يبدو ان جماعة الاخوان المسلمين كلما حاولت الخروج من ازمة دخلت بازمة اخرى على المستوى الداخلي ما ادى بالتالي الى ازمة حضور وانحسار لافت في الشارع رغم محاولات التحشيد والدعاية التي تمارسها بعض قيادات الجماعة بامكانية حشد الالاف وهذا تكرر اكثر من مرة خلال العام الماضي حتى الان واخفق كل مرة.
تراجع حضور الجماعة في الشارع رافقه تراجع كبير في مستوى التنسيق من جانب القوى الحزبية والتيارات السياسية من الالوان السياسية المختلفة التي باتت ترى في نهج الجماعة محاولة للاستفراد بالحراك ونتائجه وتجييره لصالحها ومحاولة الجماعة استخدام هذه القوى مجرد ادوات للتجييش والتخلي عنها في اللحظة الفاصلة بما يصفه قياديون في تلك التيارات « بالتصرفات المريبة والغامضه « التي اثبتت التجارب ان الجماعة لا تريد التخلي عنها .
كل مرة تتعمق فيها هذه الازمة المركبة التي تعاني منها جماعة الاخوان ، تجنح قياداتها المتشددة الى تصديرها الى الشارع ، حتى لايقع الفشل الكبير ، والانكشاف التام ، خاصة وان تلك القيادات ضربت بعرض الحائط نداءات متكررة من داخل البيت الاخواني بضرروة مراجعة النهج والعودة عن الاخطاء لتقع هذه النداءات على اذان صماء من تيار الفوضى والتازيم داخل الجماعة .
في خضم هذا التازم الذي تعيشه جماعة الاخوان المسلمين يبدو التخبط والاضطراب جليا في وتيرة مسار حراكها في الشارع كما ان شعاراتها وخطابها المتناقض يثير اسئلة كثيرة لدى قوى المجتمع وتياراته السياسية المختلفة لا تجد عليها اجابة واضحة من الجماعة بل تذهب الامور الى ما هو ابعد من ذلك بتشكك كبير من ان الجماعة وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الاسلامي لن تجدا ضيرا باجراء انعطافة في أي لحظة نحو عقد الصفقات بما يناسب مصالح الجماعة وحسب .
هذا الامر ليس جديدا في نهج الجماعة وتاريخها ، ولا يزول من الذاكرة السياسية بسهوله ، لكنه في الاونة الاخيرة ، اصبح ايضا ، مثار خلاف داخل البيت الاخواني وعمق الازمة التي تعصف بها حتى ان مصادر وثيقة الاطلاع على مجريات الاوضاع في المطبخ الاخواني تصف الوضع بتجذر « ازمة ثقة « مستفحلة تسود بين الاجنحة والتيارات المتصارعة في الجماعة وصلت حد الاتهامات والمطالبة باجراء محاكمات تنظيمية على خلفيات مختلفة .
في العمق الاخواني الكثير من الخلافات الان ، وهي تراكمت واصبحت «ككرة الثلج» لم ينفع معها جهود وساطه من تيارات ثالثة داخل الجماعة ، اذ ان الاتهامات بتزوير الانتخابات الداخلية واستخدام المال للتاثير على النتائج وكذلك اساليب قيادة الحراك في الميدان وخلق قيادات التشدد ولاءات لها داخل القواعد تتلقى الاوامر منها مباشرة ، وتبني اسماء وهمية لحراكات شبه منعدمة على ارض الواقع واخيرا اعلان «المجلس الاعلى للاصلاح « الذي تشير المعلومات ان الخلافات حوله وحول اهدافة بدات تنشب داخل الاخوان لا سيما وان قيادات التشدد تحاول اختطافه مباشرة ووضع مساره على السكة المناسبة لاجندتها .
هذا المشهد الاخواني المعقد المحتقن والمتخم بالخلافات جعل من هذه الخلافات ازمة كبرى تعصف بهم اكبر من ان تحلها وساطات تبذل هنا وهناك ، بل ان المجريات تذهب الى ما هو اكبر من الازمة ، الى معركة داخل الجماعة بات الوضع يشي انه لابد من منتصر وخاسر فيها قمة الاوهام ان يعتقد قادة التيار المتشدد ان محاولة تصديرها الى الشارع سيكون حلا لها .