محرر الشؤون المحلية - في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة على ترسيخ حق الحصول على المعلومة، تبدو الممارسة اليومية أبعد ما تكون عن هذا الشعار فالمواطن، أو حتى وسائل الإعلام، حين يتواصل مع أي جهة رسمية أملاً بالحصول على إجابة، يُحال مباشرة إلى قسم الإعلام الذي — في معظم الأحيان — يقدّم المعلومة شفهيًا وينهي الموضوع، دون المرور بالإيميل أو الإجراءات الرسمية لطلب المعلومات. ظاهريًا يبدو الأمر تسهيلاً، لكن عمليًا يتحوّل إلى باب سدٍّ أمام الوصول إلى الوثائق والإجابات المكتوبة التي يُفترض أن يعززها القانون.
المفارقة اليوم ليست في دوائر تقدم معلومة شفوية، بل في حالة أبسط بكثير… وأكثر خطورة. قبل عشرة أيام، أرسلت أخبار البلد طلبًا رسميًا عبر البريد الإلكتروني إلى ديوان المحاسبة، تستفسر فيه حول تعيينات جرت مؤخرًا لموظفين كانوا قد عملوا في الديوان لأكثر من 30 عامًا، ثم أعيدوا للخدمة من جديد. ورغم حساسية الملف وطابعه الرقابي، لم يصل حتى الآن أي رد، مع ذلك وبعد مرور اكثر من 10 ايام لم يتم الرد على الايميل وحاولنا التواصل عبر الهاتف الارضي من خلال المقسم هـ. نـ وتم تحويلنا الى المسؤول في الاعلام فـ . عـ ولاكثر من مرة خلال 48 ساعة.
هذا الصمت يفتح الباب أمام سؤال جوهري: كيف يمكن لمؤسسة رقابية تُحاسب الجميع على الإجراءات أن تتجاهل حقًا أصيلًا كفله القانون وهو حق الحصول على المعلومة؟
التجربة تكشف فجوة واسعة بين النصوص والتطبيق؛ وبين حكومة تقول إنها مع الشفافية، ومؤسسات تعالج الطلبات بمنطق "التأجيل ثم التجاهل”. فعدم الرد لا يعرقل فقط العمل الصحفي، بل يضرب أحد أهم الأدوات الرقابية التي يعتمد عليها المواطن والإعلام لفهم ما يجري داخل المؤسسات العامة.
حتى يرد الديوان — أو حتى يقرر الرد — تبقى القضية أكبر من مجرد "إيميل لم يُفتح”، بل قضية تتعلق بثقة الناس، وبقدرة المؤسسات على احترام القانون الذي تطلب من الآخرين الالتزام به.