اخبار البلد - كتب موسى الصبيحي
ما أن كتبت بالأمس في بعض وسائل الصحف الإلكترونية منتقداً تصريح وزير تطوير القطاع العام حول زعمه بأن الهيكلة حققت وفراً في الرواتب والعلاوات يقدّر بحوالي 40%، حتى بادرت الوزارة بنشر ردّ مقتضب تم إرساله إلى مختلف وسائل الإعلام، أوضحت فيه أن المقصود بالوفر الذي أشار إليه الوزير، هو الوفر المتحقق نتيجة تعيينات الفئات العليا خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري.. وضربت الوزارة مثلاّ على ذلك براتب المفوض الذي أصبح تعيينه براتب لا يزيد على ألفي دينار..!!
هذا التوضيح جيد، لكنه لم يجب على السؤآل الذي طرحناه حول الكلفة الحقيقية لمشروع هيكلة رواتب القطاع العام، والتي صرّح وزيرا المالية السابق والحالي بأنها لامست حدود الأربعمائة مليون دينار للسنة الأولى، ما يعني أن الرقم التراكمي لكلفة الهيكلة سيقفز خلال سنوات قليلة قادمة إلى مبالغ فلكية باهظة تنوء بحملها موازنة الدولة مهما انهالت عليها المساعدات والقروض.!!
ثم أتساءل ما هو حجم التوفير بالرقم الذي تحقّق نتيجة تعيينات الفئات العليا في الدولة من رؤساء هيئات ومدراء وأمناء عامين ومفوضين وغيرهم..!! فنحن نعلم أن عدد هؤلاء بسيط، وإذا كان كبيراً، فالمشكلة هي الحكومات الأردنية ذاتها التي أنشأت الكثير من الهيئات والمؤسسات والمجالس والمفوضيات، مما ينفع ومما يُستنفع منه..!! وهي التي كانت تُحدّد لرؤساء هذه الهيئات رواتب بالآلاف فهي المسؤولة عن التجاوز وهي المسؤولة عن التعيين، وهي أيضاً المسؤولة عن الفشل..!!
نريد من الوزارة ومن الوزير تحديداً إجابة صريحة صادقة يكشف فيها عن الكلفة الحقيقية لمشروع الهيكلة، وهل ما نطق بها وزيرا المالية طوقان والحافظ دقيق.. وإذا كان صحيحاً، ونظنه كذلك، فإن على الوزير أن يعترف بالأخطاء والخطايا التي شابت عملية تطبيق الهيكلة، وعليه أن يعتذر للشعب الأردني بجملته، ولكل دافعي الضرائب على ما تسبّب فيه من إرهاق لموازنة الدولة، ما حدا بالحكومة إلى أن تلجأ للإقتراض لكي تدفع رواتب موظفيها، ناهيك عن الخسائر الهائلة التي يصعب تقديرها، جراء الاعتصامات والإضرابات التي رافقت عملية الهيكلة ولا يزال بعضها قائماً حتى الآن، إضافة إلى أجواء الاحتقان وعدم الرضا التي ما تزال تسود القطاع العام بسبب غياب الشعور بالعدالة من هذا المشروع الذي ميّز بين موظفي الدولة، فأعطى فئات على حساب فئات، وأنصف شرائح وظلم شرائح أخرى..!! فهل يتوقع الوزير المحترم، وهو يستعد حالياً لنقل التجربة إلى ليبيا، أن تسهم الهيكلة التي ارتكب فعلتها في تطوير القطاع العام في ظل أجواء مشحونة بالإحباط والضجر وعدم الرضا..!!؟
مشروع الهيكلة بالطريقة التي تم تطبيقه بها مشروع مدمّر، وغير عادل، والوزير الخوالدة هو المسؤول الأول، وكنّا دعوناه أكثر من مرة إلى إعادة مراجعة مشروعه بما يحقق العدالة والإنصاف لموظفي القطاع العام، وبما لا يشكّل أي اعتداء على حقوقهم التي نالوها ضمن تشريعات وأنظمة سارية صادرة ضمن قنواتها الدستورية والقانونية وموشحة بالإرادة والتوقيع الملكي.. وما لم يفعل سيظل مسؤولاً عن أي تبعات مدمّرة للقطاع العام ولموازنة الدولة واقتصادها.. وسوف نظل نطالب بمساءلته قانونياً وإحالته إلى القضاء الأردني العادل لينال جزاء ما فعل، وقبل هذا عزله من منصبه، وضمان عدم عودته إليه مرة أخرى..!
Subaihi_99@yahoo.com