مشاعر الندم التي يبوح بها مرضى العناية التلطيفية خلال أيامهم الأخيرة ستفاجئكم

مشاعر الندم التي يبوح بها مرضى العناية التلطيفية خلال أيامهم الأخيرة ستفاجئكم
أخبار البلد -  
صوفي برو متخصصة في الرعاية الصحية التلطيفية بدار "سو رايدر" تتحدث في مناسبة "اليوم العالمي للممرضات" خلاصة دروس إنسانية صادقة
"نتعرف إلى مرضانا وعائلاتهم بصورة عميقة حتى نكاد نصبح جزءاً من العائلة" (غيتي/ آيستوك)

ملخص
تكشف الممرضة صوفي برو، المتخصصة في الرعاية التلطيفية، عن أن أكثر ما يندم عليه المرضى خلال أيامهم الأخيرة ليس عاداتهم الصحية أو مساراتهم المهنية، بل إهمال اللحظات الصغيرة والعلاقات الإنسانية وتضييع الوقت على محاولة تحقيق إنجازات عظيمة بدلاً من إدراك المعنى الحقيقي للحياة.
يغمرني شغف عميق تجاه الرعاية الصحية التلطيفية ومساعدة المرضى في غمرة أيامهم الأخيرة على الرحيل عن هذه الدنيا "بسلام وسكينة"، في عبور هادئ وكريم يليق بكرامة الإنسان. ولكن من المهم أن نفهم أن الرعاية التلطيفية لا تتمحور حول الموت نفسه فحسب. جزء رئيس من عملي يتركز على أناس في نهاية مشوارهم الأرضي، واستقيت منهم على مدى الأعوام الستة الماضية، دروساً ثمينة حول الحياة، وكل ما يستحق أن نعيش أيامنا من أجله. أعمل مع أشخاص من مختلف الأعمار، من سن الـ18 فما فوق، يكابدون أمراضاً متنوعة، من بينها السرطان وقصور القلب و"باركنسون" وداء "العصبون الحركي" [يصيب الخلايا العصبية المسؤولة عن التحكم في العضلات]. وعلى رغم تفاوت حالاتهم وأعمارهم وتجاربهم الحياتية، يتشارك كثير منهم الرؤى العميقة عينها التي تتكشف في أعماقهم مع اقتراب لحظات الوداع.
في غالب الأحيان، يتحسر هؤلاء على وقت ضاع هباء وأيام انسلت من بين أيديهم بلا معنى. ويستعيدون شريط الماضي ويعتصرهم الندم لأنهم لم يمنحوا الأولويات الحقيقية ما تستحق، ولم يحتضنوا اللحظات بعفويتها وقيمتها العابرة. نحيا في مجتمع يركض فيه الجميع بلا هوادة، ونثقل كاهلنا بضغوط كبيرة طامحين إلى تحقيق إنجازات عظيمة، فيما يضيع منا بهدوء المعنى الحقيقي للحياة.
وحينما تقترب الرحلة من خواتيمها، يتأمل الناس غالباً حياتهم التي مضت ليكتشفوا أن ما يستحق التوقف من أجله ليس الإنجازات الكبيرة، بل تلك اللحظات الصغيرة التي مرت بهدوء، كنزهة في الهواء الطلق، أو تمشية مع الكلب، أو حديث دافئ مع صديق. وفي هذه المرحلة، يدركون كم كانت تلك الأوقات عظيمة بتفاصيلها. وأنا بدوري، أيقنت كم ثمين أن أكون حاضرة في حياة أطفالي فيما يكبرون. لذا، لا تفوتوا يوم الرياضة، ولا عرض المسرحية المدرسية، إن استطعتم. مرضاي يذكرونني دائماً بأن الزمن لا يعود، وأن اللحظة التي تضيع، تضيع إلى الأبد.

وعلى فراش الموت، يندمون أشد الندم أيضاً على الانشغال بالخلافات. على حين غرة، تبدو تلك المشاحنات التافهة أو الضغائن التي حملوها طوال أعوام بلا معنى، وكأنها لم تكُن تستحق ذلك العناء كله. وعموماً، يتوق الناس إلى المصالحة عندما تقترب النهاية. ويتكرر المشهد أمامي مراراً. أفراد من العائلة وأصدقاء غابوا دهراً، يستجيبون ويعودون لزيارة المريض، قبل أن يخونهم الوقت. في المحطة الأخيرة، ترى الحياة من منظور مختلف، فتكتشف لماذا تصدعت العلاقات وأين غابت الكلمات الطيبة. ويتأمل المرضى جراحهم القديمة ويتساءلون بصدق "هل كان يسعني أن أتصرف بصورة مختلفة"، أو "لماذا تفوهت بذلك الكلام حينها؟". أحد لا يريد أن يودع الحياة مثقلاً بالندم. تجتاحك مشاعر كثيرة عندما ترى أشخاصاً عادوا أخيراً بعد طول قطيعة، وغالباً ما تكون تلك اللقاءات مشحونة بالحنين لكل من حضرها وشارك فيها.

"الرعاية الملطفة"... لمسة رحيمة للحالات الحرجة قبل الوفاة
والمثير للاهتمام أنني لم أرَ إلا قلة من الناس شعروا بالندم على قرارات تضر بصحتهم، إنما استمتعوا بها، مثل شرب الكحول أو التدخين. ومع ذلك، سمعت كثراً منهم يتمنون لو أنهم ذهبوا إلى طبيبهم عندما ظهرت عليهم الأعراض الأولى للمرض. ويقولون غالباً: "ليتني استشرت طبيبي العام"، أو "ليتني أجريت فحص مسحة عنق الرحم عندما طُلب مني". من السهل جداً إرجاء الأمور.
ويرغب المرضى غالباً في الحديث عن حياتهم العاطفية. زواجهم وأطفالهم وعائلاتهم وأصدقاؤهم... ففي لحظات النهاية، يكون هؤلاء محور الاهتمام، وكل ما سواهم يبدو بلا قيمة.
من الرائع حقاً أن تسمع قصص حيوات الناس بكل تفاصيلها. أحياناً، يعودون بالذاكرة لأحداث مضت قبل أكثر من 70 عاماً، مثل تلك اللحظات السحرية التي جمعتهم بأزواجهم أو زوجاتهم. ودائماً ما ترسم هذه القصص البسمة على وجوههم لأنها تعيدهم لأوقات فاضت فرحاً وحباً. وفي المقابل، يقول بعضهم: "لقد انفصلت. ليتني تزوجت حبيبة طفولتي، لكان كل شيء مختلفاً...". وكثيراً ما نسمع أشخاصاً يتمنون لو أنهم تزوجوا حبهم الأول.

لم يقُل لي أحد قط أنه يتمنى لو أمضى وقتاً أطول في المكتب أو العمل. ولحسن الحظ، لم يعترف أحد أبداً بارتكاب جريمة. صراحة، لست متأكدة إن كنت أرغب في معرفة ذلك.
أن تكوني ممرضة في الرعاية التلطيفية يعني أن تتحلي بصبر كبير. فكثير من المواقف تتسم بالصعوبة أو التعقيد، وتتطلب مرونة وحذراً في التعامل معها، إذ تكون مجبولة بالمشاعر المرهفة والحزن العميق، وعلينا أيضاً أن نمتلك مهارات استماع ممتازة، فقد يروي لنا المرضى أو عائلاتهم قصصاً لم يرغبوا في التحدث عنها سابقاً. ويفتح لنا هؤلاء أبواب مشاعرهم على مصراعيها، وهو شرف عظيم لنا.
أحياناً، يشعر المرضى بغضب شديد، لعلمهم أنهم سيغادرون هذه الدنيا قريباً، ويشعرون بأن الأيام حرمتهم من إنجازات حياتية مهمة كإنجاب الأطفال، أو الاستمتاع بأمور كانوا يتخيلون أنها ستكون جزءاً من حياتهم في مرحلة الشيخوخة. ولكن من واقع خبرتي، من المهم جداً منحهم الوقت والمساحة الكافيين لاستكشاف هذه المشاعر بصورة كاملة، وتذكيرهم بأنه لا بأس من الغضب أو الشعور بالحزن العميق أو الاستياء الشديد. في هذه الحالة، نجتمع كفريق واحد ونتحدث إليهم وإلى عائلاتهم، ونحاول إيجاد منافذ للمساعدة، سواء عن طريق قضاء وقت في الهواء الطلق، أو الاستماع إلى الموسيقى التي يحبونها، أو حتى مجرد الاستماع إلى شخص ما من دون إصدار أية أحكام.
أحياناً، يصعب علينا فصل مشاعرنا عن طبيعة عملنا. العناية التلطيفية لا تشبه مثلاً بيئة المستشفيات المخصصة للحالات الطارئة حيث الإيقاع السريع للأحداث لا يسمح بالتقاط الأنفاس. هنا، نخصص الوقت والمساحة لبناء علاقة إنسانية حقيقية مع مرضانا. نتعرف إليهم وإلى عائلاتهم عن كثب، حتى نكاد نصبح جزءاً من نسيجهم الأسري. وعلى رغم أن فقدان مريض بنينا معه علاقة وثيقة يبقى تجربة مؤلمة، أجدني أستمد العزاء من التأثير الإيجابي الذي تركته لدى هذه العائلة أو تلك. أضف إلى ذلك أن بيئة العمل الداعمة تشكل سنداً حقيقياً في مثل تلك اللحظات.
صرت أعرف الآن أيضاً أهمية التحدث عن رغبات نهاية الحياة قبل وقت طويل من انطفاء شمعة العمر. فاعتاد أفراد عائلتي على المزاح في شأن إصراري الدائم على إثارة هذا الموضوع، ولكني سأبقى أطرحه دائماً. الحديث عن الموت ليس مخيفاً خلافاً لما يظنه بعضهم. وعندما لا تتناول العائلات هذه المسائل مسبقاً، أرى بأم العين حجم الضغط النفسي الذي يثقل كاهل الأقارب، ممن يُتركون في مواجهة أسئلة صعبة ومؤلمة من قبيل: هل كان أحباؤهم يفضلون الدفن أو الحرق، أو ما هي حاجاتهم الروحية خلال أيامهم الأخيرة. وإذا سارت الأمور كما ينبغي، نكون نحن هنا لمساعدة العائلات في تسهيل هذه القرارات والدفاع عن رغبات المريض وتهدئة التوترات في المواقف الصعبة والوصول في نهاية المطاف إلى حل توافقي يراعي الجميع.

في الحقيقة، ليس الموت بسلام رهناً بالإيمان وحده. لقد استقبلنا مرضى من الأديان كافة، ومرضى لا يتبعون أية ديانة. يسألنا بعضهم أن نفتح النافذة بعد وفاتهم لإطلاق الروح بعد مغادرتها الجسد، أو يطلبون منا اتباع طقوس خاصة. في المقابل، لا يرغب آخرون في الخوض في أية ترتيبات قد نتبعها بعد أن تغمض عيونهم إلى الأبد، ولا التفكير في الجنازة، وليست الروحانيات من أولوياتهم. يفضلون التحدث عن كرة القدم مثلاً. وجل ما يطمحون إليه موت هادئ وكريم يتماشى مع رغباتهم.
في لحظات الحزن العميق، يعزيك أن تعلم أن من تحب غادر الدنيا بسلام. وتشعر العائلة بالمواساة، إذ تتذكر التفاصيل البسيطة والملامح التي طبعت لحظات فقيدهم الأخيرة، وتبث في قلوبهم الراحة في أنه عبر إلى الضفة الأخرى بسلام وسكينة.
في نهاية الحياة، تبقى الكرامة هي المسألة الأهم. عندما نستقبل المريض، نحرص على أن نسأله: "ما الذي يهمك؟"، ويختلف الجواب باختلاف الأشخاص. يرغب أحدهم مثلاً في ارتداء "بيجامته" المفضلة، وربما يطلب آخر احتساء كوب من الشاي كل صباح. ولكن الحاجة التي تجمع بينهم، الاعتراف بهم كأفراد لكل منهم خصوصيته وقيمته الفريدة، وعدم معاملتهم كمجرد أرقام في خضم روتين الإجراءات وسلسلة الحالات.
من لم يشهدوا وفاة في دار للرعاية التلطيفية، يتصورون الموت غالباً كما يبدو في المسلسلات التلفزيونية: مشهد فوضوي مرعب، يعج بالتوتر والذعر. ولكني أطمئنهم إلى أنه قد يكون أيضاً رحيلاً هادئاً يحفظ للإنسان كرامته وقيمته، ولا سيما في بيئة يسودها الأمان وتغمرها المحبة. أما أنا، فستبقى مشاركتي المتواضعة في هذه الرحلة السامية امتيازاً أعتز به.
دار "سو رايدر" موجودة كي لا يواجه أحد الموت أو الحزن وحيداً. لمزيد من المعلومات حول خدمات الرعاية التلطيفية، زوروا الموقع الإلكتروني sueryder.org ، أو ابحثوا عن عبارة "الحزن يستحق الأفضل" Grief Deserves Better للحصول على دعم مجاني في حالات الفقد.

شريط الأخبار مخاوف صهيونية من "حرب استنزاف" طويلة مع إيران القوات الإيرانية للمستوطنين: غادروا الأراضي المحتلة فورا فلن تكون صالحة للسكن الدفاعات الجوية الإسرائيلية "تنهار" الحرس الثوري الإيراني: قصفنا مراكز استخباراتية إسرائيلية ردا على اغتيال 3 من قياداتنا الاستخباراتية عشرات الإصابات... تضرر عدد من المباني في حيفا... وحالة هلع وهروب للملاجئ إيران تستهدف معهد «وايزمان» الإسرائيلي للعلوم في رحوفوت بأضرار جسيمة القوات المسلحة الإيرانية تنصح الإسرائيليين بالابتعاد عن المناطق الحيوية إطلاق دفعة صواريخ جديدة من إيران... وتفعيل الدفاعات الجوية في طهران هيئة تنظيم الطيران: إغلاق الأجواء الأردنية حتى إشعار آخر القسام تستهدف قوتين عسكريتين إسرائيليتين في بيت لاهيا- (فيديو) القوات المسلحة: أحد أطراف الصراع الإيراني الإسرائيلي يحاول جرّ الأردن ليكون طرفا فيه ناصر كمال نائبًا لنقيب المحامين والشنطاوي أمينًا للسر... وثيقة تأجيل المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان برنامج مهرجان جرش 2025 ولي العهد يؤكد أن أمن الأردن وشعبه وسلامة أراضيه فوق أي اعتبار وزير التربية: قرار تأنيث الكوادر التعليمية نهائي ولا رجعة عنه "موانئ العقبة": حركة السفن والشحن البحري تسير بشكل اعتيادي الملك : الأردن لن يتهاون مع أي جهة تحاول العبث بأمنه واستقراره وسلامة مواطنيه الملك يلتقي شخصيات -اسماء هجوم إيراني على إسرائيل... إعلام عبري: القصف استهدف مسكن عائلة نتنياهو تخفيض وتوحيد الرسوم على الشاحنات والبرادات السورية