عام 2003 نظمت في الاردن انتخابات عامة يجمع المراقبون اليوم على انها الافضل بكل المعايير قياسا بفظائع وفضائح عامي 2007 و2010 حيث شارك بها الجميع وساهمت في امتصاص الاحتقان العام.
انذاك كان عدد المواطنين الاردنيين خمسة ملايين ونصف المليون وسجل منهم لهذه الانتخابات التي ادارتها حكومة الرئيس علي ابو الراغب مليونان و300 الف ناخب واقترع من هؤلاء ما نسبته 58 بالمئة.
اليوم وقبل يومين فقط من نهاية فترة التمديد الاولى لعملية التسجيل لم يصل عدد المسجلين بعد لحاجز المليوني مسجل للانتخابات فيما يبلغ عدد السكان ستة ملايين ونحو 700 الف مواطن.
هذه الوقائع الرقمية تثير قلق الجميع في الاردن بسبب الانخفاض الحاد في الاقبال على التسجيل للانتخابات رغم استعمال كل الاساليب والمناورات وفقا للرجل الثاني في تنظيم الاخوان المسلمين الشيخ زكي بني ارشيد.
الاهم في عمان العاصمة التي يقطنها نحو مليونين ونصف المليون مواطن لم يتجاوز عدد المسجلين بعد 400 الف ناخب ..كذلك في مدينة الزرقاء ثاني مدن الكثافة الفلسطينية الارقام متواضعة حسب المرشحين محمد حجوج ومحمد ظهراوي.
يعني ذلك بلغة سياسية وببساطة ان الوسط الفلسطيني 'لا يهتم' بالانتخابات، الامر الذي يبرر برأي الناشط المحامي موسى العبداللات حملة شعواء تستهدف اشراك فصائل فلسطينية من بينها جركة فتح في تنشيط اوساط المخيمات ودفعها للتسجيل للانتخابات.
الرئيس علي ابو الراغب نفسه تحدث عن هذه المفارقات الرقمية في غداء سياسي مهم اقامه عضو مجلس الاعيان مروان الحمود للعاهل الاردني ونخبة من الشخصيات الوطنية في مدينة السلط مطلع الاسبوع الماضي.
وجهة نظر ابو الراغب ركزت على ضرورة تجنب القبول 'وطنيا' بهذه النسبة من التسجيل والعمل على رفعها ودراسة الجيثيات التي تمنع المواطنين من التسجيل لان فروقات الملايين هذه في انتخابات مهمة وظرف اقليمي حساس واتجاهات اصلاحية اساسية لا يمكن تجاهلها.
امام الملك تقدم ابو الراغب باقتراحات محددة كما شرح لـ'القدس العربي' محورها ابقاء عملية التسجيل للانتخابات مفتوحة وعدم وقفها وترك الامر قيد المتابعة لدى الهيئة المستقلة لادارة الانتخابات صاحبة الاختصاص الدستوري في تحديد اللحظة المناسبة لاجراء الانتخابات.
لم يتحدث ابو الراغب عن 'انتحار سياسي' ولم يتطرق لقصة مقاطعة الاسلاميين للانتخابات خلافا لما ذكرته تقارير وشخصيات محلية لكنه قدر بان الظروف تتطلب مواصلة عملية التسجيل للانتخابات وعدم القبول بالارقام النتواضعة الحالية.
وموقف الرئيس المخضرم كان ان تحدد الهيئة المعنية رقما منطقيا ومنتجا بان تقول بان الانتخابات سيتحدد موعدها بعد وصول عدد المسجلين لثلاثة ملايين مثلا مما يبقى عملية التسجيل مستمرة.
وراي ابو الراغب ان الانتخابات يتوجب ان تنجح وبقاء التسجبل مستمرا يمكن ان يساعد في ذلك مشيرا لانه تحدث عن عدم وجود مبررات للاستعجال لان المصلحة تتطلب اليوم حفاظا على الصالح العام مسالتين: اكبر عدد ممكن من المسجلين للانتخابات وبرامج ينتخب المرشحون على اساسها لان البلاد بصدد حكومة برلمانية.
الحديث ـ يقول ابو الراغب - عن برامج سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة تحكم مخرجات الحكومة البرلمانية المقبلة وهو برنامج مهم واصلاحي وتاريخي... لذلك لا ارى مبررا للعجلة ولا للتصرف تحت ضغط انفعالات الشارع وقرار الاسلاميين بالمقاطعة ولا اتحدث بتاجيل الانتخابات بل بتسجيل اكبر عدد ممكن.
انطلق ابو الراغب في رايه من قناعاته بان المرحلة تتطلب 'توافقات' في البلد وتوفير وايجاد معادلات اقتصادية وسياسية وامنية خلاقة تؤدي 'لتهدئة' الجو العام حتى يتسنى لنا جميعا مواجهة التحديات.