شهد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ الإثنين خلافات بين الدول الأعضاء بشأن مقاربة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
وطفت هذه الخلافات إلى السّطح من خلال كلمة وزير خارجية لوكسمبورغ كزافييه بيتل التي مثّلت أيضاً تقاطعا مع موقف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، بقول الوزير إنه «لم يعد هناك تقريبا» من يستمع للاتحاد الأوروبي.
وكان بوريل أعرب عن استيائه من المواقف المتعارضة للدول الأعضاء بشأن الصراع المتوتر على نحو متصاعد في الشرق الأوسط.
وتناقش الدول الأعضاء مقترحات تهدف للضغط على الأطراف المتصارعة، وخصوصا على إسرائيل للتقيد بالقانون الدولي الإنساني ووقف جرائم الحرب التي ترتكبها، والانفتاح على حل سياسي.
ومن بين المقترحات طلب قدمته اسبانيا وأيرلندا لتعليق اتفاقية التجارة الحرة بين التكتل وإسرائيل بسبب ما تقوم به في غزة ولبنان.
لكن دون ذلك عقبات، حسب ما يؤكد السفير الأوروبي والبريطاني السابق جايمس موران، الذي قال في حوار مع «القدس العربي» الأسبوعي (ينشر في العدد الأسبوعي المقبل)، إن «هناك دولا في أوروبا تعارض إلى حد كبير القيام بأي شيء لاستعادة بعض التوازن في نهج الاتحاد الأوروبي».
ويعدّ موران من بين هذه الدول «ألمانيا»، لأسباب «تاريخية» متعلقة بالمحرقة، وهي حسب الدبلوماسي الأوروبي المخضرم «مترددة جدًا في فعل أي شيء يمكن تفسيره على أنه ضد مصالح إسرائيل»، فضلا عن النمسا ودول أخرى.
ويرى موران في حواره مع «القدس العربي» أن «أفضل طريقة للمضي قدمًا للاتحاد الأوروبي، هي أن يكون أكثر قوة في زيادة الضغط على إسرائيل للتراجع عن المسار العسكري الذي تتبعه حاليًا، وأن يظهر للإسرائيليين أن هناك تكلفة ستدفعها إسرائيل من الجانب الأوروبي إذا استمروا في الحملة العسكرية».
ويقول إن «أحد المجالات هو التجارة، فهناك اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تتضمن شروطًا تجارية تفضيلية للغاية، وثلث تجارة إسرائيل لا يزال مع الاتحاد الأوروبي»، داعيا إلى مراجعة هذه الاتفاقية، خصوصا بعد استهداف إسرائيل لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان.
والإثنين، حثّ رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الاستجابة لطلب إسبانيا وأيرلندا بتعليق اتفاقية التجارة الحرة بين التكتل وإسرائيل بسبب ما تقوم به في غزة ولبنان.
ومنذ عدة أشهر تجري إسبانيا وأيرلندا محادثات مع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي ترغب في إجراء مراجعة لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل على أساس أن إسرائيل ربما تقوم بانتهاك بند حقوق الإنسان في الاتفاقية.
«اليونيفيل»
وكان لافتا للانتباه ما قاله بوريل من أن «الدول الأعضاء في التكتل تأخرت كثيرا في التنديد بهجمات إسرائيل على جنود قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)».
ووصف الهجمات بأنها «أمر غير مقبول على الإطلاق».
وأضاف، خلال الاجتماع الوزاري للاتحاد الأوروبي «يتعين علينا أن نكون ضد الهجمات الإسرائيلية على «اليونيفيل». جنودنا موجودون هناك، والكثير من الجنود موجودون هناك».
وفي ردّ على الموقف الإسرائيلي ولا سيما موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قال بوريل: «أريد أن أذكِّر الجميع بأن الأمين العام للأمم المتحدة لا يقرر ما إذا كانت هذه المهمة ستستمر أم لا».
وأضاف: «مثل هذه القرارات يتخذها مجلس الأمن، لذلك توقفوا عن إلقاء اللوم على الأمين العام أنطونيو غوتيريش، لأن مثل هذه القرارات تُتخذ من مجلس الأمن وليس هو من يتخذها».
وأردف: «يزداد سوء الوضع الإنساني والهجمات على المدنيين وتدمير البنية التحتية وعنف المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لا سيما في مخيم جباليا للاجئين».
وكان نتنياهو قد دعا الأحد، الأمين العام غوتيريش إلى سحب قوات «اليونيفيل» «فورا» من جنوبي البلاد بدعوى عدم تعريضها للخطر. وذكر بوريل أن 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي اتفقت، الأحد، على مطالبة إسرائيل بوقف مهاجمة «اليونيفيل».
وأوضح أن العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تشارك في هذه المهمة، وأن «مهاجمة قوات الأمم المتحدة أمر غير مقبول على الإطلاق».
وقال إن جدول أعمال وزراء الخارجية يتضمن «عقوبات ضد مستوطنين إسرائيليين متطرفين ووزيرين (وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش)».
وجاء في بيان للاتحاد الأوروبي، الإثنين، أن هناك قلقا جديا بشأن الهجمات الإسرائيلية على قوات «اليونيفيل». وتوقع صدور بيان عاجل وتحقيقا شاملا من السلطات الإسرائيلية بشأن الهجمات الأخيرة على هذه القوات.
بوريل مستاء من الانقسام
وأعرب بوريل عن استيائه من المواقف المتعارضة للدول الأعضاء بشأن الصراع المتوتر على نحو متصاعد في الشرق الأوسط.
وقال «إن الأمر يستغرق وقتا طويلا للغاية لقول بعض الأشياء شديدة الوضوح. ومن الجلي للغاية أنه يجب أن نكون ضد الهجمات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل)، سيما وأن جنودنا هناك».
وأضاف» من الواضح تماما أنه يتعين علينا أن نعارض الهجمات الإسرائيلية ضد «اليونيفيل»، خاصة لأن جنودنا هناك»، مشيرا إلى بيان مشترك للاتحاد الأوروبي صدر عشية الاجتماع بشأن الهجمات الأخيرة التي استهدفت مهمة حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان.
وأوضح بوريل أن الدول الأوروبية مختلفة بشأن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، بعدما دعت إسبانيا الى فرض حظر.
وقال» الدول الأعضاء منقسمة بشدة»، مضيفا أن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى تؤيد إرسال مزيد من الأسلحة إلى إسرائيل.
ويحاول وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي جاهدين الاتفاق على استجابة من شأنها أن تساعد في وقف الصراع من التصعيد إلى حرب إقليمية شاملة في الشرق الأوسط.
لكن وزير الخارجية النمساوي أليكسندر شالينبرغ، وفي تكرار لموقف بلاده الأكثر دعما لإسرائيل، قال إن إسرائيل في «موقف صعب على نحو لا يصدق» منذ هجوم السابع من تشرين الاول/أكتوبر 2023 ، وإن حزب الله يواصل مهاجمتها من لبنان منذ ذلك الحين.