قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل إن "الحركة تقدمت، بناء على طلب أردني، بنصيحة للإخوان المسلمين حول المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بدون فرض رأي أو ابتغاء تحسين العلاقة مع النظام".
وأكد مشعل، يحسب "الغد" الاردنية، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس في عمان، خصوصية العلاقة الأردنية – الفلسطينية، قائلاً "لا أقبل، كقائد في حماس، أن تكون المواطنة الأردنية الكاملة، بمنابتها المختلفة، مدخلاً عند البعض للتوطين أو تحقيق مكسب ما".
ويزيد على ذلك، بالنسبة للرؤية الحمساوية تجاه العلاقة مع الأردن، "أفق رحب يطال التنسيق والتعاون ولا ينحصر في نمطية الوجود المكتبي، ضمن محددات قدسية أمن الأردن واستقراره، واحترام الشأن الداخلي، وانتفاء التداخل بين تنظيمي حماس وإخوان الأردن".
وتحدث مشعل عن "استبشاره بالربيع العربي"، بيد أنه أبدى قلقاً من "الخسائر والدماء التي كنا نتمنى حقنها في كل الساحات العربية، لتحقيق أهداف الربيع سلمياً دون دم أو صراعات"، أما الربيع الفلسطيني فيتمثل في "مواجهة المحتل الإسرائيلي، والوحدة الوطنية".
وفي التفاصيل؛ أوضح مشعل بأن "الجانب الأردني طرح، أثناء المباحثات الثنائية، مسألة أن يكون لحماس كلمة خير في الشأن الداخلي الإصلاحي، لما يشكله الإخوان من ثقل كبير في المعارضة، ولعلاقة الصداقة الطيبة التي تجمعهم مع الحركة".
وبين بأن "المسؤولين الأردنيين لم يطلبوا من حماس وساطة أو شيئا محددا، وإنما كانت مجرد إبداء رغبة في التدخل باتجاه تحقيق التوافق الوطني والمشاركة الانتخابية".
ولفت إلى أن الحركة "تحدثت في هذا الموضوع مع الشخصيات الأردنية من كافة الأطياف الوطنية، كما بحثته مع الإخوان، استناداً إلى قاعدة إبداء النصح، لا فرض الرأي، بما يتوفر لحماس من خبرة وقراءة لمتغيرات المنطقة، وتأكيداً لأهمية الحوار وسيلة للتفاهم بين كافة الأطراف بما يخدم المصلحة الوطنية".
وشدد على "احترام خصوصية الشأن الأردني وعدم التدخل فيه، موضحاً بأن كلمة الخير قيلت للطرفين دون تسويق موقف على آخر، أو محاولة للعب دور بهدف تحسين العلاقة مع النظام الأردني"؛ فحماس تتحرك من منطلق قناعاتها وبما تراه مناسباً لخدمة المصالح العربية الإسلامية.
وتابع قائلاً "لا يمكن لحماس النابتة من قلب الشعب، الانتحاء بمصاف أي نظام للتحريض ضد الشعب، وإنما هي تسلط الأضواء فقط على زوايا قد لا تتم رؤيتها، من منطلق الخبرة والتجربة، حيث فعلتها سابقاً مع دول عربية أخرى".
وحول رد فعل الإخوان، قال مشعل، "وجدنا تجاوباً طيباً وتقبلاً للأفكار المطروحة، ولكنهم شرحوا معاناتهم ورؤيتهم للموضوع، مؤكداً حرص حماس على احترام حدود ما يمكن أن تقوم به، وعدم الضغط في أي اتجاه".
ورجح "إمكانية بلوغ قواسم مشتركة، إذا استمر التواصل والحوار بين الطرفين قائماً"، مضيفاً بأنه "ستكون هناك متابعة للموضوع".
وتحدث عن زيارة وفد حماس، برئاسته، إلى الأردن، بوصفها "تأسيسية تعبر عن رغبة مشتركة في فتح صفحة جديدة في العلاقة"، حسب تعبيره.
ورأى فيها "زيارة مستكملة المضامين، احتوت لقاءات مع المسؤولين من مختلف المستويات السياسية والأمنية، وتناولت عناوين متنوعة تنقلت بين الداخل الأردني، والمصالحة، ومتغيرات المنطقة، ومستقبل الصراع العربي – (الإسرائيلي)".
وضمن أجواء إيجابية وروح طيبة تشي عن خطوة جادة ومتينة على الطريق العلائقي، جرت المباحثات الثنائية، التي تطرقت نحو الرؤية الحمساوية للعلاقة مع الأردن، ضمن جوانب أفقها وشكلها ومحدداتها.
أما الأفق؛ فهي "علاقة غير محصورة في المسائل الجزئية، وإنما تحمل فضاءً رحباً يطال التنسيق والتواصل، بشأن القضية الفلسطينية والوضع السياسي وقضايا الصراع العربي – (الإسرائيلي)، مثلما يصيب التعاون والخدمة المتبادلة، كل حسب قدراته، لتحقيق المصلحة الأردنية الفلسطينية"، بحسب مشعل.
ولكن ذلك "لا يعني، مطلقاً، الندية، كما لن يكون على حساب علاقة الأردن مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية، فحماس جزء من الأخيرة"، على حد تعبيره.
وقال مشعل إن "حماس بادرت خلال اللقاء للتأكيد بأنها لا تريد طلب فتح مكتب لها في الأردن، فالمكتب ليس النمط الوحيد للعلاقة"، مؤكداً أهمية "استمرار التشاور والتنسيق، والتواصل وتبادل المعلومات".
وأكد "حرص حماس على أمن الأردن واستقراره بوصفه أمراً مقدساً لا يجوز المساس به، إضافة إلى احترام خصوصية الشأن الداخلي الأردني وعدم التدخل فيه، باعتباره موقفاً مبدئياً ثابتاً بالنسبة لحماس حيال الدول العربية".
أما إذا طلب من حماس أداء دور ما في الشأن العربي، فتقوم به بما يخدم مصلحة الأمة بدون إقحام نفسها في أي شأن داخلي، فالفلسطيني حيثما وجد ضيف يحترم أصول الضيافة.
وأوضح بأن "حماس لا تتدخل في الشأن الإخواني الداخلي في الأردن وليست طرفاً في تنوعه وأطيافه المختلفة"، مضيفاً "بعدم وجود تداخل بين تنظيمي إخوان الأردن وحماس".
وأكد "رفض حماس أي محاولة لإقحامها في الوضع الإخواني الداخلي، فهي على مسافة واحدة من الجميع".
ولفت إلى "خصوصية العلاقة الأردنية الفلسطينية الطويلة والتاريخية والمركبة"، موضحاً بأن "الأصل في المواطنة، بمنابتها المختلفة، أن تكون كاملة، ولكن، كقائد في حماس، لا أقبل أن تكون المواطنة الأردنية الكاملة مدخلاً عند البعض للتوطين أو تحقيق مكسب".
وأبدى استعداده "لبحث الموضوع مستقبلاً"، معتبراً أن "بحث أي شكل من أشكال العلاقة بين الطرفين، مثل الكونفدرالية، يتم بعد التحرير".
أما عن توقيت الزيارة، فاعتبر مشعل أن هناك عدة عوامل لعبت دوراً في ذلك، منها "المتغيرات المحيطة بالمنطقة، والدور الحيوي والمؤثر لحماس، والطريق المسدود للتسوية، وأجواء الربيع العربي، فضلاً عن احترام حماس للأردن وعدم الإساءة إليه مطلقاً، رغم القطيعة من جانب الأردن".
وتحدث عن أن "حماس طرحت سابقاً ضرورة بحث الخطوة البديلة عن الرفض الإسرائيلي للمبادرة العربية للسلام، ولكن لم يكن هناك تجاوب حينها، لربما يعود ذلك إلى الظرف العربي وصعوبة الأخذ بالبدائل، رغم إدراك الجميع لطبيعة الكيان المحتل".
وأكد "استبشاره بالربيع العربي لأنه يخلق أوضاعاً جديدة تملك أوراقاً جديدة"، غير أن "الانشغال العربي بالأوضاع الداخلية قد يغري الكيان الإسرائيلي بالمضي قدماً في ممارساته العدوانية في الأراضي المحتلة".
واعتبر أن "انصراف أضواء الربيع العربي عن القضية الفلسطينية خسارة تكتيكية مقابل مكسب استراتيجي لتحسين أوراق القوة عند العرب"، مستبشراً "بمرحلة قوة عربية مقبلة، بما يتطلب فلسطينياً إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة واستعادة روح المقاومة ووقف مسار التسوية وترتيب البيت الفلسطيني".
وحول المصالحة، أشار إلى "عوائق خارجية وداخلية تتمثل في اشتراطات على المصالحة، من حيث تهديد السلطة بقطع المساعدات عنها، عدا عن تدخل الجميع في الساحة الفلسطينية، بما يلقي بثقله على المصالحة".
ونوه إلى العوائق الداخلية، معتبراً أن "سنوات القطيعة أوجدت شكوكاً ومخاوف متبادلة، وطغيانا للمنطق الحزبي والمصالح الذاتية الأنانية، ومع ذلك حرصت حماس على إطلاق المصالحة وقدمت المرونة من أجل تحقيق الوحدة الوطنية، ولكن هناك تأثيرات عديدة، بما يتطلب قوة دفع قوية لتحقيقها".
وأشار إلى "مباحثات فتح وحماس حول تشكيل الحكومة، غير أن انشغال مصر في الانتخابات أخرها"، معتبراً أن الدور المصري في المصالحة سيكون أفضل.
وأبدى ترحيبه بأي جهد عربي يساعد في المصالحة، منوهاً إلى أن الأردن أبدى استعداده لذلك، فيما ترحب حماس بالدور الأردني في رعاية المصالحة إلى جانب مصر وأي دور عربي ما دام يخدم المصلحة العربية الفلسطينية.
ونفى وجود ترتيبات للقاء الرئيس محمود عباس، بانتظار قيام مصر بترتيب أمورها الداخلية، ولكنه أشار إلى التحضير لزيارة مصر للتهنئة، ولكن لم يتم تحديد تفاصيلها أو توقيتها.
وأكد أن "مصر بعد الثورة لا يمكن إلا أن تكون مع القضية الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة"، إلا أن ذلك الأمر "متروك لمصر لترتيبه بالطريقة المناسبة".
واعتبر أن الربيع العربي مقدمة لنهضة عربية كبيرة تحقق التوازن الإقليمي والتنمية والإصلاح، رغم قلقنا من الخسائر والدماء، حيث كنا نتمنى أن يتحقق الربيع العربي بطريقة سلمية بدون ألم وصراعات.
وتابع قائلاً "رغم الخسائر والدماء التي كنا نتمنى أن تحقن في كل الساحات العربية، ولكننا نتطلع لتحقيق المشروع الإصلاحي في الديمقراطية ومحاربة الفساد وتماسك الجبهة الوطنية في كل بلد عربي، بما فيه خير للأمة".
أما الربيع الفلسطيني فيتمثل، وفق مشعل، ضد المحتل الإسرائيلي وبالمصالحة وترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وإعادة ترتيب الأولويات والبرنامج السياسي.
وأوضح أن حماس تستكمل انتخاباتها الداخلية في غزة والضفة والخارج وصولاً إلى مجلس الشورى العام الذي يختار رئيس وأعضاء المكتب السياسي، بما يتطلب حوالي الشهرين للانتهاء من ذلك، معتبراً أن الديمقراطية الداخلية للحركة راسخة ومؤسسية وضمن أسس قوية.