ام ماجد.. عجوز ارملة على ابواب السبعين من العمر تعيش في مخيم حطين للاجئين الفلسطينيين.. انها من اكثر المعذبين في الارض الذين يتمنون لو يخلصوا من عذابهم وحياتهم على اي شكل من الاشكال.
كلما ذهبت الى دائرة من اجل انجاز معاملة خاصة بإبنها محمد المريض بتخلف عقلي لنقله الى مركز ايوائي يصدمها منظر الموظف الذي يستقبل معاملتها بفتور وينظر اليها نظرات مريبة كأنها قادمة من كوكب آخر.
يقلب اوراقها وهو في حالة تحس معها انه يريد ان يلقي بها خارج الدائرة ليثبت لها انه قادر على عمل كل شيء ويا ويلها ان اكتشف الموظف ان هناك كلمة ناقصة في الطلب المقدم اليه، حينها يزداد تجهم وجهه ليقول لها: طلبك ناقص .. حاولي ان تكملي المعلومات الناقصة غداً.
فما اكثر الذين يضيقون ذرعا بالفقراء والارامل والايتام والثكالى، اليس في ذلك امتهان للنفس الانسانية وقتلا لها .. لو يدرون؟؟ وأنّى لهؤلاء ان يدركوا ابعاد ما يفعلون.
ام ماجد انهكها العمر ووحشة الحاجة وبرد الخوف ليس لها معيل الا الله .. ام لأربعة من الابناء مصابون جميعهم بالتخلف العقلي .. الابن الاكبر هو مصدر تعبها وأمها وتعاستها فهو شرير بطبعه، شرس في سلوكه .. يعتدي على كل من يراه.. لا يميز بين ذكر وأنثى .. صغيرا كان ام كبيرا.
لك الله يا ام ماجد
ما اكثر الذين الذين لديهم رغبة في الصراخ في وجوه اولئك الذين يقفون في طريق سعادتهم وفرحهم .. لكنهم لا يجرؤون على ذلك حتى لا تسد امامهم الطرق.
ما اكثر الذين الذين يتألمون بصمت في محاولة منهم للتخفيف عن انفسهم وعن الذين يعيشون معهم وحولهم.
هل فكرت في يوم من الايام ان تحدق في عينيّ انسان محروم معدوم وهو يطلب منك مساعدة .. فستجد فيهما ما يجعلك تفكر كيف آل امره الى هذا المصير المحزن الاليم.
يبدو ان كل شيء انساني بدأ يتراجع في هذا الزمن الاغبر.
تقول ام ماجد عن ابنها المعاق عقليا انه يطارد الفتيات في الزقاق والشوارع حتى ان اخواته المعاقات الاثنتين لم تسلما من ثورته وشراسته.
ام ماجد صرخت بأعلى صوتها : اخشى على بناتي ان يقوم بإغتصابهن .. فهو يتوعد بهذا ليل ونهار.
كيف لي ان انام الا بمرافقته؟
كيف لي ان اخرج من البيت الا بمرافقته.
كيف آمن على ابنتيّ في غيابي.
تقول ام ماجد : كلنا يتحايل على الحياة من اجل العيش.
وأنا اتحايل على محمد في اليوم الف مرة.
مسكينة ام ماجد تتمنى ان تقهر النوم وبأن تظل في حالة يقظة دائمة.
انا لا اعرف مخلوقا فوق الارض اكثر احساسا بالألم ولا اقدر على تحمّله من الانسان فالألم لا راحة فيه فهو كالنار تشب في جسم الانسان لا يعرف حتى يطفئها، ويجعل الانسان ضعيفا الى حد الهلوسة والجنون.
اذ ليس من السهل ان تتعامل مع انسان مريض فهو اشبه ما يكون بالطفل الذي يشعر بأن هناك اشياء كثيرة لا يستطيع عملها.
وما اقسى المرض والفقر ان اجتمعا فهما يؤديان الى تدمير الانسان فالمرض ان اخترق الجسم فكل ادوية الدنيا لن تستطيع اعادة الصحة والعافية له.. وكذلك الفقر فإنه يحيط الانسان بهالة من الاحباط والخوف من الحياة.. بعض الناس يخجلون من مرضهم .. تماما كما يخجل اقرباؤهم منهم .. معادلة صعبة ومربكة اليس كذلك؟؟
كم اشفق على اولئك الذين يركلهم المرض بقدميه، يهيء لهم موتا مبكرا دون ان يستطيعوا عمل شيء امامه.
من منا لم يرى فقيرا؟
من منا لم تذرف عيناه حين يشاهد تلك المناظر؟
انستنا الدنيا وشهواتها قول ربنا " انما المؤمنون اخوة"
هذه صرخة من ام مكلومة لا تملك في هذا الزمن البائس الا الصراخ ..
ندعو الله ان يميتنا على طاعته ونحن اقوياء حتى لا نكون في مرضنا عالة على غيرنا.
التنمية الاجتماعية تستجيب على الفور لما عرضته "الحقيقة الدولية"
وفي تطور لاحق على حالة اسرة الحاجة ام ماجد، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط في معرض حديثة على عرض قناة "الحقيقة الدولية " وخلال برنامج (تعليله الخير ) حالة المواطنة هيجر الزبن بان الوزارة شكلت غرفة طوارئ لدراسة حالة الاسرة وقررت على اثرها إيواء الاخ الاصغر للعائله بمركز إيواء الضليل للرعاية الخاصة فيما سيكون هناك جلسة خاصة الأربعاء لاتخاذ قرار بإيواء وضع الاخ الاكبر الذي يشكل خطورة على اسرته والمجتمع بمركز خاص.
وعرضت الزميلة "الحقيقة الدولية" وخلال برنامجها ( الجماهيري تعليله الخير) ام ماجد.. العجوز الارملة والتي دخلت ابواب السبعين من العمر والتي تعيش في مخيم حطين للاجئين الفلسطينيين ولديها 4 ابناء معاقين.
وكانت مئات الاتصالات انهالت خلال عرض التقرير للسؤال عن حالة ام ماجد، تطالب الجهات المسؤولة عن مثل هذه الحالات متابعة الاسرة وتقديم العون والمساعدة لها.