اخبار البلد
أثار إعلان الحكومة الأردنية حزمة من قرارات رفع أسعار عدد من السلع الأساسية، ردود فعل ساخطة على مستوى القطاعات الشعبية والتجارية، وسط دعوات لإطلاق مسيرات حاشدة، وتنفيذ إضرابات عامة، لمواجهة تلك القرارات.
وحذرت حراكات ناشطة وقطاعات تجارية واقتصادية، من موجة رفع الأسعار، فيما حمّل البعض في بيانات لهم، النظام الأردني مسؤولية عجز الموازنة العامة في البلاد.
وشكل القرار الحكومي مطلع الأسبوع، بفرض زيادة على التعرفة الكهربائية بواقع 20 في المائة على القطاعات الصناعية والتجارية، ردود فعل احتجاجية واسعة بين القطاعات المختلفة، وسط تشكيك من عدم تأثر ذوي الدخل المحدود بقرار الرفع.
ورفعت الحكومة سعر مادة البنزين 'أوكتان 95' بنسبة 25 في المائة، وسط حالة احتقان سياسي وحراك شعبي مستمر مطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد منذ 15 شهراً.
وأرجعت الحكومة عبر تصريحات رئيس الوزراء، الدكتور فايز الطراونة، بالتوجه إلى قرارات الرفع، كأحد الحلول المرحلية لحل تفاقم العجز في الموازنة العامة خلال العام الجاري، إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة ارتفاع فاتورة الطاقة المحلية، وقطع ضخ الغاز المصري لتوليد الطاقة الكهربائية إلى المملكة.
وشهدت محافظة إربد، شمال المملكة، خلال الأيام الماضية، جملة من الاعتصامات والمسيرات، التي حمّلت النظام الأردني الملكي مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية والسياسية.
وقال الناشط في حراك إربد، يمام الطوالبة إن تحميل النظام مسؤولية القرارات الحكومية يأتي على خلفية مسؤولية النظام عن آلية تشكيل الحكومات.
وشدد على أن الإصلاح السياسي هو المدخل للإصلاح الاقتصادي، وأن سقف المطالب، وإن كان تحت عنوان إصلاح النظام وليس رحيله، فإن المطلوب هو تعديلات دستورية جديدة، تضمن تشكيل حكومات منتخبة.
في الأثناء، حذر رئيس المواد الغذائية والتموينية في المملكة، خليل الحاج توفيق، من قرارات الحكومة برفع التعرفة الكهربائية على القطاعات التجارية والصناعية، مشيراً إلى أن تصريحات الحكومة بأن قرارات الرفع لا تمس الشرائح الفقيرة، هي 'دعاية مضللة.'
وبين توفيق، العضو في مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن، أن النسبة الحقيقية للرفع، وتأثر الشرائح الاستهلاكية بها، ستتضح بعد صدور أول فاتورة كهرباء جديدة، مقدراً إياها بنسبة 60 في المائة.
واعتبر أن الحكومة نقلت الكرة من ملعبها إلى ملعب 'التجار'، بإقرار تلك الزيادة، في محاولة منها لـ'وضع الشارع في مواجهة مع التجار، وكسب الشعبية أمام الشارع.'
غير أن توفيق ذهب للتوضيح بأن القيمة الحقيقة لزيادة التعرفة، ستترتب على ثلاث حلقات رئيسية، تبدأ بالمستوردين وتجار الجملة، ومن ثم تجار التجزئة، قبل أن تصل السلعة إلى المستهلك.
وقال: 'على ضوء تلك القرارات، تسعى الحكومة وبعض القطاعات، التي أعلنت عدم رفعها أسعار السلع، للظهور بصورة البطل.. لكن الحقيقية أن المواطن سيلمس موجة غلاء على أسعار السلع الأساسية منذ صدور الفاتورة الأولى الكهرباء.'
وأعرب توفيق، الذي حمّل الحكومة مسؤولية رفع أسعار الكهرباء، عن مخاوفه من حدوث موجة غلاء في الأسعار، يرافقها تراجع القوة الشرائية، و'ركود السوق'، قائلاً إن نسبية مبيعات القطاع التجاري في المملكة تراجعت منذ العام الماضي، بنسبة تزيد على 60 في المائة.
ووصف توفيق، في تصريحاته , المرحلة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بأنها مرحلة 'غرفة الإنعاش'، مشيراً إلى أن تردي الوضع الاقتصادي يمكن قياسه بوضوح خلال فترة قصيرة قادمة، حيث بدأت أيضاً تتزايد نسبة الشيكات المرتجعة مع عدم زيادة الأجور.
ويبلغ معدل دخل الفرد السنوي في المملكة، بحسب الأرقام الرسمية،3277 ديناراً أردنياً، أي أقل من خمسة آلاف دولار، فيما يبلغ الحد الأدنى للأجور 190 دينار للفرد، وشمل الرفع الفاتورة التي تزيد قيمة استهلاكها الشهري عن 600 كيلو واط.
في المقابل، عبر الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، الدكتور إبراهيم سيف، عن رؤيته بأن الوضع الاقتصادي للمرحلة المقبلة سيشهد ارتفاعاً على كل الخدمات التي تصل إلى المستهلك، بما يستدعي اتخاذ الحكومة إجراءات موازية.
وتحفظ سيف على الإجراءات الحكومية باللجوء إلى رفع الأسعار على سلع تمثل مدخلات إنتاجية لسلع أخرى، مشيراً إلى أن الأولى للحكومة الأردنية كان بفتح بنود الإنفاق العام في الموازنة العامة.
وقال : 'هناك حلول للأزمة على المدى القصير، من بينها فتح بنود الإنفاق العام والدفاع والأمن، وإيجاد وسائل لمكافحة التهرب الضريبي بكل أشكاله.'
وتوقع سيف ارتفاع معدل التضخم مع الزيادات المتتالية، مشيراً إلى أن تبعات سياسية واجتماعية ستشهدها البلاد، في حال لم ترافق قرارات الرفع آليات تعويضية للشرائح من ذوي الدخل المتدني.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي هجوماً على الحكومة لرفعها أسعار الكهرباء، فيما أطلق عدد من الناشطين حملة شعبية لجمع تواقيع ضد رفع أسعار الكهرباء، وتعليق ملصقات توعوية في الأماكن العامة.
وحملت الملصقات شعار 'صمتك بكلفك .. لا تخاف أرفع صوتك بكفي كذب علينا في بدائل العجز'، فيما دعت الحراكات الشبابية والشعبية إلى تنفيذ اعتصامات في مختلف أنحاء المملكة، لرفض القرارات الحكومية الجمعة.