القادم حاسما، وعاما لقيام الدولة فعليا على الأرض من خلال إنهاء الاحتلال، والجهد الوطني يجب أن ينصب على هذه المهمة المقدسة لشعبنا «. واعتبر أن إسرائيل تريد للسلطة أن تقوم بوظيفة واحدة هي»حراسة الأمن الإسرائيلي وذلك كسلطة إدارية أمنية وظيفية»، مشددا على أن الشعب الفلسطيني يرفض ذلك بشكل مطلق.واعتبر البرغوثي أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة « خطوة إلى الأمام»، لكنه شدد على وجوب أن تكون حلقة في إستراتيجية فلسطينية. ودعا إلى التقدم الفوري لعضوية كافة وكالات ومؤسسات الأمم المتحدة وكذلك المطالبة بفرض العقوبات والمقاطعة على إسرائيل ومقاطعة شاملة للبضائع الإسرائيلية وتشجيع الإنتاج الوطني الفلسطيني.
واعتبر البرغوثي أن الرهان على استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل عقب انتخابها البرلمانية المقررة في 22 من الشهر الجاري هو «رهان خاسر ومضلل ومأساوي»، معتقدا أن تل أبيب «لا تشعر بالحاجة للسلام لان الأمن متحقق لها مجانا ومن دون أن تدفع أي ثمن سياسي». ورأى أن المفاوضات «فشلت تماما ولم تحصد سوى أوهام وسراب ومزيد من الاستيطان والتهويد، والحكومة القادمة (في إسرائيل) ستكون أسوأ وأكثر تطرفا من الحالية «.
وشدد البرغوثي على أن التحدي الأهم بالنسبة للفلسطينيين هو»إنهاء الانقسام والتشرذم الذي أساء لشعبنا ولنضاله العادل»، داعيا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وتوحيد كافة المؤسسات والتحضير الفعلي لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولعضوية المجلس الوطني.
على الجانب الاسرائيلي ، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «تجاهل جميع المحاولات لاستئناف التفاوض ووضع شروطا مسبقة تعجيزية».
وحث نتيناهو في مقابلة إذاعية صباح امس عباس على الدخول فورا في مفاوضات بدون شروط مسبقة بهدف التوصل إلى اتفاق تعترف إسرائيل بموجبه بدولة فلسطينية مقابل اعتراف فلسطيني بدولة يهودية. ورأى أن مثل هذا الاتفاق يجب أن يشمل أيضا إعلانا عن إنهاء النزاع . وردا على الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل على خلفية البناء في المستوطنات، قال «الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نفذت مشاريع بناء في المستوطنات».
من جهته، نفى أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب إسرائيل بيتنا، تقارير عن انفصال حزبه عن حزب الليكود في أعقاب الانتخابات، قائلا إنه يدعم خطاب نتنياهو بشأن حل الدولتين لان هذا الخطاب سيكون الأساس للحكومة المقبلة، لكنه ينحي باللائمة على عباس في تعطل محادثات السلام. مشيرا الى إن إسرائيل تنتظر شريكا مناسبا في الجانب الفلسطيني.