تجدد الصراع في سوريا بدءا من السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي بمهاجمة فصائل المعارضة المسلحة للمدن السورية والسيطرة عليها بشكل سريع ودراماتيكي وغير متوقع ودون مقاومة وانسحابات أفراد واليات عسكرية دون اراقة دماء وانهيار خطوط الدفاع وعدم القتال الفعلي ، ابتداء من ادلب ثم حلب وبعدها حماة ودرعا والسويداء ودير الزور ومعبر نصيب الحدودي مع الأردن ومعبر البوكمال مع العراق تلاها حمص ودمشق حيث سقطت الأخيرتان في ظرف 48 ساعة وفرار جماعي للجنود وقد لجأ نحو 2000 جندي سوري عبر الحدود الى العراق مسلمين أسلحتهم ومعداتهم الى الجيش العراقي وابلاغ قادة الألوية لجنود الجيش السوري بالتسريح ، ليتم الاعلان في الثامن من كانون الأول عن سقوط النظام الرئاسي السوري في 11 يوما .
لقد امتدت الحقبة الزمنية من حكم حزب البعث للجمهورية العربية السورية التي ارتبطت بسلطة عائلة الأسد من الأب الى الابن 54 عاما منذ عام 1970 ، منها 30 عاما للأب و24 عاما للأبن ولم يخف نيته توريثه لابنه ، وأجيال لم تعرف الا حكم البعث .
وحمص التي سقطت الجمعة تعتبر استراتيجية وغطاء استراتيجي للعاصمة ، وتقع بين دمشق والبحر الأبيض المتوسط والحدود مع لبنان غربا والعراق شرقا والسيطرة علىها يعني فصل سوريا كليا عن البحر المتوسط وأهمية اقتصادية اكتسبت من موارد الطاقة ومصافي النفط والغاز ومعالم سياحية تاريخية منها قلعة حمص ، والأولى في المساحة السورية تشكل 22% من مساحة سوريا والرابعة في عدد السكان حيث عدد سكانها 800 ألف نسمة وتبعد عن العاصمة دمشق 160 كلم ، ويقع فيها 67 نقطة وموقعا عسكريا ايرانيا و4 روسية و11 لحزب الله تم اخلاؤها جميعا وخرجوا منها ، أما المنشات العسكرية الروسية فتقع على الساحل السوري ولم تصلها الفصائل المسلحة
ولدى حزب الله 117 نقطة وموقعا عسكريا اخرين في دمشق وحلب ودير الزور وقد أخليت .
وقد أشار الرئيس التركي الجمعة ، أن الهجمات المتزايدة ضد المدنيين في ادلب كانت بمثابة الشرارة التي أججت الأحداث الأخيرة في سوريا ، ولا يمكن التغاضي عن التطورات فيها ونبهنا مرارا الى خطورة ما يقوم به النظام السوري ، ولا توجد أي نية لتركيا بضم أراض من سوريا ونريد السلام والهدوء لجارتنا سوريا الذين تتوق اليهما منذ 13 عاما أي منذ اذار 2011 .
أما ايران من وجهة نظرها فأشارت الجمعة ، أن مؤامرة أميركية اسرائيلية وراء ما يجري في سورياومخطط بينهما لتقسيم المنطقة ولا نريد التنبؤ بمصير الأسد وأن أحداث سوريا لن تقف عند حدودها وغيرت تسميتها من الجماعاتالارهابية التكفيرية في سوريا الى المعارضة الشرعية وتريد انهاء القتال في سوريا بسرعة وقامت قبل سقوط حمص ودمشق بعمليات اجلاء الى لبنان والعراق وايران خشية الحصار بعد الانهيار في سوريا .
أما الخارجية الأميركية ، فان ما جرى في سوريا نتيجة رفض الرئيس السوري أي تفاعل مع القرارات الدولية ولا ينبغي لأحد أن يبكي على سقوط الأسد وان ايران وروسيا كانتا مترددتان في دعم الأسد وانهار نفوذ ايران في جميع أنحاء الشرق الأوسط .
فيما قال الرئيس بايدن أن سقوط نظام الأسد في سوريا عمل أساسي من أعمال العدالة ولكنه يمثل لحظة من الخطر وعدم اليقين وسنلتزم الحذر ونقيم أفعال بعض الجماعات التي عملت على اسقاط الأسد بسبب خلفيتها المتشددة، وسنبقي على وجودنا العسكري في سوريا لضمان عدم عودة داعش ومواجهة الجماعات المرتبطة بايران ، و القدرات العسكرية لايران وحزب الله تقوضت لذلك تراجعت قدرتهما على دعم الأسد ، و روسيا لم تتمكن من تقديم الدعم بسبب تداعيات حرب أوكرانيا ، و الولايات المتحدة ستدعم جيران سوريا خلال الفترة الانتقالية مع الادارة الأميركية الجديدة .
أما الرئيس الأميركي المنتخب ، فان الأسد فعل سقوطه بتفسه وربما يكون أجبر على الخروج وهذا أفضل شيء يمكن أن يحدث ، وأنه فر من سوريا بعد أن خسر دعم روسيا وأنها لم تعد مهتمة بحمايته ، وأن روسيا فقدت الاهتمام بمصالحها في سوريا بسبب حرب أوكرانيا .
وأشادت بريطانيا حسب اعلانها بسقوط النظام في سوريا ودعت الى السلام والاستقرار .
وحسب تقارير اعلامية ، فانه لا خطة كانت لدى روسيا لانقاذ الأسد ما دام يترك مواقعه بسرعة والتقدم المتسارع الذي تحرزه الفصائل المسلحة على الأرض وأنه في خطر كبير ، فيما أعلن الكرملين الأحد أن روسيا قدمت حق اللجوء للأسد وعائلتهووصلوا الى موسكو ، علما أن زوجته تتواجد في روسيا منذ وقت سابق للعلاج وابنه يدرس في احدى الجامعات الروسية ، أما شقيقه ماهر الأسد فلم تعرف وجهته بعد .
وعلق نتتياهو ، أن سقوط الأسد كان نتيجة مباشرة للضربات التي وجهتها اسرائيل لحزب الله وايران وأن سقوطه يوم تاريخي وضربة لمحور ايران .
وأشار المرصد السوري لحقوق الانسان ، أن حلفاء النظام السوري لم يكن لهم دور مؤثر و العناصر الايرانية انسحبت بشكل كامل من سوريا وكل الفصائل الموالية لايران انسحبت الى العراق ، و الجيش السوري لا يريد القتال أو نزاعأو أن يقاتل الشعب السوري ، وتم الانتقال من مرحلة الاطاحة بالنظام السوري الى مرحلة بناء سوريا .
ووفق خبراء عسكريون واستراتيجيون ومحللون سياسيون ، فان عوامل عديدة دفعت لتجدد الصراع في سوريا منها رفض العملية السياسية والمبادرات العربية والدولية وقرارات القمم العربية والأمم المتحدة من قبل الرئيس السوري ركونا على التحالفات مع ايران وروسيا وحزب الله في مواجهة تلك المبادرات والقرارات وتوفير الحماية والدفاع عنه حفاظا على مصالحهم ونفوذهم وقد ساهموا بما وصلت اليه الأوضاع المتفجرة في سوريا ، والوضع الاقتصادي المنهار للدولة السورية والمعيشي للمواطنين بما فيها أفراد الجيش والقوات الأمنية والتمويلوالامداد والذخيرة وعدم وجود رسالة أو عقيدة يدافعون عنها وعدم توفر الأسلحة الحديثة لديهم وتوافق قادة الألوية السورية مع الفصائل المسلحة على الانسحاب والخروج دون قتال .
وفي ردود الأفعالعلى المستوى العربي ، ومن جانب دولة الامارات قان السقوط السريعكان نتيجة الفشل السياسي للنظام السوري ،وأنه لم يستخدم " شريان الحياة " الذي قدمته له دول عربية مختلفة بما في ذلك دولة الامارات ، وأن قيادة سوريا يجب أن تكون بيد السوريين ، ومبعث القلق الرئيسي هو التطرف والارهاب ، وينبعي علينا أن نستغل هذه اللحظة للتحدث مع ايران بشأن المنطقة ، والصورة فيما يتعلق بسلامة أراضي سوريا لا تزال " ضبابية " للغاية وعلينا أن ننتظر بعد ذلك والحل هو دولة يمكن الوثوق بها .
أما السعودية ، فان الوضع في سوريا هو نتيجة مباشرة لعدم مشاركة الحكومة السورية في العملية السياسية والوقت حان ليتعم الشعب السوري بحياة كريمة وتدعو الى حماية سوريا من " الفوضى والانقسام " .
و أردنيا ، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني وقوف الأردن الى جانب الأشقاء السوريين ويحترم ارادتهم وخياراتهم السوري ، فيما أعلن الأردن أن الحدود مع سوريا ستبقى مغلقة حتى اشعار اخر ومن المبكر الحديث عن مغادرة اللاجئين السوريين .
ودعت مصر الى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها وتغليب المصلحة العليا للبلاد .
وشددت قطر على ضرورة منع سوريا من " الانزلاق نحو الفوضى " وتؤكد دعمها للشعب السوري وخياراته .
ودعت البحرين جميع الأطراف في سوريا الى تغليب المصلحة العليا للوطن وتؤكد دعمها لأمن سوريا واستقرارها وتطلعات شعبها للوحدة والازدهار المستدام .
وسلطنة عمان دعت الى ضبط النفس من جميع الأطراف وتجنب التصعيد والعنف .
وأعلنت فلسطين أنها تقف الى جانب الشعب السوري وتحترم ارادته وخياراته السياسية بما يضمن أمنه واستقراره .
وفي العراق ، أعلنت أنها تراقب الوضع في سوريا عن كثب وتدعو لعدم ندخل أي طرف خارجي في الشأن السوري وعن نصب جدار خرساني بطول 300 كلم على الحدود مع سوريا .
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنه يتعين القيام بكثير من العمل لضمان انتقال سياسي منظم الى مؤسسات متجددة في سوريا ، فيما وعدت مفوضية الاتحاد الأوروبي بالمساهمة في اعادة اعمار سوريا التي " تحمي كل الأقليات " .
وقد استمر عمل الحكومة السورية لتصريف الأعمال والحفاظ على المؤسسات العامة والعمل على عودة 400 ألف موظف لأعمالهم ، واعلان رئيسها أنه لا يعرف مكان الأسد ومتى غادر وأين اتجه ، والوضع في وزارة الدفاع غير مفهوم ، و هناك مرحلة جديدة تبدأ في البلاد ، ويتمنى أن تكون هناك مصالحة بين فئات الشعب السوري ويفترض أن تكون هناك انتخابات ويختار الناس من يمثلهم وسنتعاون مع أي قيادة يختارها السوريون .
فيما دعت المعارضة السورية لفترة انتقالية مدتها 18 شهرا قبل الانتخابات .
وعقب السقوط فتحت الفصائل المسلحة السجون والمعتقلات السرية السورية وأطلقت سراح المعتقلين والمعتقلات مع أطفالهنومعظمهم بقضايا رأي سياسي معارض لأزواجهن ، مع عودة كثيفة الى سوريا عبر الحدود اللبنانية بعد أن شهدت في وقت سابقنزوحا كبيرا الى لبنان وقد اختلفت الصورة ، وتوقف الرحلات الجوية في مطار دمشق وسحب موظفي المطار .