المغرب على صفيحٍ ساخن: احتجاجات شبابيّة وطلابيّة متصاعدة

المغرب على صفيحٍ ساخن: احتجاجات شبابيّة وطلابيّة متصاعدة
أخبار البلد -  
يُدرك شباب "حركة جيل زد 212” جيداً الطبيعة الاستبدادية للنظام السلطوي المغربي، لذلك حافظوا على سرية هوياتهم، وأكّدوا سلمية التظاهرات، على عكس ثورة "جيل زد” النيبالية التي اتسمت بعنفٍ حاسم رداً على القمع الأمني. فالنظام المغربي ليس هشاً، ولا يفتقر الى الاستقرار والتماسك الداخليين، وأجهزة الاستخبارات والأمن المغربية في حالة صراعٍ طويل الأمد مع القوى اليسارية والنقابية، بخاصة في الجامعات، ما تسبب في نهاية المطاف بإضعاف تلك القوى بشكلٍ ممنهج. لكن ذلك لم يمنع تسرّب الوعي النضالي بأشكال مختلفة إلى الفئات الشبابية المسماة "جيل زد”.

في مشهدٍ يعيد إحياء روح الاحتجاج في المغرب، برزت خلال الأيام الأخيرة حركة شبابية جديدة، استطاعت ببراعة رقمية أن تنقل غضبها من العالم الافتراضي إلى شوارع المدن المغربية. تحت اسم "جيل زد 212″، تمكن هؤلاء الشباب من تنظيم أنفسهم عبر منصات رقمية مثل "ديسكورد” و”تليغرام” و”تيك توك”، محققين تفاعلاً واسعاً في فترة قياسية، مستخدمين هذه المنصات كفضاء للنقاش والتعبئة. ما بدأ كرد فعل على مشروع قانون إصلاح التعليم العالي الذي يُخشى أن يؤدي إلى خصخصة التعليم، تحول سريعاً إلى موجة احتجاجية عارمة هتفت ضد "الأولويات الحكومية الخاطئة”، وشكلت لوحة احتجاجية جمعت بين المطالب التعليمية والصحية والاجتماعية في بوتقة واحدة.

وعلى ورغم أن المفارقة الأكثر إثارة للغضب في نظر المحتجين تتمثل في التباين الصارخ بين تدهور الخدمات الأساسية والإنفاق الضخم على الاستعدادات لاستضافة كأس العالم في عام 2030، والمطالبة ببناء المستشفيات بدل الملاعب، وتحسين جودة التعليم العام بدلاً من خصخصته، إلا أن هتاف "حرية، كرامة، عدالة اجتماعية” عاد ليظهر مجدداً. فالأزمة تتخطى تدهور الخدمات، لتطاول عمق البنية الاجتماعية والسياسية، إذ تهدِّدُ مخلفات عقود من الاستبداد السياسي بانفجارٍ واسع، تماماً كألغام وذخائر الحرب غير المنفجرة.

كيف بدأت الاحتجاجات الحالية ولماذا؟
الأحد في 28 آب/ أغسطس 2025، صادق مجلس الوزراء على مشروع القانون رقم 24-59 القاضي بإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على رغم الاعتراضات النقابية والحزبية، التي تعتبر الهدف من المشروع هو خصخصة التعليم العالي عبر دمج القطاع التعليمي العام بالقطاع الخاص، وتهميش الجسم التعليمي والطلابي عبر نقل قراره إلى هيئات من خارج الجامعات العامة، وحصر دور رؤساء الجامعات العامة في التشاور، وإخضاع البحث العلمي لمتطلبات السوق التجارية. على رغم هذه الاعتراضات، أبدت الجهات النقابية المعترضة قابلية للنقاش، ولم تأخذ الجهات الحكومية هذه المبادرات على محمل الجد.

الخميس في 25 أيلول/ سبتمبر 2025، قاطع ممثلو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي اجتماع اللجنة المشتركة بين وزارة التعليم العالي والنقابات التعليمية، احتجاجاً على تقديم وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عز الدين ميداوي مشروع القانون رقم 24-59 إلى المجلس النيابي من دون التشاور والتوافق حول نسخته النهائية مع الجهات النقابية المعنية، ومن دون إدخال التعديلات التي طالبت بها تلك الجهات على المشروع. الأمر الذي تسبب في استنفار الأحزاب اليسارية والنقابات والمنظمات العمالية والطلابية والحقوقية المغربية.

السبت في 27 أيلول/ سبتمبر 2025، دعت حركة شبابية جديدة تدعى "جيل زد 212” إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مبنى المجلس النيابي، الساعة السابعة مساءً، رفضاً لمشروع القانون رقم 59-24 ولتدهور الخدمات الصحية، ورفعت مجموعة من المطالب الاجتماعية المتعلقة بالصحة والتعليم والبطالة، من ضمنها رفض استضافة المغرب كأس العالم عام 2030 (إلى جانب البرتغال وإسبانيا)، إذ علا هتاف "الصحة أولاً… مبغيناش كأس العالم”، بعد التدهور الكبير الذي أصاب القطاع الصحي في المغرب.

تمكنت هذه الحركة من تنظيم آلاف المحتجين على تطبيقات "ديسكور” و”تلغرام” في فترة زمنية قصيرة، إضافة إلى استخدام منصّتَي "تيك توك” و”إنستغرام” وغيرهما للتعبئة والحشد. والتسمية 212 تعود إلى رمز الاتصال الدولي لدولة المغرب.

قمعٌ شديد منذ اليوم الأول
عمّت التظاهرات السلمية شوارع عدد من المدن المغربية، وأكد المنظمون سلميتها، لكن ذلك لم يمنع موجة قمعٍ بوليسي واسعة بحق المتظاهرين. في العاصمة الرباط، أغلقت القوات الأمنية الشوارع المؤدية إلى مبنى المجلس النيابي، ومنعت المتظاهرين من التجمع مستخدمة القوة ومعتقلة أكثر من 70 متظاهراً في أول موجة من الاعتقالات وفقاً للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الرباط. وقد بلغت رعونة القوى الأمنية حدّ اعتقال عددٍ من الأفراد أمام كاميرات وسائل الإعلام لمجرد إطلاقهم تصريحات حول أسباب التظاهر، وبعضهم/ن لم يتمكن من البدء في الكلام.

لم يتوقف القمع عند استخدام القوة ضد المتظاهرين يوم السبت، بل امتد على مدى أيام متتالية إلى إطلاق حملات اعتقال ممنهجة وواسعة استهدفت عدداً كبيراً من الطلاب المنظّمين والنقابيين العماليين، بمن في ذلك أعضاء من الاتحاد الوطني لطلاب المغرب، والمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وشبيبة فيدرالية اليسار الديمقراطي، وشبيبة النهج الديمقراطي العمالي، وطلاب اليسار التقدمي واتحاد شباب التعليم.

المطالب الحالية ليست سوى قمة الجبل الجليدي
التوتر الاجتماعي والسياسي الحاد في المغرب لا يمكن اختزاله في مطالب مستجدة تتعلق بالتعليم والصحة فحسب. فهناك زمنٌ طويلٌ من التهميش الطبقي والاجتماعي والفساد السياسي، إلى جانب تاريخٍ طويل من الاستبداد وقمع الحريات، يمتد إلى "سنوات الرصاص” منذ الستينات وحتى نهاية القرن العشرين، إذ تعرّض المئات للقتل والآلاف للاعتقال على يد السلطات المغربية في ظروف سجنية قاسية، مروراً بقمع "حركة 20 فبراير” في عام 2011 إبان انتفاضات وثورات "الربيع العربي”، وتصاعد الاحتجاجات الأمازيغية في سنوات 2016-2018 رفضاً لتلويث ونهب أراضي السكان الأصليين وثرواتها الطبيعية، ولفرض قانون تنظيم المراعي، وصولاً إلى التحركات التي دعت إليها "حركة جيل زد 212” اليوم.

وفقاً للتقرير السنوي لمدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، فإن المغرب قد تراجع إلى المركز 99 عالمياً والتاسع عربياً على مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، مسجلاً تراجعاً متزايداً سنة تلو الأخرى. بعدما سجّل 43 نقطة في عام 2018، و41 نقطة في 2019، و40 نقطة في 2020، و39 نقطة في 2021، و38 نقطة في عامي 2022 و2023، ليصل إلى 37 نقطة في العام الماضي. ومن المتوقع أن يشهد مزيداً من التراجع في عام 2025.

وتبرز البطالة كعاملٍ مباشر يهدّد الأمان الاجتماعي. وفقاً للأرقام الحكومية الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، فلم يتوقف معدل البطالة عن الارتفاع بشكل مستمر، من 9.5 في المئة عام 2018، إلى 11.9 في المئة عام 2020، و12.3 في المئة عام 2021، و13 في المئة في عام 2023، و13.3 في المئة في عام 2024. وهذه أرقام تصدرها مؤسسة أبحاثٍ حكومية، لذا يمكن لمعدل البطالة الحقيقي أن يكون أعلى.

على مستوى الصحة، يحتل المغرب المركز 94 من أصل 99 دولة في مؤشر الرعاية الصحية العالمي لعام 2025. وتشير البيانات الرسمية الى أن عدد الأطباء في المغرب يبلغ 4 أطباء فقط لكل 10,000 نسمة، أي أقل من المعايير الدولية بنحو أربعة أضعاف. وقد تفاقمت الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة أمام المستشفيات، نظراً الى تزايد الوفيات الناتجة من الإهمال الطبي، بخاصة وفيات النساء الحوامل. هذا فيما يشهد القطاع الصحي توجهاً نحو خصخصة مُقنّعة، في ظل تزايد عمليات بيع وتأجير المستشفيات العامة للقطاع الخاص، ما يفسّر التراجع الكبير للخدمات الصحية وعدم توافرها للمواطنين المغربيين بالتساوي. مقابل هذا التدهور في القطاع الصحي العام، تُراكم الشركات الصحية الخاصة، مثل "مجموعة أكديتال” لمالكها الدكتور رشدي طالب، أرباحاً ضخمة مستفيدةً من الغطاء الحكومي.
شريط الأخبار 6031 جمعية قائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ - تفاصيل الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا