أخبار البلد - قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في اجتماعه بالعشرين من الشهر الجاري تثبيت معدلات الفائدة دون تغيير للمرة الثالثة لتستقر ضمن نطاق 5،25% - 5،5% ، مع ترك الباب مفتوحا ربما للرفع مرة اضافية بواقع 25 نقطة أساس في اجتماع تشرين الثاني أو كانون الأول بأواخر هذ العام وهما المتبقيان له هذه السنة في محاربة التضخم عبر رفع الفائدة .
وقد استند في قراره حسب ما أورده في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب القرار ، الى مجموعة من المعطيات منها أن التضخم لا يزال مرتفعا في الولايات المتحدة ويراقب جميع المخاطر وسنتقدم بحذر فيما يخص سياسة التشديد النقدي وفقا للبيانات الاقتصادية الواردة وتقييم المخاطر المحتملة والتضخم أعلى بكثير من الهدف الذي نريده وهو 2% وقد أصبح معتدلا أكثر منذ منتصف العام الماضي والسيطرة على التضخم وصولا الى 2% طويلة الأمد، ولا قرارات بشأن الفائدة مستقبلا دون معرفة بيانات الاقتصاد وتقييم المخاطر وخفض التضخم يتطلب فترة من النمو وستبقى حالة عدم اليقين حاضرة ، وسوق العمل ما زالت قوية والبطالة ما زالت منخفضة عند 3،1% والتضخم ينخفض دون زيادة كبيرة في معدلات البطالة ، والاقتصاد الأميركي يتوسع بوتيرة صلبة والنمو في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي فاق التوقعات وتجنيب الاقتصاد ركودا مشابها للأزمات السابقة وسينمو بواقع 2،1% في العام 2023 ، والتوقعات الاقتصادية صعبة في تحديد اتجاهات الاقتصاد وليست يقينة بالرغم من خبراء اقتصاديون للفيدرالي يقومون بهذه المهمة ، والتوقعات بخفض التضخم الى مستهدفه وبقاء معدلات
الفائدة مرتفعة على مدى أربع سنوات حتى العام 2026 ، ولا مؤشر زمني لخفض الفائدة ومستعدون لرفع اسعار الفائدة حتى نصبح واثقين ان التضخم سينخفض الى مستهدفه ، ومرونة الاقتصاد قد يدفع التضخم للارتفاع مجددا ،وتباطؤ التضخم ليس العامل الوحيد في قرار خفض الفائدة بل هناك عوامل أخرى مشتركة كسوق العمل والنمو الاقتصادي والأحداث التي تقع والمخاطر ، وأسعار الفائدة المرتفعة تضغط على الاستثمار في الأعمال وارتفاع تكلفة الاقتراض واضعاف القدرة الشرائية وتقنين النفقات الأساسية ونحن ملتزمون باعادته الى 2% ومهمتنا تخفيف الاثار على المستهلكين والحفاظ على استقرار الأسعار ، وسنعمل على التخفيف منحيازة الفيدرالي للأصول المالية وهي السندات التي اشتراها قبل سنتين ضمن سياسة التيسير الكمي وضخ السيولة للتخفيف من تداعيات جائحة كورونا انذاك .
وفق التحليلات والتقارير الاقتصادية وعلى ضوء بقاء معدلات الفائدة المرتفعة وتماسك وقوة الاقتصاد الأميركي وتباطؤ الاقتصادات الأوروبية والمزيد من التراجعات في الأسواق مرتفعة المخاطر وعدم توقع دخول الاقتصاد الأميركي في ركود ، فان ذلك يعزز ارتفاع الدولارويقود مكاسبهحيث قوته وارتفاعات الفائدة تضغطان على أسعار الذهب وصناديق الاستثمار تخطط لزيادة وزن الذهب في محافظها بالاستفادة من تراجع الأسعار ومكاسب الذهب منذ بداية العام الجاري تقترب من 7% بعد أن أنهت تداولات عامي 2021 و2022 على تراجع ، كما أن ارتفاعات الفائدة تضغط على القروض السكنية في أميركا حيث وصلت الى 7،27% وأسعار العقاراتلا تزال مرتفعة مع تراجع مبيعات المنازل في أدنى مستوى له منذ عام 1999 .
ويبدو أن الأخبار الجيدة للاقتصاد الأميركي وقوة الدولار سيئة على أسواق الذهب والنفط والعقارات والأسهم واليورو والعملات المشفرة ، بينما الفائدة مرتفعة .
ان عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات عند أعلى مستوى 4،3% منذ تشرين الثاني 2007 أي منذ بداية الأزمة المالية العالمية وهي تتصف بأنها أمنة ومحمية من التضخم ، وبالتالي العوائد الحقيقية لها تفوق العوائد الاسمية أما عوائد سندات الخزانة لأجل سنتين فتبلغ 5،1% وهي أعلى من عوائد سندات العشر سنوات وهو ما يسمى بمنحنى العائد المقلوب ، وتساؤلات تطرح فيما اذا سينعكس ارتفاع عوائد السندات الأميركية على نظيرتها الخليجية وهذا ما تم تسعيره في طرح سندات الحكومة الاماراتية الذي أغلق في 19/9/2023 لجمع 1،5 مليار دولار بسعر فائدة سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات مضافا اليه هامشا بمقدار 65 نقطة أساس ، فيما بنك أوف أميركا يشير الى أن زيادة مكاسب الدولار تعتمد على مصير الاقتصاد الصيني أكثر منها سياسات الفيدرالي وقراراته في رفع الفائدة.
لقد لعب انخفاض أسعار الوقود في الولايات المتحدة دورا في تراجع معدل التضخم مع بقاء العوامل الأخرى مرتفعة نسبيا حيث تلجأ احيانا الى السحب من المخزونات بدلا من اللجوء الى الطلب مما يبدو فيه ضعفا في الطلب وانخفاضا في الأسعار وهو ما يعرف بالانخفاض التقني ، وهناك فرق بين الطلب والمخزون وليس كل ما يشترى يذهب الى الاستهلاك وجزء منه للتخزين ليتم السحب منه في موجة ارتفاع الأسعار وهذا ما تتبعه الصين ايضا التي تحتفظ بمخزون يصل الى مليار برميل، وهذا ما أشار اليه بنك غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي من أن مخزونات النفط العالمية تراجعت بمعدل 600 ألف برميل يوميا خلال شهر أب الماضي ، مع التوقعات بوصول برميل النفط الى 100 دولار بحلول نهاية العام الجاري و107 دولار في العام المقبل ووصل حاليا مستوى 94 دولارا بفعل نقص المعروض وقوة الطلب في الأسواق الاسيوية بقيام الصين بملء احتياطاتها ومخزوناتها ومحركات الاقتصاد لا زالت جيدة وقادرة على التأقلم مع الأسعار المرتفعة .
ويشكل ارتفاع الدولار ضغطا على أسعار النفط ، وتلعب العوامل التي تتحكم في سعر النفط دورا رئيسيا في ارتفاع الأسعاروالمتمثلة في خفض الانتاج الطوعي من منظمة أوبيك ونقص المعروض وقوة الطلب وتدني المخزونات .
ويلقي التضخم بظلاله على محرك رئيسي للاقتصاد الأميركي وهو قطاع صناعة السيارات الأميركية تحت وطأة اضراب العمال الذين يطالبون بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل فيما تعرض الشركات زيادة بنسبة 21% على مدى أربع سنوات ونصف بينما اتحاد عمال السيارات يطالب بنسبة 40% حتى عام 2027 ، والاضراب عطل العمل في ثلاثة مصانع أميركية لانتاج السيارات والرئيس الأميركي يدعو شركات السيارات لمكافأة العمال على الأرباح القياسية التي تحققها ونقابة عمال السيارات تؤكد بأن الشركات الثلاث حققت 21 مليار دولار في الأشهر الستة الأخيرة بينما تراجعت أجور العمال وظروفهم ، وأن النقابة لن ترضى بزيادة 21% في الأجور فقط .
وحسب مكتب الاحصاءات الأميركي ، فقد ارتفع معدل الفقر بين الأطفال الأميركيين في العام 2023 نحو 4% مقارنة بعام 2022 وساهم وقف المساعدات الحكومية أثر انتهاء الجائحة في زيادة نسبة الفقر والأمر المقلق هو ارتفاع نسبة الفقر دون وجود خطط فاعلة لمواجهته ، وأكثر من 38 مليون طفل أميركي كانوا ضحايا للفقرعام 2022 بعد ايقاف الحزم المخصصة لدعم العائلات الأميركية ، وأكثر من 40% من الأميركيين تراجع معدل دخلهم السنوي في العام الحالي عن العام الماضي ولعبت الايجارات المرتفعة دورا اساسيا في ذلك والغاء العائلات للعديد من الاحتياجات للتأقلم مع الوضع الجديد رغم تراجع التضخم في الولايات المتحدة مقارنة بذي قبل .