مفكرة القرية: الطبيب الأول

مفكرة القرية: الطبيب الأول
سمير عطا الله
أخبار البلد -  

قبل عودة «الحكيم» حاملاً شهادة التخرج، لم يكن في القرية أطباء. وفي كل القرى في الجوار، كان هناك طبيب أو اثنان. لكن طبيبنا كان الأكثر علماً وحداثة، مع أنه لم يخلع طربوشه النبيذي الأنيق، ذا الشرابة الكحلية الأصيلة. وما إن عاد «أبو شوقي» حتى تجمّعت القرية للاستقبال والتهنئة بالشهادة الكبرى، وسلامة العودة. ولا شك أن قدومه بسط شعوراً من الطمأنينة في النفوس. طبيب في القرية. لا خوف من الأمراض بعد الآن، والالتهابات، وذات الرئة. وقد تصادف تخرجه بعد اختراع «البنسلين»، فكان أن حمل معه مؤونة صغيرة. واستكمالاً لشروط الحداثة، استأجر «الحكيم» دُكَّاناً في الساحة، حوّله إلى صيدلية وغرفة معاينة. ولم يبقَ سوى توافد المرضى.


ما لبث «الحكيم» أن اكتشف أن أهل الضيعة لا يمرضون بسهولة. فهم أبناء الحقول، والحقل صنو الحياة وأصح من أي نادٍ رياضي. أضف الهواء النقي. أضف الهدوء المطلق. أضف راحة البال وخلو القرية من مذياع ينقل إليها أخبار الأزمات والكربات.


كان هناك اثنان أو ثلاثة يعانون من عدم الانتظام في ضغط الدم. لكن «الحكيم» كان أدرى بحالتهم المادية. وإضافة إلى أنه لم يكن يتقاضى منهم «فحصية»، كان يعطيهم مجاناً من الأدوية التي تُمنح للأطباء.


بعد قليل اكتشف «أبو شوقي» أنه سوف يمضي العمر من دون أن يسترد تكلفة دراسته. لا بد من توسيع دائرة العمل.


اكترى «الحكيم» فرساً بيضاء من أنبل خيول العرب، وأخذ يتفقّد مرضى قرى الجوار. ولما كانت المنطقة لا تزال دون طرقات أسفلتية، فقد كانت الفرس «هدباء» هي التي تقطع به الوهاد والتلال والطرق الوعرة في وحول الشتاء. وصارت القرية تفاخر أن ابنها «حكيم المنطقة» دون سواه.


ذات صباح، مررنا بمنزل «الحكيم»، فوجدنا أمامه سيارة «أوبل» من لونين؛ أبيض وكحلي. وكانت «هدباء» في موقعها أمام المعلف تتناول طعامها، وتهز عنقها يميناً ويساراً بعصبية، كأنها أدركت أن زمنها انتهى، أن زمن المحركات قد وصل إلى الضيعة. بل إلى المنطقة. فعندما حلَّت الظهيرة، وحان موعد وصول ساعي البريد، على ظهر فرسه الشهباء؛ إذ به يصل على دراجة نارية طويلة، ويبتسم للأصدقاء المدهوشين. دراجة تضج وتفرقع وتعلن وصول صاحبها من مسافة طويلة. ولن يكون لها اسم حميم مثل الفرس. ولا لـ«الأوبل» الجديدة اللمَّاعة؛ الآلة ليست لها أصالة الخيول.


متى تعلّم «الحكيم» قيادة السيارات، والبوسطجي «الموتوسيكلات»؟ بقي الأمر سراً. لكن مع عصر السيارة أضاف «الحكيم» دخلاً يُعوِّض به شيئاً عن مرضى المجان. أصبح في إمكانه الآن أن يعطي دروساً في الثانوية القريبة. ولم يعطِ أي اهتمام للتلامذة الأشقياء الذين يتهامسون حول إصراره على أن يبدو رجلاً من الماضي، يعطي دروساً في علوم المستقبل. لم يخلع الطربوش لحظة واحدة. إنه جزء أساسي من «طلته» ووقاره. كما لو أن شمشون حلَق شعره على «الزيرو».

شريط الأخبار عمّان تسجل أعلى درجة حرارة منذ حزيران 2024 إقرار 15 قانونًا خلال الدورة العادية الأولى لمجلس النواب العشرين قيمة حركات "إي فواتيركم" ترتفع 25.5% بالثلث الأول من العام الحالي أكثر من 30 قرار وضعها "إعلان بغداد" أمام العالم بلدية الحسا تطالب بمجمع حكومي تدهور شاحنة على دوار اقرأ بالجبيهة .. تفاصيل إقرار 15 قانونًا خلال الدورة العادية لمجلس النواب العشرين الصفدي: أي حزب لا يملك رؤية متكاملة سيقع أمام معضلة يخسر معها ثقة المواطنين كتاب سري يحرج عادل البلبيسي بالمركز الوطني للاوبئة.. والأخير يبرر ويرد - وثيقة “القسام” تشتبك بالأسلحة الرشاشة مع قوة صهيونية تحصنت في الشجاعية سوريا تستبدل عملتها الجديدة وتزيل صورة الأسد من الليرة هل يستطيع المستثمر التركي انقاذ الصناعات البتروكيماوية ؟! تجارة الأردن تؤكد أهمية تفعيل مجلس الأعمال الأردني القبرصي مدير عام ميدغلف للتأمين: مؤتمر العقبة العاشر ملتقى للخبرات وتوقيع الاتفاقيات واللجنة المنظمة أبدعت منيب باسم ظبيان ... شهادتان جامعيتان وتفوق من جامعة "George Mason" الأمريكية.. مبروك.. الوطن ينتظرك العراق يتبرع لإعادة اعمار غزة 20 مليون دولار حسان: سيبقى الأردن الجار السند والداعم لسوريا الحاج حمدي الطباع .. شجرة مثمرة جذورها في الأرض ورأسها يٌسبّح في سماء البلد إطلاق مؤتمر الميثاق الاقتصادي الأول تحت شعار: "رؤية اقتصادية، مستقبلية، مستدامة" مجدداً... عباس يطالب حماس