قالت كتلة الجبهة الأردنية (13 نائباً) في مناقشة مجلس النواب لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة مساء الاثنين إن الموازنة لا تعالج الإختلالات الحاصلة في النظم الإقتصادية والمالية التي يجب على الحكومة ان تأخذ بها لتعيد التوازن للموازنة وتعيد التوازن للوطن.
وحذرت الكتلة في كلمتها التي القاها رئيسها النائب مبارك الطوال من إن توسع شريحة الفقر والفقراء في الأردن يمزق العقد الإجتماعي بصورة حادة و يكاد يطيح بنا جميعا إذا لم تتدارك الحكومة الأمر عبر سلسلة من الإجراءات والمواقف بحيث يكون لها توجه اقتصادي وسياسي استراتيجي وليس على طريقة المعالجة المرتجلة ، يوم بيوم و ساعة بساعة .
وقال الطوال " في حديثنا اليوم عن الموازنة لا بد ان نبدأ الحديث عن السياسات الحكومية بصورة عامة والتي لها تأثير كبير بصورة او بأخرى على الموازنة وظروف إعدادها والنتائج التي تترتب على تفاصيلها وايضاح رؤيتنا حول حاضر ومستقبل الوطن وانعكاسات الأرقام على الإستقرار الذي ننشده له ، ولا بد هنا من الموازنة بين المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية العملية التي تدفعنا الى النظر الى الأرقام والمعطيات السياسية في آن واحد".
واشار إلى أن المتغيرات التي طرأت على الساحة المحلية في العام المنصرم لا يبدو انها أثرت على صناع الموازنة ، أو دفعتهم ان يأخذوا بعين الإعتبار البعد الإقتصادي وتأثيره على البعد السياسي وعلى مجمل الحياة العامة وظروف المواطنين ، خاصة الطبقات الفقيرة التي تشكل الغالبية العظمى من أبناء الوطن ، وحيث ان الوقت قصير لا نريد أن نسهب في حديث عام لا يؤشر مباشرة الى مواقع الخلل ومواطن الداء ، الذي يستفحل يوما بعد يوم ، والذي ان ترك فإننا نخشى ان نصل الى نقطة حرجة لا نقدر فيها على القيام بالواجبات الأساسية الضرورية للمواطن وعندها فإننا لانريد مجرد التفكير في العواقب الوخيمة التي يمكن ان تترتب على ذلك .
والمح النائب الطوال الى إن قضايا الشركات التي خصخصت والطريقة التي خصخصت فيها ، ثم ارباح تلك الشركات حينما كانت لنا وأرباح نفس الشركات بعد ان خصخصت ، ثم الضرائب التي تدفعها تلك الشركات لخزينة الدولة ، تشكل حالة في غاية الحساسية والحرج ، وتحتاج الى إعادة نظر ان عاجلا او اجلا من قبل الحكومة لأن ذلك يؤثر على الموازنة وعلى الأداء الإقتصادي الوطني بصورة عامة و يشكل عبئا كبيرا يتحمله المواطن ، والمواطن فقط ، كما أن فاتورة الكهرباء والعجز في تلك الفاتورة الذي يسدد من خزينة الدولة أمر آخر بحاجة الى مناقشة ومفاتشة وقد نعرج على ذلك بالتفصيل في هذه العجالة ، ثم إننا نسأل سؤالا كبيرا مشروعا يتناقله الشارع كله ، ماهي الأفاق التي تتضمنها الموازنة للعام 2012 ، وأي سنة سيعيشها الأردنيون بعد ثلاث سنين عجاف مرت علينا و بدأت أثار الدمار التي سببتها تظهر على البنى الإجتماعية نتيجة التخبط في السياسات والرؤى ، ونتيجة الإرتجال والتسويف ، والتردد في محاسبة الفاسدين ، والتعامل مع الأزمة على أنها شيء عابر لا يشكل خطرا على بنى الكيان الوطني الأساسية.
وأضاف " اليوم لا بد أن نتحدث بصراحة عن الحاضر لأنه بات أهم من المستقبل لسوء الحظ ، فلا يمكن أن نعزو كل مشكلة الى اسباب بعيدة عن جذورها الحقيقية فقط كي نبرأ الحكومة او نبرأ انفسنا من السمؤولية ، اليوم نحن نعاني من حالة تذمر شاملة في كل قطاعات وشرائح المجتمع ، و نعاني من حالة من الركود الإقتصادي وأرجو ان تعذرونا لأننا لن نقبل ان يعزو احد ركودنا الإقتصادي الى حالة الركود العالمي فاقتصادنا اقتصاد صغير ولم يتأثر بأي مشكلة عالمية بل تأثر بأدائنا السيء ، وبأدارتنا الفاشلة ، وبمستويات غير مسبوقة من الفساد وبالتالي الشعب يقول للحكومة ومن سبقها من الحكومات " على نفسها جنت براقش " وهذا هو واقع الحال".
وزاد النائب مبارك الطوال متحدثا باسم كتلته الذارع البرلمانية لحزب الجبهة الاردنية الموحدة " حينما يقول المسؤولون أن السنتين القادمتين هما من أصعب السنوات على الإطلاق فمعنى ذلك اننا ندفع المواطنين للإنتحار والمستثمرين للهرب ، وحينما نقول ان سبب ركودنا الإقتصادي هو الركود العالمي فإننا نضحك على انفسنا ونحاول ان نستغبي غيرنا ، لا ندري ماهي المدرسة الإقتصادية التي تنتهجها الحكومة هل هي المدرسة الكلاسيكية او المدرسة الطبيعية او الكينزية أم المدرسة الميركانتيلية ام الشيوعية ام غيرها ، الحكومة تستهلك 56% من الإقتصاد العام وهذا يجعلها اقرب الى النظام الإشتراكي منها الى اي نظام آخر ثم هي لا تقدم للمواطنين مايقدمه النظام الإشتراكي ، بالمقابل الحكومة تنهج نهج جانب العرض او ما يسمى بالإنجليزية Supply side وهي بهذا تزيد الأغنياء غنى والفاسدين فسادا وتزيد الفقراء فقرا والبائسين بؤسا ، اليوم ليس خارج الموضوع التشديد على المطالبة في مكافحة الفساد بل هي في صميمه وفي لبه تماما ، اليوم حتى نستعيد عافيتنا لابد ان نعترف ان الفاسدين يسيطرون على كل مقدرات الوطن واليوم هناك من يدفع باتجاه الإفساد في محاولات مكافحة الفساد لأن قوى الشد العكسي لا تريد مطلقا ان تكافح الفساد وبغير مكافحة الفساد سنبقى ندور في حلقة مفرغة" .
وأكد أن الحزب لا يريد ان يحاسب الحكومة ولا الموازنة على الأخطاء القاتلة التي تم ارتكابها سنين الطفرة قبل اربعة وخمسة أعوام حينما كانت مداخيل الموازنة اعلى بكثير من اليوم وكان صافي نسبة النمو في العام 2007 مثلا 8.1 %وبدل ان يفكر الإقتصاديون في الحكومة في تقليل الإنفاق في ذلك الوقت حيث كانت الأحوال الإقتصادية العامة ممتازة قاموا بانفاق مالديهم دون تعقل بل و باعوا وخصخصوا ولم " يخبئوا قرش الدولة الأبيض ليومها الأسود " الذي نعيشه اليوم ، كل هذا من الف باء الإقتصاد الذي كان من الواجب ملاحظته ، لا نستطيع ان نحاسب الحكومة الحالية على اخطاء تلك الحكومات ، كما ان من يأتي بعدنا لن يستطيع ان يحاسب الحكومة التالية عن أخطائنا وأخطاء الحكومة الحالية وهكذا دواليك نبقى ندور في حلقة سياسية واقتصادية مفرغة ليس لها نهايات مرجوة .
وحول مشكلة المعلمين بين الطوال انها نتيجة من نتائج الفساد الحاصل ، اننا نعيش معركة مع ابنائنا المعلمين الذين يرعون فلذات اكبادنا من أجل مطالبتهم بزيادات لا يتعدى مجموع ارقامها السنوية خمسون مليونا ونترك فاسدين يسرقون مئات الملايين يسجنون اياما ثم يخرجون وقد لا يسجنون ابدا .
واشار إلى أن المعادلة القائمة لا تستقيم مع الحق والعدل والمنطق ، إن درء المفاسد اولى من جلب المنافع ، وبالتالي فإن القضاء على الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة أولى من أي شيء أخر ، اما ان نبقى نعيش على وقع اننا نقدر ان نحاسب او لا نقدر وهل هناك قوانين تسمح لنا بمحاسبة الفاسدين ام لا ، من يضع القانون ، نحن ، انتم في هذه القاعة نستطيع أن نضع القانون الذي نريد إذا كان ذلك في مصلحة الوطن ، اما اليوم والا فلا ، ونحن نقدم ماعندنا بلسان عربي فصيح اننا سائرون نحو المجهول والصفقات والمفاوضات وراء الأبواب المغلقة وتبادل المنافع بين النخب لا يحل المشكل ، اليوم الوطن في خطر واليوم الحل هو الخروج من شرنقة الفساد .
وخيتم حديثه بالقول " لسنا راضين عن الموازنة ولا عن صياغتها ونعلم انها مليئة بالعيوب والأخطاء المقصودة ولا تعكس الواقع الإقتصادي المعاش ولا تعكس حالة الوطن والمواطن العامة ولا تعكس احتياجاتنا وضرورات امننا الوطني ولذلك فسنأخذ وقتنا للتفكير في الموقف الأمثل حيال هذه الموازنة".