زياد الرفاتي
قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في اجتماعه الثامن والأخير هذا العام الذي عقد في الثامن عشر من الشهر الجاري ، خفض معدلات الفائدة للمرة الثالثة على التوالي خلال 2024 بواقع 25 نقطة أساس بعدما خفضها بالاجتماع السادس في أيلول 50 نقطة أساس والسابع في تشرين الثاني 25 نقطة أساس وبوتيرة متباطئة للخفض ، ليصبح مجموع الخفضات في ثلاث اجتماعات متتالية 100 نقطة أساس ولتصل الفائدة الى نطاق 4،25% - 4،5% .
وقد أورد رئبي الفيدرالي في قراره الداعم للخفض مجموعة من العوامل التي ترتبط بالاقتصاد والتضخم والوظائف وسوق العمل ، أبرزها ما يلي :-
1- ابطاء وتيرة الخفض يأتي في ظل نمو الاقتصاد وانخفاض البطالة ، ويعتقد أن الاقتصاد في مكان جيد اليوم ، والاقتصاد نما بأفضل من التوقعات في النصف الثاني من العام الجاري ، ويواصل الاقتصاد النمو القوي رغم التوقعات السابقة بتباطؤه ، ولا يتوقع ضعف أو انهيار الاقتصاد الأميركي ، ويشعر بالتفاؤل حيال الاقتصاد في العام المقبل .
2- المخاطر التي تهدد التضخم وأهداف التوظيف متوازنة تقريبا ، ونسعى للموازنة بين مستهدف التضخم وقوة سوق العمل .
3- سوق العمل لا يشكل مصدرا للضغوط التضخمية ، ولا نريد لسوق العمل المزيد من الضعف أو أن يتباطأ أكثر مما هو عليه اليوم للوصول الى مستهدف التضخم ، وهناك هدوء تدريجي في سوق العمل وعلينا ابقاء النظر عليه ، وتوقعاتنا تشير الى قوة سوق العمل في الفترة المقبلة ، والتضخم يتباطأ بشكل عام .
4- بلوغ معدل البطالة الأميركي 4،2% في نهاية تشرين الثاني الماضي ، وخفض توقعات معدل البطالة الى 4،3% في 2025 .
5- يمكننا التحلي بمزيد من الحذر في تحديد السياسة النقدية ومن المناسب أن نعدلها بشكل حذر ، ومستعدون لتعديل السياسة النقدية للسيطرة على التضخم ودعم الاقتصاد ، ولا نأخذ قرارات طويلة الأجل لتحديد السياسة النقدية .
6- نشهد حالة من عدم اليقين فيما يتعلق بالتضخم ، والتضخم الخاص بالسلع عاد الى مستويات ما قبل الجائحة ، ونشهد ارتفاعا بأسعار السلع بقدر أكبر من مفهوم التضخم ، وحققنا تقدما كبيرا في السيطرة على التضخم ، و رفعنا توقعاتنا بشأن التضخم وسنصل للمستهدف تدريجيا وهو لا يزال مرتفعا عن المستهدف رغم تباطؤه مؤخرا وأقرب بكثير الى هدف 2% ، وقد تباطأ في قطاعي الخدمات والاسكان بشكل كبير وبشهد سوق الاسكان والرهن العقاري ضعفا وارتفاع أسعار العقارات ، ونقترب من معدل الفائدة الحيادي ولا نزال نمتلك سياسة تقييدية ، والتضخم الأساسي سيصل الى 2،5%خلال العام القادم ، وربما نحتاج الى عام اضافي للوصول الى مستهدف التضخم عند 2% .
7- نحاول الموازنة بين مخاطر تسريع أو ابطاء وتيرة تيسير السياسة النقدية .
8- سنعتمد على البيانات في قراراتنا للفائدة خلال العام القادم ، ونتوقع خفضين اثنين للفائدة بمجموع 50 نقطة أساس في 2025 .
9- التقييم الحذر مطلوب لكل ما يتعلق بملف التعرفات الجمركية ، ونسعى لفهم مدى تأثيرها على التضخم والاقتصاد ، وسياسات ترمب وراء تعديل بعض التوقعات الاقتصادية للبنك الفيدرالي .
10- نتابع عن كثب ظروف التمويل والأسواق المالية . .
11- لا يحق للبنك الفيدرالي حيازة البيتكوين والكونغرس مسؤول عن هذا القرار .
وكان الرئيس الأميركي المنتخب أعلن في التاسع من الشهر الجاري ، أنه لا خطط لاستبدال رئيس الفيدرالي الحالي .
وعقب قرار الخفض أعلاه ارتفع الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية الى 4،4% ، وتراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية .
وقد شهدت أصول صناديق رأس المال الأميركية تسجيل مستوى قياسيا بتجاوزها 7 تريليونات دولار للمرة الأولى في نهاية تشرين الثاني الماضي ، و تدفقات اليها بأكثر من 700 مليار دولار منذ بداية العام الحالي ، أما أصول الصناديق الحكومية فقد ارتفعت الى 5،5 تريليون دولار . .
وتقلص صناديق التحوط رهاناتها على ارتفاع الذهب باعتباره ملاذا أمنا بعد فوز ترمب وقللت من الطلب عليه ، وانخفض بنسبة 8% منذ القمة المسجلة في نهاية تشرين الأول الماضي ، ويتوقع بنك عولدمان ساكس وصول الذهب الى ثلاثة الاف دولار للأونصة بحلول نهاية 2025 .
وحسب شركات أميركية متخصصة في ادارة الأصول ، فان استمرار تخفيضات الفيدرالي للفائدة قد تؤدي لنزوح تريليوني دولار من صناديق سوق النقد .
أما البيتكوين ، فقد سجلت مستويات قياسية فوق 108 ألف دولار لأول مرة على الاطلاق وأكثر من 50%وبنحو 600 مليار دولار مكاسب البيتكوين منذ فوز نرمب بالانتخابات الأميركيةوارتفعت 140% منذ بداية 2024 .
ويدرس ترمب استحداث منصب جديد للاشراف على سياسات العملات المشفرة وتعيين مؤيد للعملات المشفرة بمنصب رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات وقد دعم ذلك التوجه ارتفاع البيتكوين.، وتجاوزت القيمة السوقية له تريليوني دولار للمرة الأولى .
ووصل حجم تداولات العملات المشفرة الى 10 تريليونات دولار في تشرين الثاني الماضي وهو الأصل الأعلى قيمة في العالم بعد الذهب ، وقد شبه رئيس الفيدرالي البيتكوين بالذهب واعتبرها منافسة له وذهبا رقميا ، ولا ينافس الدولار .
ويرى باحثون أميركيون في العملات المشفرة ، أن البيتكوين وهو أصل عالي المخاطر ستتفوق على الذهب كمخزن للقيمة العقد المقبل .
أما سوق العملات العالمي ، فان حجم التداولات اليومية فيه تصل الى 7،5 تريليون دولار .
ووفق ستاندرد أند بورز جلوبال ، فان التراجعات المتوقعة في النمو بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين واليابان وبريطانيا والهند في 2025 وبقاء أسعار الفائدة مرتفعة سيكون لها انعكاسات على البنوك في ذلك العام ، وأن تدهور القطاع العقاري بأميركا والصين من المخاطر الرئيسية على البنوك ، وأن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل مشهد البنوك وخمسة اتجاهات رئيسية يجب مراقبتها على مدى السنوات الخمس المقبلة وهي :-
1- المرونة التشغيلية الرقمية المتكاملة .
2- تمكين الذكاء الاصطناعي بالتركيز على المخاطر والانسان .
3- اعادة تأهيل المواهب وتفضيلات العملاء .
4- تطوير استراتيجيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للحوكمة .
5- تطبيق تنظيم الذكاء الاصطناعي .
وأن تصنيفات البنوك في عام 2025 ستتكيف مع التعرفات الجمركية التي قد يفرضها ترمب .
وتوقعاتها بارتفاع الخسائر الائتمانية العالمية 7% لتصل الى 850 مليار دولار في 2025 وهو يتماشى مع التوقعات ، وأن الحرب التجارية ستضر بنمو الأسواق الناشئة في 2025 و2026 .
في بريطانيا ، أعلن محافظ بنك انجلترا أن تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي ما زالت تثقل كاهل الاقتصاد البريطاني .
وفي فرنسا ، بلغت مخاطر سندات الخزانة الفرنسية عند أعلى مستوى منذ أزمة ديون منطقة اليورو ووصل العائد على السندات الفرنسية لمستويات التعادل مع السندات اليونانية للمرة الأولى ووصلت الديون على فرنسا لمستويات قياسية عند 3،2 تريليون يورو أي 112% من الناتج المحلي الاجمالي ، ويتدافع المستثمرون لبيع الأصول الفرنسية مع تصاعد عدم اليقين السياسي لخلاف بشأن الموازنة للعام 2025 ورفض أحزاب المعارضة الخطط التقشفية وخفض الانفاق العام في بعض القطاعات مثل الصحة والتعليم بنحو 40 مليار يورو وتمرير قانون ميزانية الضمان الاجتماعي دون تصويت برلماني وخططها لزيادة الضرائب ، وأدت الى حجب ثقة البرلمان عن الحكومة لأول مرة منذ 62 عاما وبعد مضي 90 يوما على تشكيلها وتعتبر المدة الأقصر في تاريخ فرنسا وتعيين الرئيس الفرنسي لرئيس وزراء جديد وهو الرابع منذ مطلع العام الجاري .
أما منطقة اليورو ، فقد هبط النشاط الاقتصادي لأدنى مستوى في العشر أشهر الأولى من العام الحالي وخفض المركزي الأوروبي توقعات النمو لعام 2024 الى 0،6% نزولا من 0،8% ، وكذلك خفض معدل الفائدة في اجتماع كانون الأول 25 نقطة أساس وهو الخفض الرابع هذا العام .
وحسب التقارير ، فان أوروبا تتجه نحو تغيير سياسات الانفاق بعد فوز ترمب وأن على الأوروبيين الاعتماد على أنقسهم الان و اتخذ التكتل الأوروبي تدابير تحت مسمى " قوة مهام ترمب " ، وقد هدد ترمب بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية ، وتعتبر صناعة السيارات من أبرز القطاعات المتوقع استهدافها وتأثرها بهذه الرسوم وقد تنعكس أيضا على صناعة الطائرات بما يرفع أسعار تذاكر الركاب في النهاية ، وقد تتأثر صناعة الصلب مع زيادة التوترات التجارية عالميا بسبب الصادرات الصينية الرخيصة ، ومن المرجح أن تتضرر المنتجات الكيميائية خاصة في الاتحاد الأوروبي .
وبحثت دول مجموعة العشرين في قمتها التي عقدت في التاسع عشر من تشرين الثاني الماضي وسط صراعات عالمية وتحديات استراتيجية كيفية مواجهتها لترمب ، وأطلقت تحالفا عالميا لمكافحة الفقر والجوع بدعم من أكثر من80 دولة وأكثر من 50 منظمة دولية وتركيز المجموعة على ملف الفقر والجوع وفرض ضرائب عادلة على الأغنياء .
وتعتبر المكسيكوكندا والصين في مرمى الضرائب الجمركية ، حيث تمثل المكسيك الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة وتستحوذ على 16% من التجارة ، وكندا الشريك الثاني وتستحوذ على 14% ، والصين الشريك التجاري الثالث وتستحوذ على 12% وقد تخفض عملة اليوان حتى 15% ردا على الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وفق جيه بي مورغان وستكلف التعرفات الصين 1،5% من الناتج المحلي الاجمالي وبالتالي صعوبة الوصول الى نسبة النمو المستهدفة وهي 5% ،وتعتزم الصين دعم سوق العقارات عبر تطوير سياسات الأراضي والضرائب والمالية .
ووفق صحيفة واشنطن بوست ، فان مشروع ترمب 2025 صيغ عام 2023 ومرشحون ضمن ادارة ترمب لهم علاقة بالمشروع ، وهذا المشروع حسب الحزب الديمقراطي سينهي الديمقراطية في أميركا .
ودعت رئيسة المركزي الأوروبي الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع ترمب بدلا من الرد على التعرفات التجارية والانتقام ، وأن التعرفات ستؤدي لزيادة التضخم وتؤثر سلبا على النمو العالمي وضعف التبادلات التجارية العالمية و حركة رأس المال .
واليورو حاليا تحت الضغط وعودته للواجهة بعد فوز ترمب و بيانات اقتصادية سلبية وبفعل التوترات الجيوسياسية في أوكرانيا ، وقد تراجع لأدنى مستوياته منذ 2022 مقابل الدولار ، و بأن يصل الى التعادل مع الدولار ويعزز احتمالية التعادل بين اليورو والدولار تعرفات ترمب الجمركية وقيام بنوك عالمية بخفض توقعاتها لليورو و يحذر بنك دوتشيه الألماني من خطر انخفاض اليورو الى 0،95 دولار أي أقل من دولار ، أما بنك ميزوهو الياباني فان اليورو الى دولار واحد بحلول أذار 2025 وهو أمر وارد تماما .
وتشهد أسواق العملات تقلبات بسبب تهديد ترمب بفرض تعرفات على عدة دول .
وتعاني أوروبا من ارتفاع أسعار الغاز ووصلت لأعلى مستوياتها في عام وسط مخاوف من نقص الامدادات الروسية لأوروبا.
و وصل مؤشر الدولار عند أعلى مستوى في 13 شهرا وسط ترقب لسياسات ترمب ، فيما يرى صندوق النقد الدولي أنه من المبكر تقييم خطط ترمب بشأن الرسوم الجمركية ، وحسب بنك مورعان ستانلي فان تعرفات ترمب الجمركية ستخفض نمو الاقتصاد الأميركي بشكل كبير في 2026 .
وتشير تقارير ، أن فوضوية سياسات وخطط ترمب الاقتصادية تؤرق رؤساء الشركات وستسبب الفوضى وتستعد الدول لمواجهتها وستؤثر على النمو ، ويعتبر ايلون ماسك أكبر المستفيدين من فوز ترمب حيث قفزت ثروته الى 400 مليار دولار وارتفعت أسهم شركته تسلا بأكثر من 40% منذ الخامس من تشرين الثاني الماضي وزادت قيمة شركة الذكاء الاصطناعي التي يملكها بأكثر من النصف
وحسب صحف أميركية ، فان ادارة ترمب الأولى من 2016-2020 استخدمت الرسوم الجمركية للتفاوض على صفقات أفضل مع الشركاء التجاريين وكرر الأمر في 2025 .
.
.