اخبار البلد_ يُحصي وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه بمرارة خسائره السياسية في سورية وهو يستعد لمغادرة منصبه كوزير لخارجية نيكولا ساركوزي الذي كان في يوم من الأيام العدو رقم واحد لجوبيه ولمعلمه في السياسة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.
وزير الخارجية الفرنسي ، أثبت قصر نظر غريباً في التعامل مع الأزمة السورية حتى عندما نصحه سفير فرنسا إريك شوفاليه في أيار/مايو الماضي أن الرئيس الأسد قوي بما فيه الكفاية، وأنه ليس يتيماً شعبياً وأن الإعلام الخليجي يضخم الأحداث في سوريا. لم يستمع لسفيره وضيّق عليه ووضعه على الهامش مستمعاً لبقايا مستشاري حقبة كوشنير في الكي دورسيه. والبارحة خرج متكلماً في جريدة ا"لوموند" المسائية معترفاً بهزائمه السورية خلال سنة من عمر الأزمة التي تعصف بسوريا.
لقد مهدت الخارجية الفرنسية لتراجعها هذا بمؤتمر صحافي مغلق الأربعاء الماضي ، دعت إليه مراسلي وسائل الإعلام الموالية لها في سوريا أو القريبة منها أو المستجدة من وسائل الإعلام التي تشكل صوت الذين يدفعون لها، بينما لم يدع الجسم الصحافي غير الموالي أو المقتنع بسياسة جوبيه ـ حمد في سوريا، في نهج يكذب كل الادعاءات باحترام حق الصحافة بالخبر المتوازي بعيداً عن معايير الولاء، ولولا اعتراض بعض الصحافيين لدى الخارجية الفرنسية عند تسرب خبر المؤتمر المغلق لما عرفت به إلا صحافة معروفة الاتجاه.
في هذا المؤتمر المغلق الذي عقده أحد العارفين بالوضع السوري والذي استدعي من دمشق سابقاً، مهد جوبيه لإعلان ندمه على الملأ، فالرئيس السوري أقوى مما كان يتوقعه جوبيه، ولو تسنى له أن يتكلم بصراحة لما تأخر عن القول ان النظام أقوى مما أفهمه حمد بن جاسم. وقال جوبيه إن الجيش موال أكثر مما توقع ، وإن السلك الدبلوماسي متماسك متبنياً نظرة بن جاسم أن عائلات هذا السلك رهائن. بينما لم يتأخر جوبيه بمهاجمة المسيحيين في بلاد الشام وبلاد العرب لأنهم وقفوا مع الرئيس السوري، فهم بالنسبة له، معهم الحق أن يخافوا لكن كان عليهم أن يتغلبوا على خوفهم هذا، لأن الديمقراطية ستحميهم من دون أن يتطرق أو يتحدث عن أي ديمقراطية يتكلم مع كل الذي يحصل في ليبيا وفي سوريا أيضاً.
لم يكن المؤتمر المغلق فقط لإعلان تغيير السياسة الفرنسية، تجاه سورية ولكن تخلله أيضاً تصفية حساب في الخارجية، هناك من قال انه كان على حق منذ عام عندما نصح بعدم اتباع القطريين في سياستهم التي تكبر حجمهم بمرات عديدة، لو سمعتم لما وصلنا إلى هنا ، هذا كان مختصر مفيد لبعض الجمل التي قيلت في هذا المجال.
سقط الرهان الفرنسي على هزيمة الرئيس الأسد في سوريا، وسقط الرهان الأكبر، القطري الخليجي على تدخل عسكري ضد دمشق على غرار التدخل في ليبيا، فروسيا والصين وقفتا وتقفان ضد أي مشروع يدين دمشق بعد الخديعة التي تعرضتا لها في ليبيا، وما يريده جوبيه حالياً في مجلس الأمن قرار يحفظ له ماء الوجه ويخرج به غير مهزوم أو يعطيه شيئاً من المصداقية بعد الهجوم الكبير الذي شنه خلال عام، لكن جوبيه يعرف أن هناك غضباً روسياً صينياً عليه شخصياً بسبب كذبه عليهم قبيل الحرب على ليبيا! وما هو متوقع هو أن يفرض الروس رؤيتهم في مجلس الأمن، بينما ساركوزي السائر نحو هزيمة انتخابية شبه محققة يرى بعض مديري حملة أوباما الانتخابية في عداد الفريق الذي يدير حملة فرانسوا هولند الانتخابية..
إنها نتائج هزيلة لسياسة كانت فيها فرنسا تابعة لدولة هزيلة اسمها قطر فهل من يعتبر؟