تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة لعب دور ريادي في دعم الشعب الفلسطيني خلال الأزمات الإنسانية التي يمر بها، انطلاقاً من دورها الإنساني، والتاريخي في مساندة الأشقاء الفلسطينيين الذي تعمق على مدى عقود. هذا النهج، الذي أرسته قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لا يزال يشكل ركيزة أساسية في سياسات الإمارات، والتي تسير على خطاها القيادة الحالية في تقديم الدعم المستمر للأشقاء الفلسطينيين.
وعلى مدى عقود امتدت يد العون الإماراتية إلى مناطق عدة في فلسطين، من بينها قطاع غزة، القدس، وجنين، حيث تم تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة تشمل بناء المدن السكنية، وتقديم الرعاية الصحية، إلى جانب دعم مالي متواصل. كما برز الدور الإماراتي بشكل خاص في الأزمات الطارئة والاستثنائية، مثل تلك التي يواجهها سكان قطاع غزة في الفترة الأخيرة، إذ سارعت الإمارات إلى تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة استجابة للتحديات الكبيرة التي يعيشها الغزيون منذ أكثر من عام.
مبادرات إماراتية إنسانية
منذ بداية التصعيد في غزة، بادرت دولة الإمارات لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، حيث أطلقت سلسلة مبادرات إنسانية تهدف إلى دعم سكان قطاع غزة وتخفيف معاناتهم، وتقديم الدعم الطبي العاجل للمرضى والمصابين، وخاصة الأطفال. حيث أعلنت الإمارات عن تخصيص مساعدات عاجلة لإغاثة المدنيين كتوفير الغذاء، والدواء، والمستلزمات الطبية الضرورية، والمتطلبات المعيشية، إلى جانب تأكيد القيادة الإماراتية على أهمية توفير الحماية للمدنيين وتجنيبهم أخطار الحرب والحفاظ على على حياة المدنيين ومرافق الحياة وفقاً للقانون الدولي الإنساني.
جسور جوية للمساعدات
في إطار توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تم تسيير جسور جوية لنقل المساعدات الإنسانية من الإمارات إلى مطار العريش في مصر، ومن هناك إلى قطاع غزة، وذلك ضمن عملية "الفارس الشهم 3" متعددة المجالات والمراحل لتقديم الدعم الإنساني والإغاثي للفلسطينيين في قطاع غزة، وبلورة مبادرات مختلفة لتلبية احتياجات المتضررين. حيث تضمنت هذه العملية إسقاط المساعدات عبر رحلات جوية تحت عنوان "طيور الخير"، وتنفيذ حملات إغاثية. كما تم التعاونمع مؤسسات خيرية دولية، ومن أبرزها مؤسسة المطبخ المركزي العالمي "سنترال كيتشين" من خلال تسيير شحنات مساعدات إلى قطاع غزة عبر الممر البحري الذي كان قائماً في وقت سابق.
جهود متكاملة
عملت المؤسسات الخيرية الإماراتية، مثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومدينة الإمارات الإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية، وباقي المؤسسات الإنسانية والخيرية في دولة الإمارات، بتناغم كامل لتنفيذ أهداف عملية "الفارس الشهم 3". وقد تم فتح باب التطوع للعديد من الأطباء المسجلين في وزارة الصحة ودائرة الصحة بأبوظبي، والمتطوعين المسجلين لدى الهلال الأحمر الإماراتي والمؤسسات الخيرية في الإمارات.
علاج الجرحى والمرضى
ووجه صاحب السمو رئيس دولة الإمارات بعلاج 1000 طفل من قطاع غزة في مستشفيات الإمارات، وتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها، إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم، إضافة إلى استضافة 1000 فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من القطاع من مختلف الفئات العمرية، لتلقي العلاج وجميع أنواع الرعاية الصحية التي يحتاجونها في مستشفيات الدولة، واستضافة المرضى وعائلاتهم في مدينة الإمارات الإنسانية التي تعد نموذجاً ريادياً في العمل الخيري، حيث وصل أكثر من 1500 من الحالات المستهدفة.
وأقامت دولة الإمارات المستشفى الإماراتي العائم قبالة ساحل مدينة العريش، الذي يتوافر فيه 100 سرير، واستقبل مئات الحالات للعلاج، كما أقامت المستشفى الميداني الإماراتي في جنوب غزة تحت إشراف فريق طبي إماراتي، ويعمل فيه أكثر من 100 من الكوادر الطبية والصيدلانية وفنيي المختبرات، وتعامل المستشفى مع أكثر من 48 ألفاً و320 حالة لعلاجها منذ افتتاحه في الثاني من ديسمبر 2023.
مساهمات صحية وغذائية
إضافة إلى ذلك، قدمت الإمارات دعماً مالياً كبيراً للجهود الإنسانية في غزة، حيث خصصت 20 مليون دولار من خلال وكالة "الأونروا" لدعم الفلسطينيين لمواجهة الظروف الإنسانية الصعبة التي يمرون بها. ووجه رئيس دولة الإمارات بتكثيف المساعدات الإنسانية لسكان غزة في شهر رمضان الماضي، بالإضافة إلى تخصيص 5 ملايين دولار لدعم جهود سيغريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة. كما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بتقديم 50 مليون درهم مساعدات عاجلة عن طريق مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، وبتوجيهات سموه أيضاً أعلنت المؤسسة في يناير 2024، عن تقديم منحتين لدعم القطاعين الغذائي والصحي في قطاع غزة؛ الأولى بقيمة 43 مليون درهم (11,7 مليون دولار ) لتوفير الدعم الغذائي المباشر، والثانية بقيمة 37 مليون درهم (10 ملايين دولار)، لدعم القطاع الصحي في غزة، خصوصاً لفئة الأطفال بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
حملة "تراحم من أجل غزة"
أطلقت وزارة الخارجية الإماراتية بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي وبرنامج الغذاء العالمي حملة "تراحم من أجل غزة"، والتي شارك فيها أكثر من 24 ألف متطوع. تم خلالها إعداد 71 ألف حزمة إغاثية من خلال فعاليات تم تنظيمها في أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان، وبمشاركة 20 مؤسسة خيرية. كما تم تخصيص 15 مليون دولار دعماً لـ"صندوق أمالثيا"، بهدف دعم الممر البحري بين الموانئ القبرصية وغزة.
دعم البنية التحتية والمياه
من بين المشاريع الهامة التي نفذتها الإمارات، إنشاء محطات تحلية مياه لتوفير أكثر من مليون غالون من المياه يومياً، والتي يستفيد منها مئات الآلاف من سكان غزة. كما تم توفير عدد من المخابز الأوتوماتيكية لتلبية احتياجات آلاف الفلسطينيين من الخبز يومياً.
وعلى صعيد المساعدات الغذائية عملت الإمارات على إيصال أكثر من 2000 طن من الإمدادات الغذائية بحراً إلى قطاع غزة، بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والولايات المتحدة وقبرص والأمم المتحدة، وبالشراكة مع وكالة أنيرا، بالإضافة إلى 300 طن من المساعدات الغذائية إلى شمال القطاع، عبر الممر البحري، بالتعاون مع مؤسسة المطبخ المركزي العالمي. كما أرسلت الإمارات 8 سفن مساعدات إلى ميناء العريش، حملت أكثر من 18 ألفاً و500 طن من الإمدادات الغذائية، لإدخالها إلى القطاع.
ومن خلال هذه الجهود الإنسانية المتواصلة، تظل الإمارات في مقدمة الدول التي تدعم الشعب الفلسطيني وتخفف من معاناته، خصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة التي يواجهها قطاع غزة.