تكشف أرقام رسمية من قاعدة بيانات لوزارة الصحة الإسرائيلية أن المستشفيات استقبلت يوم 1 أكتوبر 2024 عدداً كبيراً من الإصابات، وهو اليوم الذي ضربت فيه إيران مواقع في إسرائيل بالصواريخ، إضافة إلى تنفيذ فلسطينيَّين اثنين هجوماً في تل أبيب، وأظهر تحليل "عربي بوست" للبيانات أن عدد الإصابات التي دخلت المستشفيات يوم 1 أكتوبر هو ثاني أعلى معدل تستقبله المستشفيات في يوم واحد، منذ منتصف أكتوبر 2023.
يأتي نشر هذه البيانات الرسمية في الوقت الذي فرض فيه جيش الاحتلال تعتيماً واسعاً على تفاصيل الإصابات والخسائر العامة التي سُجلت يوم الهجوم الإيراني 1 أكتوبر 2024، ووصل تأثير هذا التعتيم إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية التي لم تستطع نشر ما يتعلق بالخسائر، بسبب سلطة "الرقابة العسكرية" التي تمتلك القدرة على منع نشر بعض الأخبار بسبب حساسيتها.
كانت إيران قد شنت يوم 1 أكتوبر 2024 هجوماً بـ 180 صاروخاً على أهداف في إسرائيل، وقالت طهران إن الهجوم جاء رداً على اغتيال إسرائيل للرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية (في يوليو 2024) أثناء تواجده في طهران، واغتيال الأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصر الله والقيادي في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفروشان، يوم 27 سبتمبر 2024.
214 إصابة دخلت المستشفيات يوم الهجوم الإيراني
تظهر قاعدة بيانات وزارة الصحة أنه خلال يوم 1 أكتوبر 2024 فقط، دخل إلى المستشفيات الإسرائيلية 214 إصابة. وهذا الارتفاع الملفت في أعداد الإصابات سبقته معدلات اعتيادية من أعداد الإصابات التي كانت تستقبلها المستشفيات منذ منتصف أكتوبر 2023.
ويجري استقبال المصابين منذ بدء الحرب في 26 مستشفى ومركزا طبيا موزعة في شمال وجنوب ووسط الأراضي المحتلة، بحسب ما تظهر بيانات وزارة الصحة الإسرائيلية.
ومنذ 17 أكتوبر 2023 وحتى 30 سبتمبر 2024، كان متوسط العدد اليومي للإصابات التي تدخل المستشفيات هو 42 إصابة، لكن هذا العدد تضاعف في يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بالتزامن مع حدوث الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل وتنفيذ عملية إطلاق نار في تل أبيب.
ويُعد معدل دخول الإصابات إلى المستشفيات خلال يوم 1 أكتوبر 2024 ثاني أعلى معدل منذ تاريخ 16 أكتوبر 2023، الذي شهد حينها استقبال المستشفيات لـ 227 إصابة خلال يوم واحد.
في حين أن أكثر الأيام التي استقبلت فيها المستشفيات الإسرائيلية الإصابات كانت الأيام الثلاثة الأولى من الحرب:
7 أكتوبر 2023: 1456 إصابة.
8 أكتوبر 2023: 475 إصابة.
9 أكتوبر 2023: 306 إصابة.
وهذا الارتفاع الملفت بأعداد الإصابات التي دخلت المستشفيات يوم 1 أكتوبر 2024 يشكك في رواية الجيش الإسرائيلي، الذي قال بعد الهجوم الصاروخي لإيران إن الهجوم "لم يتسبب في أي إصابات"، كما قالت منظمة "نجمة داوود الحمراء" الإسرائيلية إنه أُصيب شخصان فقط بجروح طفيفة جراء شظايا الصواريخ الإيرانية.
كان من بين التصريحات القليلة التي تحدثت عن أضرار خلفها الهجوم الإيراني قول أمير كوخافي، رئيس بلدية "هود هشارون" شمال تل أبيب، إن "نحو 100 منزل في المدينة أصيب بأضرار بعد الهجوم الصاروخي البالستي من إيران"، فيما أكدتالبلديةأنه "لم تقع إصابات بشرية جراء الهجوم"، بحسب قولها.
وفي نفس اليوم الذي شنت فيه إيران هجومها الصاروخي على إسرائيل، شهدت مدينة تل أبيب هجومًا مسلحًا نفذه فلسطينيان اثنان من مدينة الخليل، وأسفر الهجوم عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 16 آخرين.
وشهد يوم 1 أكتوبر 2024 أيضًا أعلى عدد من الإنذارات التي انطلقت في الأراضي المحتلة منذ يوم 7 أكتوبر 2023، وبحسب ما رصده "عربي بوست"، فإنه تم إطلاق 2,120 إنذارًا يوم 1 أكتوبر 2024، من بينها 1869 إنذارًا بسبب الصواريخ الإيرانية، و251 إنذارًا بسبب صواريخ من "حزب الله".
ومنذ بدء الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أنشأت وزارة الصحة الإسرائيلية قاعدة بيانات، تُدرج فيها أعداد المصابين جراء الحرب. ولا تفرق بيانات وزارة الصحة بشكل واضح بين إصابات المدنيين والعسكريين، إلا أن أعداد الإصابات المُسجلة ضمن فترات زمنية مُحددة من الحرب، مثل الأيام التي تتعرض فيها مناطق إسرائيلية لقصف مكثف، تعطي مؤشرات مهمة متعلقة بالإصابات.
ارتفاع عدد الإصابات منذ بدء التوغل في لبنان
تُشير بيانات وزارة الصحة الإسرائيلية أيضًا إلى أن أعداد الإصابات التي دخلت المستشفيات ارتفعت منذ بداية أكتوبر 2024، الذي يتزامن مع بدء إسرائيل توغلها البري الذي وصفته بـ"المحدود" في جنوب لبنان.
ودخل إلى المستشفيات الإسرائيلية ما بين 1 إلى 8 أكتوبر 2024، 939 إصابة، وهو رقم أعلى من المتوسط اليومي الذي كانت تستقبل فيه المستشفيات الإصابات قبل بدء التوغل البري في جنوب لبنان وزيادة "حزب الله" إطلاق صواريخه على المدن والبلدات الإسرائيلية.
ومنذ بدء التوغل في جنوب لبنان، أعلنت إسرائيل عن مقتل 10 جنود، وإصابة عشرات الجنود جراء المواجهات التي تندلع على الحدود، حيث تحاول القوات الإسرائيلية اقتحام الحدود من 3 محاور: " يارون، ومارون الراس، والعديسة".
ووسط التصعيد الحالي في جبهتي غزة وجنوب لبنان، تشدد الرقابة العسكرية في إسرائيل من قيودها على نشر الكثير من التفاصيل بسير العمليات هناك، لا سيما فيما يتعلق بالخسائر البشرية والمادية. وفي بعض الأحيان تمنع الرقابة تداول الصور ومقاطع الفيديو، وتحذر من الإدلاء بأي معلومات لوسائل إعلامية، إلا من خلال جهات إعلامية تخضع لرقابتها المشددة.
وتُعد الأعداد الحقيقية سواء للمصابين في جيش الاحتلال أو المصابين المدنيين أحد أبرز الجوانب الغامضة في الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ لم تعهد إسرائيل حالة من التكتم على أرقام خسائر الجيش كالتي تحدث بهذه الحرب، وذلك بخلاف سياستها في الحروب السابقة. وتؤكد تقارير إسرائيلية أن الجيش يتعمد بشكل خاص إخفاء الأرقام الحقيقية لإصابات جنوده حفاظًا على الروح المعنوية للإسرائيليين.
ورغم القيود المفروضة، إلا أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، مثل صحيفتي "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت"، سبق وأن نشرتا تقارير تتضمن بيانات عن الخسائر مغايرة تمامًا للأرقام التي تعلن عنها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وتُشير الأرقام المنشورة من قبل وزارة الصحة الإسرائيلية، إضافة إلى ما يتم تسريبه أحيانًا من معلومات لصحف إسرائيلية، إلى أن الأعداد المُعلن عنها رسميًا من قبل جيش الاحتلال عن عدد الإصابات بين الإسرائيليين تفتقر إلى الدقة.
ويأتي هذا مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة عامها الثاني، وأسفرت الحرب عن ما لا يقل عن 139 ألف بين شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وآلاف المفقودين، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.