في مستوطنة العقاب

في مستوطنة العقاب
أخبار البلد -  

كثيراً ما تخطر ببالي، هذه الأيَّام، قصَّة "مستوطنة العقاب" لفرانز كافكا. وهي قصَّة عميقة ومؤثِّرة، وكافكاويَّة أيضاً؛ شأنها شأن الواقع الذي نعيشه هذه الأيَّام.
في القصَّة، ثلاث شخصيَّات وآلة غريبة للإعدام؛ أمَّا الشخصيَّات فهي: رجل محكوم بالإعدام، والجلَّاد الذي من المفروض أنْ يتولَّى عمليَّة إعدامه بوساطة تلك الآلة، ومسؤول ما جاء يتفقَّد عمل الآلة والجلَّاد معاً ليقدِّم بشأنهما تقريراً إلى جهةٍ ما عُليا.
لذلك، يشرع الجلَّاد بشرح كيفيَّة عمل آلته، للمسؤول، بشغفٍ كبير، وتأثّرٍ عميق’ وإسهابٍ شديد، واصفاً، بالتفصيل المملّ، كيف ستقوم، طوال ساعات، بتمزيق لحم المحكوم، ببطء شديد، ثمَّ كيف ستسحق عظامه في مرحلة لاحقة، ثمَّ كيف ستصفِّي دمه.. إلى آخر ما هنالك مِنْ أوصاف هذه العمليَّة البشعة، التي تبدو له، على الخلاف مِنْ ذلك، عملاً فنيّاً رائعاً. ويفعل ذلك وهو يأمل أنْ يتمكَّن به مِنْ كسب تعاطف المسؤول معه ومع آلته، ليكتب، بحقِّهما، شهادةً إيجابيَّة تمدّ في عمر عملهما المشترك.
وتجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّ الحديث بين المسؤول وبين الجلَّاد كان يدور بلغةٍ ليست معروفة للمحكوم بالإعدام؛ لكن، لأنَّهما كانا ينظران إليه، باهتمام، مِنْ حينٍ إلى حين، ويشيران بأيديهما إلى أنحاء مختلفة مِنْ جسده، فقد راح ينظر إليهما بانتباه كبير وببلاهة تامّة، محاولاً أنْ يفهم شيئاً ممّا يقولانه، لكن بلا جدوى. وحتَّى عندما قام الجلَّاد في النهاية بوضعه على الآلة الجهنَّميَّة وثبَّته بأحزمة جلديَّة متينة، تمهيداً للشروع بعمليَّة إعدامه، فإنَّه لم يفهم شيئاً، أيضاً؛ لذلك، استجاب لتوجيهات الجلَّاد بهدوء، واستسلم لحركاته بلا أدنى اعتراض أو مقاومة.
قرأتُ هذه القصَّة منذ مدَّةٍ طويلة، وأعدتُ قراءاتها، مراراً، في مراحل لاحقة. وفي كلّ مرَّةٍ كنتُ أخرج منها بأفكارٍ جديدة ومعانٍ مختلفة لها صلة بمأساة الوجود الإنسانيّ وتجلِّياته ومفارقاته المثيرة للتأمّل. وفي العادة، فإنَّ شخصيَّة المحكوم بالإعدام هي أكثر ما يشدّني في هذه القصَّة؛ فأتوقَّف عندها، بشكلٍ خاصّ، لأتأمّل، بتأثّرٍ عميق، المفارقة الإنسانيَّة التي يمثِّلها سلوكها الغريب وهي تتابع حديث ذينك الشخصين باهتمامٍ كبير مِنْ دون أنْ تفهم أنَّه يدور عن عمليَّة إعدامها البشعة التي توشك أنْ تبدأ.
على أيَّة حال، ليست هذه القصَّة، على أهميَّتها وعمقها، وتطوّر مستواها الفنيّ، هي موضوعنا، هنا. موضوعنا قصَّة كافكاويَّة أخرى (وتشيخوفيَّة، أيضاً) نعيشها هذه الأيَّام؛ حيث ثمَّة جلَّاد كبير يُعدُّ آلته الجهنَّميَّة ليس لإعدام شخصٍ واحدٍ، فقط، بل أمّة بكاملها، والأمّة تراقب حديث الجلَّاد المسهب والعاطفيّ، فلا تفهم منه، رغم وضوحه، سوى أنَّ قلب هذا الجلَّاد يتفطَّر حزناً عليها ويفيض رأفةً بها، وأنَّه لا يريد سوى خيرها وصالحها. فتغرورق عيناها بالدموع، امتناناً له وولهاً به، وتستجيب لإرشاداته وتوجيهاته، وهو يرتِّب وضعها على آلة الإعدام، بثقة وحماس زائدين. وعندما يأتي أحدٌ فيكشف لها القصَّة الحقيقيَّة، تنكر عليه ذلك، بشدَّة، وترفض الاستماع له، وتجلس منتظرة ما يُدبَّر لها مِنْ مصيرٍ بائس، بنفسٍ راضية مطمئنَّة.


شريط الأخبار الأمم المتحدة حول تفجير أجهزة اتصال في لبنان: جريمة حرب الدفاع المدني يخمد حريق مستودع مفروشات في اربد ويسعف سيدة مصابة ما مصير عقيل وقادة الرضوان وأين كانوا مجتمعين.. معلومات جديدة حول الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ماذا دار بين ماكرون ونتنياهو بمحادثتهما المتوترة؟ التربية : لا تغيير على اوقات الدوام والحصص المدرسية غدا السبت خلوة حكوميَّة غداً بعنوان: رؤية التَّحديث الاقتصادي.. ليتواصل الإنجاز لتنظيم عمل الوزارات والمؤسَّسات الحكوميَّة من هو إبراهيم عقيل القيادي في حزب الله الذي أعلن الاحتلال استهدافه في بيروت؟ حسناء البيجر.. لغز سيدة أعمال غامضة ربما تكون وراء تفجيرات لبنان 10 ساعات .. قطع مبرمج للتيار الكهربائي عن مناطق شمال المملكة غداً (أسماء) أفعى الحراشف المنشارية تلدغ ثلاثينية في مندح وتدخلها إلى العناية الحثيثة من هي الدول التي عارضت قرارا أمميا يطالب إسرائيل بإنهاء الاحتلال؟ الهيئة العامة للجنة المالية في اتحاد شركات التأمين تنتخب رئيساً وأعضاءً جدد للجنة التنفيذية.. أسماء لفتح قنوات للتواصل.. حسان يتواصل هاتفيَّاً مع اعضاء مجلس النوَّاب العشرين المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرات مسيرة للتذكير.. غدا السبت دوام رسمي للمدارس الحكومية 350 يوما للعدوان.. مجازر بشعة في غزة والحدود اللبنانية تشتعل والكشف عن مخطط "البيجر" هل هواتفنا الذكية معرّضة للانفجار .. تقرير مفصّل هل يحضر نصر الله لعمل "من حيث لا يحتسبون؟".. قراءة في خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني قديروف يتّهم إيلون ماسك ب«تعطيل» سيارته «تسلا سايبرترك» عن بُعد تفاصيل 3 أحداث أفجعت الشارع الأردني خلال أسبوع