أنا عربي أولاً وفلسطيني ثانياً، لذلك أزهو وأشمخ مثل نخلة في واحة الانتماء للفعل الفذ، أتيه فخراً على كل الخلائق، وأنا أتلمس بعقلي وروحي فحوى البيان الصادر عن الاجتماع العشائري؛ الذي ضم النخبة والنخوة والقمة والهمة والشهامة لعشيرة "عبيدات" في الأردن، العشيرة التي استنكرت قرار الحكومة بتعيين أحد أبنائها سفيراً في تل أبيب!
فأي حس وطني والإسلامي لدى عشيرة "عبيدات"، حين تعتبر تعيين أحد أبنائها سفيراً يتنافى مع موقف العشيرة ضد الكيان الصهيوني، وضد التطبيع معه عبر الأجيال المتعاقبة؟
وأي كرامة عربية هذه التي تصفع اتفاقية وادي عربة، وتدوس على اتفاقية أوسلو، وتحتقر اتفاقية كامب ديفيد، مع كلمات بيان عشيرة "عبيدات" الذي يقول: إن من يقبل بتولي منصب السفير، ويقوم بوضع يده بيد من عمل على اغتصاب الأرض، وقتل أبناء فلسطين، وشردهم، واستباح المقدسات الإسلامية؛ فقد تجاوز جميع المحرمات والخطوط الحمراء وتعد إساءة بالغة للأمة والعشيرة التي تتبرأ منه!
أي صحوة إسلامية وعربية ووطنية تزين جبين كل عربي لما يزل يرفض الاتفاقيات المهينة مع الصهاينة، ويبصق في لحية كل من صافح مغتصب للأرض؟.
هؤلاء هم العرب الذين نبتوا من الأرض، وهؤلاء هم القادة الحقيقيون، لأن مواقفهم الشجاعة هذه هي الأقرب إلى نبض الشارع العربي الأردني؟ ولاسيما حين تؤكد العشيرة: إنها ستبقى وفية لأمتها، ولن تهادن أعداءها في سبيل تحرير كامل التراب الفلسطيني، ولن يثني عزمها أي مرتد عن الصف، مهما طالت الأيام.
ما أروعكم يا شباب وشيوخ ونساء وأطفال عشيرة "عبيدات"! ما أنقى سيرتكم! وما أصفى سريرتكم! وما أنقى صوتكم العربي الجريء! وما أخلص انتماءك لدينكم ووطنكم! حين يصير منصب السفير في دولة الغاصبين تجاوزاً لكافة الخطوط الحمراء، وأساء إساءة بالغه لأفراد عشيرته؛ التي تتبرأ منه، وأن العشيرة تعلن لأبناء الوطن وللأمتين العربية والإسلامية شجبها واستنكارها لهذا الموقف الذي يتنافى مع تاريخ ومواقف العشيرة.
سيكون لبيان عشيرة "عبيدات" دوي في عقول وقلوب العشائر والقبائل والعائلات والتجمعات والأفراد في مصر العربية وفي الضفة الغربية، حين ينظر كل حاكم ومسئول في راحة كفه اليمين، ويسأل أصابعها برعب: هل أمسكت بالقلم ووقعت على اتفاقية مع الصهاينة؟.
سيكون لموقفكم البطولي المشرق يا عشيرة "عبيدات" صدى لدى الفلسطينيين، حين يسأل كل أب ابنه، ويسأل كل جار جاره، ويسأل كل فتى زميله، وحين يسأل كل موظف مسئوله، وحين يسأل كل أسير قائده، وحين تسأل كل امرأة زوجها: هل التقيت مع صهيوني، وابتسمت في وجهه؟ هل استقبلت في مكتبك صهيونياً، وانشرح صدرك للقائه؟ هل قبلت شفتاك خد يهودي؟ هل اتصلت هاتفياً بإسرائيلي ونسقت معه عملاً، ورتبت معه شأناً ما؟!
فإذا كانت عشيرة "عبيدات" قد رفضت بإباء وشمم أن يصير أحد أبنائها سفيراً في دولة الصهاينة؟ فما هو واجب العشائر والعائلات والتجمعات الفلسطينية تجاه أبنائهم الذين يقومون بأدوار لا تقل بشاعة عن مهمة السفير؟ ما واجب المجتمع الفلسطيني تجاه من يلتقون مع الصهاينة، ينسقون ويتفاهمون ويتفهمون ويتلهفون لرنة هاتف منتصف الليل الصهيوني؟