ودعا التقرير إلى وضع حد فوري لاستخدام الأسلحة العسكرية وأساليب وتكتيكات الوسائل العسكرية خلال عمليات إنفاذ القانون، وإلى وضع حد للاحتجاز التعسفي الجماعي وإساءة معاملة الفلسطينيين، وطالب برفع القيود التمييزية المفروضة على حرية التنقل.
وأكد مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان استشهاد 300 فلسطيني، من بينهم 77 طفلا، في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ 7 تشرين الأول، من بينهم ثمانية على يد المستوطنين، بينما قتِل فلسطيني واحد إما على يد القوات الإسرائيلية أو المستوطنين، فيما استشهد قبل ذلك التاريخ 200 فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو أعلى رقم منذ بدء تسجيلات الأمم المتحدة عام 2005.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، معلقا على نتائج التقرير إن "استخدام التكتيكات العسكرية والأسلحة في سياقات إنفاذ القانون، واستخدام القوة غير الضرورية أو غير المتناسبة، وفرض قيود واسعة على الحركة هي أمور مقلقة للغاية".
وأضاف تورك إن "الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير هي تكرار لنمط وطبيعة الانتهاكات التي تم الإبلاغ عنها في الماضي في سياق الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للضفة الغربية، إلا أن شدة العنف والقمع أمر لم نشهده منذ سنوات".
وقال: "أدعو إسرائيل إلى اتخاذ خطوات فعالة واضحة وفورية لوضع حد لعنف المستوطنين ضد السكان الفلسطينيين، والتحقيق في جميع حوادث العنف التي يرتكبها المستوطنون وقوات الأمن الإسرائيلية، وضمان الحماية الفعالة للمجتمعات الفلسطينية من أي شكل من أشكال الترحيل القسري، وضمان قدرة المجتمعات التي شردت بسبب الهجمات المتكررة من قبل المستوطنين المسلحين على العودة إلى أراضيها".
وجاء في التقرير، الذي غطى الفترة من 7 تشرين الأول إلى 20 تشرين الثاني (نوفمبر)، أن هناك زيادة حادة في الغارات الجوية وكذلك في عمليات التوغل التي تقوم بها ناقلات الجنود المدرعة والجرافات في مخيمات اللاجئين وغيرها من المناطق المكتظة بالسكان في الضفة الغربية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمُنشآت المدنية، وأدت هذه التوغلات، التي ما تزال تحدث، إلى مقتل ما لا يقل عن 105 فلسطينيين، من بينهم 23 طفلا منذ 7 تشرين الأول حتى اليوم.
وفي واحدة من هذه الحالات العديدة، في يومي 19 و20 تشرين الأول (أكتوبر)، وخلال توغل دام 30 ساعة في مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم، استخدمت القوات الإسرائيلية الأسلحة العسكرية ووسائل الاشتباك وقتلت 14 فلسطينيا، من بينهم ستة أطفال، وأصابت ما لا يقل عن 20، واعتقلت 10 آخرين.
واعتقلت القوات الإسرائيلية أكثر من 4700 فلسطيني، من بينهم نحو 40 صحافيا في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وذكر التقرير أن بعضهم جردوا من ملابسهم وعصبت أعينهم وتم تقييد أيديهم وأرجلهم لساعات طويلة، قام خلالها الجنود الإسرائيليون بالدوس على رؤوسهم وظهورهم، وبصقوا عليهم، وضربوهم بالجدران، وقاموا بتهديدهم وإهانتهم، بالإضافة إلى تعرضهم في بعض الحالات للعنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفي الأسابيع التي أعقبت 7 تشرين الأول، شهدت هجمات المستوطنين ارتفاعا حادا بلغ في المتوسط ستة حوادث في اليوم، شملت إطلاق النار وإحراق المنازل والمركبات واقتلاع الأشجار.
وفي العديد من الحوادث، كان المستوطنون برفقة قوات الأمن الإسرائيلية، أو كانوا هم أنفسهم يرتدون زي قوات الأمن الإسرائيلية، ويحملون بنادق الجيش، بحسب التقرير. ووثق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حوادث متعددة هاجم فيها المستوطنون الفلسطينيين خلال قطافهم لمحصول الزيتون، بما في ذلك هجمات باستخدام الأسلحة النارية، لإجبارهم على مغادرة أراضيهم، وسرقة محاصيلهم، وتسميم أشجار الزيتون أو تخريبها، مما يحرم الكثير من الفلسطينيين من مصدر حيوي للدخل.
وقال إن "تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، الذي يميز العديد من أعمال المستوطنين، أمر مقلق للغاية ويجب أن يتوقف فورا، وعلى السلطات الإسرائيلية أن تواجه بقوة عنف المستوطنين وأن تمنعه وأن تقاضي المحرضين عليه ومرتكبيه على حد سواء".
ومنذ 7 تشرين الأول، فرضت السلطات الإسرائيلية قيودا صارمة وممنهجة على حركة الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، حسب التقرير، إذ أغلقت قوات الأمن الاسرائيلية جميع مداخل القرى والبلدات الفلسطينية تقريباً أمام وصول المركبات، وفصلت المدن والبلدات الفلسطينية عن الطرق الرئيسية من خلال إغلاق منافذ الطرق، ووضع سواترَ ترابية أو حواجز إسمنتية.
وقال تورك: "نكرر في التقرير دعواتنا لوقف التدابير التي تؤدي إلى خلق بيئة قسرية والمخاوف المتعلقة بالترحيل القسري، بالإضافة إلى استمرار غياب المساءلة عن عنف المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية".