يتردّد بعض السوريون الذين يقطنون في مخيم الزعتري بالأردن، أكبر مخيمات اللاجئين السوريين في العالم، في العودة إلى بلدهم بعد مرور حوالي شهر ونصف الشهر على سقوط حكم بشار الأسد. فهل ذلك بسبب ما وجدوا فيه من استقرار طوال سنوات النزاع؟
وبعدما وصل عدد قاطنيه إلى 140 ألفا في بعض السنوات، بات الآن يؤوي 75 ألفا وفقا للناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في الأردن رولان شونبور. ومعظم قاطني المخيم فروا سيرا على الأقدام، قادمين من درعا في جنوب سوريا الحدودية مع الأردن، "مهد الثورة" من حيث انطلقت شرارة الثورة السورية.
ويسأل خالد الزعبي (72 عاما) صاحب متجر في المخيم الذي يقيم فيه منذ 13 عاما "إلى أين نعود؟ 90 بالمئة من الدور مهدمة والجو بارد جدا والحالة المادية لمعظمنا لا تسمح بالعودة فلا أحد يعرف كيف سيكون الوضع هناك".
ويضيف الزعبي متكئا على عكاز خشبي "هربنا من الظلم والاستبداد في سوريا في عهد عصابات الأسد حيث لا قيمة للإنسان، هنا في الأردن شعرت أني إنسان وأفضل البقاء الآن".
ويقول الرجل الذي كان يعمل "مخللاتي" في درعا إن عائلته كانت مؤلفة من ستة أفراد عندما وصل وباتت الآن تضم 18 فردا ما يصعب العودة إلى "وضع مجهول (..) خصوصا أن المفوضية (الامم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين) لا تقدم أي مساعدة للعودة".
ويؤكد "منذ جئنا إلى المخيم تعودنا على الحياة هنا، من الصعب أن نتركه". وتقول عمان إن عدد السوريين الذين غادروا الأردن عبر معبر جابر الحدودي مع سوريا تجاوز 52 الفا منذ سقوط الأسد.
وقدّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي أن مليون لاجئ سوري قد يعودون إلى بلدهم من دول اللجوء خلال النصف الأول من عام 2025. إلا أنها ترى أن الظروف قد تكون غير ملائمة لعودتهم الى بلدهم.
ويقول رولان شونبور "انعدام الأمن لا زال مقلقا، وهناك الكثير من عدم الاستقرار واشتباكات مسلحة في بعض المناطق، وعدد متزايد من الضحايا المدنيين بسبب مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة". لكنه يؤكد أن "لكل لاجئ الحق في العودة إلى وطنه والمفوضية تقدم المشورة والمعلومات له، لكن تحديد الوقت المناسب للعودة الطوعية يبقى قرارهم".
وتفيد لأمم المتحدة أن الأردن استضاف منذ بدء النزاع السوري نحو 680 ألف سوري مسجلين كلاجئين لديها، بينما تركد المملكة أنها استقبلت 1,3 مليون سوري. يشوب الحزن صوت مريم مسالمة البالغة 63 عاما عندما تتحدث عن المخيم الذي لجأت اليه قبل 12 عاما بينما تحزم امتعتها استعدادا لمغادرة، "حنينا للوطن".
وتقول مسالمة التي ارتدت ثوبا أسود مطرزا بالورود "أنا حزينة على فراق الزعتري، فقد أصبح وطني". وتؤكد بينما تتفقد حديقة زرعتها بجانب منزلها بشجيرات ورد وتفاح وفاكهة إن ابناءها عادوا الى سوريا بعد سقوط الأسد لذا قررت العودة مع زوجها.
ويتحرق آخرون للعودة إلى سوريا على غرار محمد عتمة (50 عاما) الذي يستعد للمغادرة الى سوريا مع أفراد أسرته الثمانية. ويقول "حان الوقت للعودة، لم أر أمي وإخوتي منذ 13 عاما". ويضيف "عوملنا هنا بكل لطف واحترام وكرامتنا كانت محفوظة (..) لكن مصير الإنسان العودة إلى بلده".