اخبار البلد _كتب اسامة الرنتيسي _ لأول مرة يصدق الخطاب الحكومي حول العزم على إيجاد آلية لإيصال الدعم إلى مستحقيه، ولا يوجد في بطن الكلام مواربة باتجاه زيادة في الأسعار.
فالذي تفضل به وزير الصناعة والتجارة حول آليات الدعم من أن هناك العديد من السلع المدعومة من قبل الحكومة يتم تهريبها إلى الدول المجاورة صحيح. وأضف إلى ذلك وجود نوايا حكومية بتخفيض أسعار بعض السلع الأساسية للتخفيف عن المواطنين.
لست من المبشرين لسياسات الحكومة، لكن هناك معلومات تشير إلى أن الانخفاض العالمي لأسعار النفط قد ينعكس علينا في الأيام المقبلة، وهناك توصيات عليا بضرورة التخفيف عن كاهل المواطنين.
طبعا ليس هذا كرما حكوميا، ولا تغيير في السياسية الاقتصادية والمالية، إنما هو جزء من نزع فتيل الأزمات التي تتراكم بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، خاصة ما حصل منذ بداية رمضان.
تعودنا منذ سنوات أن لا نجد تصديقاً للرواية الرسمية حول الدعم الحكومي، وكان المواطن يضع يده على قلبه عندما يستمع إلى حديث حكومي حول السلع المدعومة، وأكثر ما كان يخيف المواطنين الحديث عن رفع الدعم عن الخبز والمحروقات.
حتى عندما فكرت حكومة الدكتور معروف البخيت بإلغاء آلية تطبيق الدعم المباشر الذي يقدم لمادتي الخبز والغاز المنزلي، واستبداله بآلية جديدة، وبطاقة ذهبية، جاء تفكيرها كمن يلعب بالنار في حقل ألغام، ولم تنطلِ يومها هذه السذاجة السياسية على أحد في فترات الارتياح الشعبي، فكيف يكون الحال في ظل اليقظة الشعبية الآن؟
تحتاج حكومة الطراونة هذه الايام إلى قرارات شعبية تخفف من حدة الاحتقان العام، حتى لو قال الرئيس في أكثر من مناسبة انه لا يبحث عن الشعبية، وكأنها والعياذ بالله تهمة!
الحكومة تعرف أنها غير محظوظة، وللدقة غير مرغوبة، لا بل ينتظر المواطنين رحيلها المتوقع قريبا، لكن سوف يسجل في رصيدها أنها خفضت في يوم ما نار الأسعار المشتعلة، والتي يلمسها زوار الأردن من الدول الخليجية وحتى السياح، ويقولون بالفم المليان "والله لا ندري كيف يتمكن الأردنيون من مواجهة غول الأسعار".
لا ينبغي للحكومة أن تُجَر إلى مواجهات جديدة بعد أن حسم رئيسها مصير الانتخابات التي سوف تكون على الأغلب في شهر كانون الأول المقبل، وهذا الكلام يحتاج إلى أجواء مريحة على الأقل اقتصاديا لكي يتشجع المواطن للإدلاء بصوته، ولا يفكر ببيعه مثلما كان يحصل في الانتخابات الماضية.
نحتاج إلى قرارات اقتصادية مريحة كما نحتاج إلى إنجازات ملموسة في الإصلاح السياسي الشامل، وهذا فعلا ما يدعم خزينة الدولة ماليا ومعنويا.