أخبار البلد -
على فرض اننا سنختلف مع المشرعين في مجلس الامة بشقية اذا مرروا التعديلات على قانون المطبوعات والنشر كما اقرتها الحكومة، او اذا تحمسوا كعادتهم لمعاقبة الصحافة الالكترونية على مخالفات بعضها وشطحاتها التي طالت النواب وبعض الاعيان كما طالت بالتجريح الحكومات وكل من يملك قرار او رأيا، ماذا سنفعل بعد ذلك، هل نعود على حالنا ما بين جناة وضحايا لمجرد ان لا رقابة على ما ينشر، ام نجتهد نحن معشر الصحفيين لنضع لانفسنا معيارا خاصا نتفق عليه ونستبدل القوانين بمواثيق شرف رغم ان كل المواثيق التي وضعت اثبتت طوال السنوات الماضية ان الشرف هو اوطأ الحيطان التي سهل القفز من فوقها، نريد ان نعرف قبل ان نقول لا او نعم، ما هي الحلول لوضع حد للشتائم والكذب والافتراءات والتحريض، ونريد ان نعرف ماذا سنقرر للصحافة الالكترونية كي لا تتعامل مع تعليقات القراء بنفس المسطرة وبمعيار واحد دون تمييز بين الحاقد والحاسد ومن يحتاج الى تأهيل اخلاقي قبل ان يجلس امام شاشة الكمبيوتر,وبين صاحب الرأي الآخر حتى لو اعترض وعارض وخالف الرأي المنشور جملة وتفصيلا.
الذين يقولون اتركوا الامور على حالها ولينشر من شاء ما يشاء تنقصهم بديهيات المعرفة بالنشر والكتابة ومهنة الصحافة واصولها,وينطلقون من هذا النقص الذي يعانونه في تقييمهم لكل تعليق مسيئ للناس فيجيزون نشره على انه حرية تعبير او دعابة ولو اشتمل على شتيمة، ولانهم لا يمثلون شيئا ذا قيمة مهنية وليس لديهم رأي ينشر يضعهم في دائرة الضوء فانهم محصنين ولا يطالهم تعليق او رأي يناقض اراءهم فهم بلا رأي، وعليه يسمحون بنشر كل ما يردهم على قاعدة (خلي الناس تحكي)، ولعلي ممن يتفقون مع هذه القاعدة من حيث المبدأ، ولكن-وهذه ال « لكن» لا تعجب الكثيرين من زملاء المهنة - ليس المهم ان ننقر الاحرف لنطبع شيئا تنشره بعض المواقع بلا اسم ولا اية اشارة الى الكاتب، المهم هو ما ينشر، خاصة عندما يتفرغ شخص واحد لملء مساحات التعليق كلها وفي كل مرة يختار لنفسه رمزا او اسما لا يدل على كائن عاقل يتعامل مع تكنولوجيا المعلومات.
المصيبة ان بعض المواقع الالكترونية تحقق نجاحا باهرا وتؤدي وظيفة اعلامية من طراز رفيع لكنها تصبح مشمولة بغضب الناس والمشرعين اذا تاجرت بالتعليقات على انها امتياز ودليل متابعة وشعبية، ومرة أخرى نذكر بأن دخيلا واحدا مدفوع او مدفوع له يتكفل بنشر ثلاثين تعليقا على خبر او مقال ولهدف وحيد هو الاساءة لكاتبه، وقد حدث ذلك بالفعل، والانكى منه ان بعض اصحاب المواقع يكلفون أجيرا مختصا باضافة التعليقات على كل ما ينشرونه على مواقعهم للبرهنة على تميز جرائدهم وكثرة متصفحيها، اما ما هو مؤلم للصحفيين الانقياء والمهنيين الحقيقيين ان بعض الدخلاء انشأوا مواقعهم اساسا بهدف الاساءة للناس وابتزاز السلطة والمستثمرين وبعض اصحاب المصالح، والكارثة فوق ذلك كله ان بعضهم حقق نتائج باهرة، فالموقع الذي انشأه ليهدد به ضعاف النفوس من اصحاب القرار والمسؤوليين السطحيين حقق له احلامه فوضع ضمن قائمة الواجب ارضاءهم والا..!
خلاصة القول مرحى للصحافة الإلكرتونية التي رفعت سقف الحريات رغم انف المعارضين للحريات، ومرحى للصحفيين الذين لا منطلق لهم في دخولهم هذا الحقل الا تطوير الاعلام الاردني ووضعه في المكانة التي تليق به مدافعا عن حقوق الناس ومصالح الوطن وناقدا عنيدا ومرقابا بوجه الفساد والفاسدين، ولكن - وهذه ال « لكن « ستثير غضب الدخلاء والمبتزين - لا بد من تمييز الصحافة الحقيقية وتقديرها عن نفايات ما ينشر، وفي هذا مصلحة للمهنيين من زملاء المهنة الصحفيين الذين يكدون لتنقية الصحافة الالكترونية بعدما تعرضت لغزو القوارض من كل جحر.