أكتب عن البنك العربي وقد طويت صفحة أراد من فتحها أن تكون حسكة في فم من يتناولون سمكة طازجة..واذ الخلاف الذي يمكن أن يظل وراء الأبواب المغلقة وفي الأروقة الداخلية شأن أي قضايا بنكية أخرى الى الاعلام وقد كان الاشهار لهذه القضية وسيلة رئيس مجلس الادارة المستقيل عبد الحميد شومان (عبود) الذي هرب للأمام حين أحس بتقليص صلاحياته ومحاصرته بضرورات الحوكمة التي أصبح البنك على ضرورة لانفاذها كاملة غير منقوصة بعد أن توفرت له ادارة مستقلة كفوءة لم تعد في حوزة رئيس مجلس الادارة أو تأثير ضغوطاته..
توسع هامش الاستقلالية للرئيس التنفيذي نعمة صباغ وهو أمر لم يكن مألوفاً في التقاليد الشومانية واستطاع من وسعوا الهامش بدعم اعضاء مجلس الادارة ممن استأنسوا بنجاح الادارة التنفيذية أن يزرعوا في تلك المساحات نجاحات اضافية لصالح موقع البنك ومواقفه ولصالح قدرته على قبول التحديات الداخلية والخارجية والتعاطي مع كل الظروف المستجدة..
لم تكن الادارة التنفيذية كما توفرت لي المعلومات راغبة في ترحيل المشاكل أو تأجيلها وكانت تريد لشمس الشفافية أن تسطع في كل ثنايا البنك ولا تبقى على اي امتيازات مهما كانت صغيرة أو تحتفظ بأي جملة ممنوعة من الصرف..
كان التجاذب ليس في مواقع الادارة فقط والتي ادمنت الجمع في المسؤوليات واعتماد الادارة الفردية في غالب الاحيان ولكن التجاذب سرى ليصل الى صراع المفاهيم الاقتصادية بين جيلين ..»محافظ ومنفتح»..
لم يعد البنك العربي منذ توسيع المساهمات فيه قبل حوالي (7) سنوات هو البنك العربي الذي أسسه شومان في الثلاثينات ولا حتى على الصورة التي حملها شومان الثالث الى ما قبل استقالته فقد سرى ماء كثير من تحت الجسور وحاول الكثيرون من المالكين ان يلفظوا اسم البنك العربي بلهجتهم باعتبار ان لهم فيه أموالاً ..
البنك العربي ما زال يحمل اسمه وما زال يحتفظ بعمق جذوره وهويته وأصالته وقدراته العملائية وملاءته وتنافسيته ولذا لا خوف فيه ولا اشفاق واذا كانت ابرز قياداته قد انشقت أو مزقت جيباً أو لطمت خداً ونعت فإن البنك ماضِ لأنه مؤسسة وطنية اقتصادية مستقرة وقادر على استعادة عافيته بطي صفحة من صفحاته الأساس ليمضي..
لن يغرق البنك باستقالة شومان ولن تعدو الاستقالة أن تكون حدثاً في رزنامة البنك على ورقة يومية سيجري تجاوزها فمثل هذه القلعة لا تغرق باستقالة مدير طالما كانت الحوكمة والرقابة وانتباه البنك المركزي ..
الحجج التي سيقت وراء حدث الاستقالة ومعه ذابت وتلاشت فوراً حين سطعت عليها حقائق الواقع وحين نهض المسؤولون في البنك بواجباتهم فوراً واستأنفوا العمل وأغلقوا أي فجوة يمكن أن يمر منها الريح أو الغبار..
يسجل «للشومانية» كمدرسة اقتصادية مالية بنكية دورها ومكانتها وريادتها ولكن ذلك لا يحوز أن يشكل حجراً على أي قدرات مستجدة تنقل البنك الى آفاق أوسع ليعمل حيث وصلت أحدث البنوك والتقنيات والوسائل..
واذا كان البعض يشفق ان ينتقل البنك العربي الى حيث يعيش مالكين ومساهمين فيه الى عواصم أخرى فإن الماء في الاواني المستطرقة يذهب حيث ينساب واعتقد ان الأردن سيظل بكل المعايير هو الأنسب تربة لهذه الشجرة الباسقة ولن تنافسه خاصة في هذا الزمن العربي الصعب أي تربة فهناك في العربي الان من يحرص على ذلك ولا يستطيع أحد المزايدة عليه في ذلك..هناك من يريد لاسم العربي أن يظل مرفوعاً ولنشاطه أن يبقى متصلاً..ولشومان ومدرسته التقدير فقد شكلت مرحلة يعتز بها البنك العربي وكل من تعاملوا معه..
وحين قلت أخطأ شومان في العنوان..فإنما قصدت الخطأ في الاجتهاد بالاستقالة وقد يكون حاز على أجر وليس أجران فلكل مجتهد نصيب وقد سمعت أحدهم يقول( محمد مات وأمته تدبرت أمرها من بعده)!!