اخبار البلد
عمليا خرجت فكرة التشهير برموز الدولة على أساس إتهامهم بالفساد من لعبة المعارضة والواقع تماما أمس الأول (الجمعة) في الأردن بعد ساعات متوترة وساخنة جدا سهرت معها عمان العاصمة حتى الصباح.
نقطة السخونة أحاطت بقلب العاصمة وتحديدا في محيط منزل رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابده الذي شهد موقعة كان يفترض أن تكون سياسية لكنها تحولت إلى (عشائرية) ومناطقية.
وما حصل إستدعى في ذهنية مئات النخب والشخصيات الوطنية سيناريوهات مؤلمة وقلقة عن الإضطراب الأهلي على خلفية ما يسميه الكاتب الصحفي فهد الخيطان بأخطاء الحكومة والمعارضة حيث وقعت إشتباكات بين أنصار الروابده وبعض النشطاء الحراكيين بعد موجة من البيانات الفضائحية .
وإنتهى الأمر بتواجد مكثف لقوات الدرك في محيط منزل الروابده أولا وفي محيط المستشفى الذي أسعف فيه مخترع فكرة التشهير برموز الدولة الناشط الدكتور حسام العبدللات.
القصة بدأت أصلا عندما أعلن العبدللات بإسم مجموعة تسمي نفسها المعارضة الأردنية الموحدة نيته تنظيم إعتصامات خاصة للتشهير بنخبة من كبار المسئولين ورجال الدولة.
جدول أعمال هذا المشروع الغريب بدأ بمدير مكتب الملك الدكتور عماد فاخوري فمر الإعتصام بهدوء ونعومة وإحتوى الرجل محاولة التشهير التي طالته.
لكن الإثارة تجلت في المحطة التالية للمشهرين بفاسدين مفترضين يتهمون بدون أدلة ووثائق حيث أعلن المنظمون أن وقفتهم التالية ستكون أمام منزل الروابده وهو فيلا حديثة بحي هاديء وسط المدينة عمان.
الروابده أولا رحب بالمعتصمين كمحاورين وحذرهم من أنه لن يقبل التشهير به أمام منزله على أمل أن يتراجعوا.
وبعد ثلاثة أيام من الجدل المتواصل إحتشد أقرباء وأنصار الروابده أمام منزله قبل ساعات من الموعد المقرر وشاركهم في التضامن مع رجل الدولة المعني المئات من الشخصيات السياسية وأبناء بقية العشائر وحتى بعض الحراكيين الذين لم يعجبهم الأسلوب.
كان تجمع مئات الشبان والأشخاص تضامنا مع الروابده محاولة لردع المغامرين من نخب المعارضة الموحدة لكن الطرف الأخر وعددهم لا يزيد عن 14 ناشطا أكملوا المشوار.
تحركت قبل نصف ساعة من الموعد المحدد للتشهير بالروابده سبع سيارات فيها 14 ناشطا ويقودها الدكتور حسام العبدللات المتحمس الأكبر للمشروع.
جميع السيارات توقفت قبل الوصول لبوابة الحي الذي يقطن فيه الروابده وترددت في إكمال مسيرتها لكن العبدللات أصرعلى إكمال وقفته رغم علمه بوجود ألاف المحتشدين عند الطرف الأخر.
وفقا للناشط مشعل المجالي الذي رافق العبدللات في رحلة المناكفة هذه تحرك الأخير بسيارته ومعه أربعة أشخاص قال المجالي للقدس العربي أنه كان بينهم.
خلال دقائق وبمجرد الإقتراب من المنزل المنشودد- يشرح المجالي- خرج أكثر من ألف شخص من أنصار الروابده وحطموا سيارة العبدللات وإنهالو على الأشخاص الأربعة بالضرب الوحشي وفقا للمجالي الذي قال بأن رفيقه العبدللات بين الحياة والموت في العناية المركزة وأنه أفلت من الموقف بعد إصابته برضوض بعد إبلاغ المهاجمين بأنه إعلامي فيما أصيب المرافقان الأخران.
المجالي يؤكد بان الهدف من الزيارة كان مقابلة الروابده وطرح أستفسارات محددة عليه حول فساد الدولة والمؤسسات وليس التشهيربه لكن الرجل يستغرب ما يسميه بالهجوم الهمجي الوحشي على السيارة وركابها بدلا من التعامل معهم كضيوف والإصغاء لهم بدلا من إستخدام وسيلة الغابة.
بالنسبة لقريب الجريح الأبرز المحامي موسى العبدللات فقد أصيب قريبه الناشط حسام بطعنات من سكين وحياته الأن في خطر مشيرا لإنه كوكيل قانوني وناشط سياسي وأحد أبناء عشيرة العبدللات يحمل النظام برمته وبعده ما يسميه بميليشات الروابده مسئولية دم الناشط الذي هدر.
هذا النمط من الإعتداءات- يقول المحامي العبدللات للقدس العربي- مبرمج ومقصود ومؤسسات الفساد تحمي أولادها والمسألة لم تنتهي.
بعد الإصابة البليغة التي تعرض لها الناشط العبدللات نقل حسب المجالي مع إثنين أخرين لمستشفى قريب فتقاطر إلى المشفى المئات من أبناء عشيرة العبدللات وبدأت المسألة تتخذ إتجاهات عشائرية فيما أحاطت قوات الدرك بالمكان تعاملا مع أي فتنة محتملة ذات طابع عشائري.
الأجواء محتقنة تماما ومواقع على فيس بوك قالت بأن بعض أبناء العبدللات أطلقوا النارعلى منزل الروابده وأحد السياسيين لاحظ بأن شخصيات بارزة جدا من العبدللات بينها النائب في البرلمان جعفر العبدللات ووالده رجل الأعمال الشهير جدا لم يحضرا للمستشفى تضامنا مع الناشط حسام العبدللات.
صباح الأحد بدأت إتصالات لإحتواء الإحتقان في بعده العشائري والمناطفي بين جميع الأطراف لكن النتيجة المباشرة سياسيا تقول بأن مشروع التشهير برموز الدولة سقط عمليا في الإختبار وخرج من سكة الواقع وأصبح مكلفا على جميع الأطراف , الأمر الذي يرشحه للخروج من الخدمة ولو مؤقتا بسبب كلفته العشائرية العالية على أمن المجتمع.
لوحظ على الهامش بأن الأجهزة الرسمية والأمنية لم تتصرف إطلاقا من البداية رغم تقديرات الجميع بأن المسألة ستتخذ أبعادا عشائرية ورغم تحشد مئات الأنصار حول منزل الروابده دفاعا عنه ضد التشهير لم تتدخل أي مؤسسة رسمية لدفع ال 14 ناشطا للتراجع عن فكرتهم المثيرة.
فيما يخص الروابده ومجموعته السياسية الموقف أكثر وضوحا : الدولة لم تتدخل لحماية رموزها فتدخل الناس ومن عدة عشائر ومناطق لحماية رجل وصفوه على يافطة عملاقة بأنه من نسور الأردن.
لكن النتيجة السلبية واحدة حيث تشكلت المزيد من مساحات القلق وسط تزايد الشعور بأن الدولة تترك لأسباب غامضة مثل هذه النزاعات تتطور أما الروابده فيقول لزواره بأنه إتصل بجميع الأطراف في الدولة وأبلغهم مبكرا بما يجري كما إتصل بأطراف في عشيرة العبدللات طالبا منهم التدخل ومنع إبنهم من زيارة التشهير التي أعلن مبكرا أنه سينفذها قبل تحولها لكابوس عشائري وأمني.
وقبل ذلك إنتقد كثيرون حتى في المعارضة والحراك مشروع التشهير بالرموز بسبب الحساسيات الجهوية والإجتماعية التي يثثيرها دون طائل لكن اليوم مشهد متوتر إضافي في قصة طويلة بدأ الأردن يعاني منها إسمها غياب الإصلاح وإنفلات الحراك في آن واحد.