بسام بدارين-يمكن إعتبار قرار الأخوان المسلمين الأردنيين إغلاق باب النقاش بالوساطات التي تحاول ثنيهم عن قرار مقاطعة الإنتخابات بمثابة أداة جديدة قد تكون فعالة للضغط على مؤسسة القرار وإجبارها على تقديم تنازلات تحت عنوان تغيير قواعد قانون الصوت الواحد.
يعني ذلك ضمنيا بأن إغلاق قنوات الحوارخطوة سياسية قد تكون محسوبة بدقة لإقناع مؤسسة النظام بتقديم تنازل حقيقي يمكن قادة المطبخ الأخواني من إقناع قواعدهم الشبابية المتشددة بالتراجع عن خطة المقاطعة.
لذلك يعلن الشيخ زكي بني إرشيد الرجل الثاني في التنظيم الأخواني إغلاق الباب أمام الوساطات وعدم تلقي عروض حقيقية مصرا على أن الحركة الإسلامية في هذا الوقت لا زالت عند موقفها فلم يتغير شيء من مسوغات مقاطعة الإنتخابات.
أعلن إرشيد ذلك بعد 24 ساعة من إعلان الوسيط الأبرز فيصل الفايز بانه إقترح تعديلا على قانون الإنتخاب يضمن ثلاثة أصوات للناخب الواحد في خيار يصر جميع المراقبين على أنه مقبول جدا من التيار الإسلامي ويساعد دعاة المشاركة في الإنتخابات داخله على تقليص نفوذ معسكر المقاطعة داخل التنظيم.
ويغلق الإسلاميون تكتيكيا باب الوساطة مصرين على شروطهم للمشاركة وهي تعديلات دستورية تمس صلاحيات الملك وتغيير قانون الإنتخابات الحالي وإلغاء مبدأ الصوت الواحد غير مكتفين بالضمانات التي قدمت بإسم منظومة النزاهة.
ويفعل الإسلاميون ذلك فيما يستعدون فعلا لتنظيم مسيرة ضخمة في الخامس من الشهر المقبل بإسم 'الزحف المقدس' وهي مسيرة يفترض أن تكون أضخم نشاط للحراك الشعبي في سياق المطالبة الشعبية بالإصلاح السياسي.
لكن يتعاظم وسط النخبة السياسية الشعور بأن الحركة الإسلامية تبالغ في إستغلال الموقف السياسي المعقد حاليا خصوصا في ظل الإحتقان الإجتماعي والضغط الإقتصادي على خزينة الدولة.
وهذا الشعور دفع شخصيات بارزة للتحذير عدة مرات من خطة الإصرار على إجراء الإنتخابات تحت ضغط سيناريو الحركة الإسلامية وفعاليات المقاطعة خصوصا وان أرقام المسجلين للإنتخابات حتى الآن تبدو متواضعة قياسا بالطموحات.
ولم تصل بعد أرقام المسجلين لحاجز المليوني ناخب الذي ما زال يشكل طموحا صلبا للدوائر السياسية حتى لا يظهر تأثير واضح على فعاليات العملية الإنتخابية لغياب الإسلاميين.
ويفترض أن تنتهي بعد أربعة أيام المهلة الإضافية التي قررتها الهيئة المستقلة لإجراء الإنتخابات لأغراض عملية التسجيل ورغم توظيف كل إمكانات الحكومة في هذه العملية إلا أن الرأي العام بنفسه ميال للعزوف عن المشاركة في الإنتخابات كما لاحظ عضوا البرلمان محمد حجوج ومحمد ظهراوي.
ويؤكد رئيس الهيئة والدبلوماسي المخضرم عبد الإله الخطيب في مجالس خاصة بأن عدد المسجلين قد يكون أقل من التوقعات المرتبطة بإتجاهات سياسية لكن مراقبين محايدين يسجلون للهيئة وللخطيب أنها المرة الأولى التي ينتهي فيها الأمر بوجود سجلات محكمة للناخبين تنطوي على تقدير وتنسجم مع المعايير الدولية خصوصا بعدما أشرفت الهيئة على التفاصيل.
وتشير مصادر مقربة من هيئة الإنتخاب إلى أن الهيئة ستواصل إمتناعها عن تحديد موعد الإنتخابات إلى أن تصبح مقتنعة بأن جميع الظروف مهيئة تماما لإطلاق العملية بما في ذلك عملية تسجيل مقنعة لكشوفات الناخبين.
وسبق لرئيس الوزراء فايز الطراونة أن وضع حاجزا رقميا يصل إلى مليوني مسجل كرقم معقول ومنطقي لكن أوساطا مهمة في الحكم بدأت تشكك بضرورة عدم القبول حتى بهذا الرقم لإنه يعني نجاح برنامج المقاطعة وأقل عدد من الناخبين فعليا قياسا بعدد السكان في تاريخ الإنتخابات.
لذلك يأمل صناع قرار بان تكسب الهيئة المزيد من الوقت وتمدد فترة التسجيل أو تبقيها مفتوحة إلى أن تصل أرقام التسجيل لنسبة معقولة تظهر شغفا شعبيا بالإنتخابات، الأمر الذي لا يمكن إعتباره بعيدا عن آلية وطريقة تفكير هيئة إدارة الإنتخابات.
ترجمة ذلك الأولى أن السقف الزمني المحدد للإنتخابات توسع قليلا وأن الفرصة متاحة لتأجيلها عن إستحقاق نهاية العام الحالي 2012. أحد المسؤولين تحدث لـ'القدس العربي' عن إنتخابات يمكن تأجيلها قليلا ولمدة أسبوعين فقط بتوصية من الهيئة المستقلة لكن ليس أكثر من ذلك.. اليوم يتشكل إنطباع بأن كل السيناريوهات متاحة لان الجميع بإنتظار الصافرة النهايئة للحكم الرئيسي وإنطلاق الدخان الأبيض لتعميد عملية التحول الجديدة في البلاد بمجرد عودة الملك من رحلته الحالية إلى نيويورك.
أيام فقط تفصل الأردن عن الصافرة السياسية الأهم في زمن تحولات الربيع العربي حيث سيحل البرلمان وتقال الحكومة وتحدد الإنتخابات وتبدأ التجربة الجديدة التي بشر الملك عبدلله الثاني العالم وهي 'حكومات برلمانية' تحكم وتتشكل خارج خارج الطرق التقليدية تماما لأول مرة في تاريخ البلاد.
السؤال الذي يغرق به الجميع حاليا أثناء حالة الترقب: هل سيركب الأخوان المسلمون في الحافلة عندما تنطلق الصافرة؟