كما هو معلوم فان اسواق المال من اكثر الاسواق وأسرعها تأثرا بأية احداث سياسية او أمنية او اقتصادية او مالية سواء كانت سلبية او إيجابية وما تعرضت له اسواق المنطقة بصورة عامة وسوق عمان المالي بصورة خاصة خلال الاربعة سنوات الماضية ومنذ بداية التأثيرات السلبية للازمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ وما تبعها من ازمات أدى الى تراكم الخسائر وضياع نسبة هامة من القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة بينما ساهمت الأوضاع السياسية غير المستقرة والاقتصادية في الأردن من تعميق حجم الخسائر وتراجع جميع مؤشرات اداء سوق عمان المالي وفي مقدمتها الانخفاض الكبير في قيمة التداولات اليومية والتي وصل متوسطها الى حوالي خمسة ملايين دينار مقابل حوالي ٩٩ مليون دينار عام ٢٠٠٨ يعكس سيطرة حالة من الخوف والترقب والحذر على قرارات المستثمرين والمضاربين وحيث تعتمد قرارات الاستثمار في الاسواق المالية على التوقعات المستقبلية سواء البائعين او المشترين والمرتبطة جميعها بتوقعات مستوى العائد والمخاطر المستقبلية وحيث ترتفع قيمة الشراء عندما تتفوق التوقعات الإيجابية على التوقعات السلبية والعكس صحيح سواء التوقعات بالنسبة لأداء الاقتصاد او اداء الشركات المدرجة او تطور الأوضاع السياسية والأمنية وغيرها من العوامل وبالتالي فان ضبابية التوقعات لا تشجع على اتخاذ القرارات الاستثمارية بسبب صعوبة احتساب العائد والمخاطر ولقد اشرنا في مقالنا السابق الى ارتفاع مؤشر السوق المصري بنسبة ٦٠٪ هذا العام بعد سيطرة حالة من التفاؤل على توقعات المستثمرين سواء المصريين او الأجانب سواء المتوقعة لأداء الاقتصاد او اداء الشركات او تدفق الاستثمارات الاجنبية بعد الاستقرار السياسي والأمني الذي بدات تنعم به مصر بينما بالمقابل بلغت خسائر مؤشر السوق ٥٠٪ العام الماضي نتيجة الاحتقان السياسي والأوضاع الأمنية الغير مستقرة والتي ادت الى سيطرة حالة من التشاؤم على قرارات المستثمرين والتخوف من ارتفاع المخاطر
واذا كانت خسائر مؤشر سوق عمان المالي خلال فترة الأزمة المالية قد بلغت نسبتها ٥٣٪ وحيث يعكس هذا المؤشر متوسط تراجع اسعار اسهم جميع الشركات المدرجة فان عدد كبير من الشركات تعرضت أسعارها وقيمتها السوقية لخسائر جسيمة تفوق وبنسبة كبيرة خسائر المؤشر وحيث تراجعت القيمة السوقية لأسهم عدد كبير من الشركات الى اكثر من ٩٠٪ من قيمتها السوقية ونسبة هامة الشركات المدرجة تراجعت أسعارها السوقية الى اقل من قيمتها الاسمية او التأسيسية بينما تراجع سعر اسهم البنك العربي وهو اكبر شركة مدرجة في السوق بنسبة ٦٤٪ بعد تراجع سعره من ٢١.٨ الى ٧.٨ دينار بينما تراجع سعر اسهم بنك الإسكان بنسبة ١٢٪ مع الأخذ بالاعتبار ان جزء هام من خسائر السوق تعود الى مستثمرين غير أردنيين نتيجة امتلاكهم حصة هامة من القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة كذلك لابد من لإشارة الى ان عدد الشركات التي نجت أسعارها السوقية من تاثيرات الأزمة ١٦ شركة فقط واذا كانت بعض اسواق المنطقة قد عوضت جزء من خسائرها خلال العام الماضي وهذا العام فان الأزمات المتتالية ومنها الأزمة المالية والاقتصادية والسياسية المحلية في الأردن لم تمنح السوق فرصة التقاط الأنفاس وتعويض جزء من خسائره
واذا كانت الازمات المتتالية قد ساهمت بانخفاض ربحية بعض الشركات المدرجة بسبب تاثيرها السلبي على اداء العديد من القطاعات الاقتصادية فان فشل او فساد ادارات شركات اخرى قد أدى الى تعرض عدد كبير من الشركات لخسائر جسيمة مما ساهم بانخفاض كبير في أسعارها السوقية والإفصاح الدوري (كل ثلاثة شهور) والذي فرضته هيئة الاوراق المالية على الشركات المساهمة لنشر نتائج أعمالها يساهم في ترشيد قرارات المستثمرين على الأجل الطويل من حيث اختيار اسهم الشركات التي تحقق نمو متواصل في ربحيتها واستمرارية تشدد البنوك في منح القروض والتسهيلات للمستثمرين في السوق خوفا من المخاطر ما زالت تؤثر سلبا على اداء السوق وحيث يفترض بالبنوك الاردنية ان تضع الآليات المناسبة للمساهمة في تعزيز اداء السوق خاصة وان جزء من محافظ البنوك الاقراضية ضماناتها اسهم الشركات المدرجة في السوق والانخفاض المستمر في اسعار الاسهم يؤثر سلبا على جودة اصول البنوك كما لابد من الاشارة الى ان استمرار سيطرة سيولة المضاربين وبالمقابل ضعف الاستثمار المؤسسي المحلي والاحنبي يؤثر سلبا على كفاءة السوق واستنادا الى ما اشرنا اليه في هذا المقال والمقال السابق فان وقف نزيف سوق عمان المالي يتطلب استقرار الأوضاع السياسية وتحسن الأوضاع الاقتصادية والتي سوف تساهم في تحسن اداء الشركات وتراجع المخاطر وتدفق الاستثمارات واستغلال الفرص الهامة التي توفرت في السوق على اسهم بعض الشركات نظرا للفجوة الكبيرة بين سعرها في السوق وسعرها العادل وحيث ساهمت الأوضاع الاستثنائية المختلفة في خلق هذه الفجوة
Ziad.Dabbas@gmail.com