ءئبدا للوهلة الأولى وكأنه لقاء مجاملة وتهنئة بتشكيل الحكومة الجديدة، وضمن سياق الأعراف بين رؤساء الحكومات في الأردن، وبأنه لن يتعدى المصافحة وتبادل الابتسامات والقبلات، واحتساء فنجان من القهوة.
لكن لقاء رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ورئيس الوزراء الأسبق رئيس الجبهة الوطنية للإصلاح أحمد عبيدات، تجاوز البرتوكول والمجاملات وتناثر الكثير من الكلام بين سطور ما رشح من معلومات.
وليس مهما من بادر إلى عقد اللقاء الذي استغرق نصف ساعة، وإن كان على الأرجح أنه عقد بترتيب من الطرفين كما قال رئيس اللجنة الإعلامية في الجبهة الدكتور لبيب قمحاوي، إذ كان من الواضح أن الرئيسين النسور وعبيدات، يعرفان جيدا حساسية اللحظة التاريخية، وبأنهما سيخوضان في الحديث حول المرحلة الدقيقة التي يمر بها الأردن داخليا وخارجيا، وبأنهما سيسعيان إلى طرح حلول، على الأقل مرحليا؛ لإنهاء حالة الاحتقان السياسي في الأردن، وتلطيف الأجواء ووقف حروب داحس والغبراء والبسوس التي تقوم بها بعض الصحف ووسائل الإعلام، التي تخوض حروبا «دون كيشوتية» ضد عدو وهمي افتراضي.
وحث الرئيس عبيدات زميله النسور على ترجمة تصريحات الملك، المتعلقة بالحراكات الشبابية والشعبية على أرض الواقع، بعد أن اعتبرها عبيدات «مبادرة سياسية رسمية طيبة»، مطالبا النسور باستغلال أجواء التفاؤل بحكومته، وتحقيق خطوات عملية على طريق الإصلاحات الشاملة»، من خلال حزمة إجراءات، قد يكون من بينها إطلاق سراح معتقلي الحراك.
واعتبر عبيدات أن تصريحات الملك تشكل «مبادرة سياسية رسمية، في التعامل مع الحراك الشبابي والشعبي، ما يُرتب على الحكومة أن تلتزم بالتوجيهات الملكية»، التي اعتبرها عبيدات «فرصة لإعادة تنظيم المواقف السياسية من العناوين المختلفة».
ونصح عبيدات الحكومة بأن تسعى بجدية لتلطيف الأجواء العامة، والتوقف عن أجواء التجييش والتحشيد السياسي المضاد، عبر وسائل الإعلام الرسمي.
كما نصح بـ«التأني والهدوء في التصريحات الرسمية»، وأن «لا تكون موجهة بقصد الإمعان في سياسة الإقصاء والتحريض».
وشدد عبيدات خلال اللقاء على ضرورة أن تكرس الحكومة سياسة التهدئة مع الجميع، ما من شأنه الوصول ليوم الانتخاب بأجواء هادئة، مشددا على «ضرورة إجراء الانتخابات بنزاهة مطلقة، خصوصا بعد أن تعذر إقرار قانون انتخاب توافقي».
ورغم أن الرئيس النسور لم يعد بشيء إلا أن المراقبين لمسوا استعدادا منه لبحث إنهاء أزمة المعتقلين، من بينها خيارات بالإفراج عنهم، ضمن عفو قبيل عيد الأضحى رغم معارضة جهات للإفراج عن المعتقلين.
ولا يبدو أن توجيهات رسمية صدرت أمس بخصوص وقف حملات التحريض والإقصاء، فقد حفلت صحف الأمس بفائض من الحبر المسكوب ضد المعارضة وتحديدا «الإخوان المسلمين»، الذين يبدو أنهم يكتفون حاليا بتلقي اللكمات، دون خطة واضحة للهجوم.
وقف التأزيم يبدأ من عند الحكومة ووسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وإذا كان الجيش السوري والجيش الحر قد اتفقا على وقف القتال في عيد الأضحى، فإن الحكومة مطالبة بوقف حملات التخوين التي لا تفيد سوى في شق الصف الوطني.