ماذا يفعل نتنياهو في فندق بالاس الفلسطينيّ؟

ماذا يفعل نتنياهو في فندق بالاس الفلسطينيّ؟
أخبار البلد -  

أخبارالبلد- انتقلت عائلة نتنياهو للسكن في فندق "والدورف أستوريا" في القدس، بسبب ترميمات في المسكن الرسميّ. لا، هذه ليست سخرية من القدر، بل مكر من التاريخ، فقد أقيم هذا الفندق في أحشاء بناية فندق بالاس، المقرّ التاريخيّ للمجلس الإسلاميّ الأعلى والحركة الوطنيّة الفلسطينيّة، وكان الحاجّ أمين الحسيني، رحمه اللّه، قد جنّد التمويل، وبادر إلى بناء الفندق باسم المجلس الإسلاميّ الأعلى الّذي كان يرأسه، وأوكل التخطيط للمهندس المعماريّ التركيّ المبدع نحّاس بيك.

جرى تشييد العمارة، الّتي افتتحت عام 1929، على الطراز العربيّ الإسلاميّ الأندلسيّ، وشملت 200 غرفة، منها 50 جناحًا فاخرًا، وارتفعت إلى علوّ أربعة طوابق، وكان فيها ثلاثة مصاعد وتدفئة مركزيّة وهواتف ومراحيض وحمّامات في كلّ غرفة، وكان الفندق، في حينه، أفخر فنادق القدس، وعمد الحاجّ أمين الحسيني على منح مبناه طابعًا عربيًّا أصيلًا للتأكيد على هويّة المكان، وللتشديد على هذه الهويّة نقش فوق المدخل بيتًا من الشعر لشاعر الحماسة الأمويّ المتوكّل الليثي: "نبني كما كانت أوائلنا… تبني ونفعل مثلما فعلوا".

افتتاح المعرض العربيّ الثاني عام 1934، الذي أقيم في فندق بالاس في القدس (أرشيف المتحف الفلسطينيّ)

لقد بني الفندق الاستعماريّ "والدورف أستوريا"، بعد هدم وتفريغ الأجزاء الداخليّة الّتي كانت مبهرة بجمالها، وتمّ الإبقاء على الغلاف الخارجيّ لفندق بالاس الفلسطينيّ، بالضبط كما تجري عمليّة قحف الكوسا. كانت تلك جريمة معماريّة من الطراز الثقيل وتمثيلًا في الجسد المعماريّ وتفريغه من محتواه حرفيًّا، وليس مجازًا فقط. وتمثّل هذا الانحطاط الأخلاقيّ في إنشاء مشهد همجيّ لقوس نصر، بانسجام "معماريّ" مع سياسات الاستعمار الاستيطانيّ الإحلاليّ، حيث جاءت العمارة الإسرائيليّة الجديدة لتركب فوق العمارة الفلسطينيّة، وتقهرها وتعتلي فوقها بخيلاء المستعمر المزهوّ بنفسه وجرائمه الّتي تحدّد هويّته.

المبنى من الداخل

قبل سنوات قلت في الكنيست لنوّاب قاطعوني: "كنّا قبلكم وسنبقى بعدكم!" – أي كنّا قبل الصهيونيّة، وسنبقى بعد أن تزول، فطلب نتنياهو حقّ الكلام، واعتلى المنصّة للردّ عليّ وقال: "الجزء الأوّل من كلام زحالقة غير صحيح والجزء الثاني لن يكون". وقد تباهى بهذه القصّة في كتابه الجديد، الّذي نشر عشيّة الانتخابات الأخيرة، وها هو اليوم يدخل فندق بالاس الفلسطينيّ، الّذي شيّده الحاجّ أمين، وفوق مدخله نحت "بنى هذا النزل المجلس الإسلاميّ الأعلى بفلسطين سنة 1929".

لقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأوّل، دافيد بن غوريون، السكن في بيت عائلة جمل الفلسطينيّة، تفاديًا لرمزيّة سكن رأس السلطة في الدولة الصهيونيّة في بيت عربيّ هجر أهله، وتلاه في ذلك وللسبب نفسه رئيس الوزراء الإسرائيليّ السابق، ليفي أشكول، الّذي لم يقبل السكن في بيت عائلة عبد الغني في القدس الغربيّة، أمّا رئيس الوزراء القصيرة ولايته، يئير لبيد، فقد انتقل إلى السكن في "فيلا سلامة"، الّتي بناها رجل الأعمال الفلسطينيّ حنّا (جو) سلامة عام 1932. يمكن القول عن لبيد بأنّه فاقد للوعي التاريخيّ، لكن لا يمكن قول ذلك عن نتنياهو، الّذي يعرف تمامًا مغزى ومعنى انتقاله للسكن في عمارة شيّدها أصلًا الحاجّ أمين الحسيني، فهذا بالنسبة لعقليّته تأكيد على النصر على الحاجّ، وعلى ما يمثّله، وعلى ما هو منحوت فوق مدخل الفندق الّذي انتقل إليه.

رسم لفيلا سلامة

يقودنا هذا العدوان "المعماريّ" إلى التشديد على الضرورة الوجوديّة للمقاومة الثقافيّة في هذا المضمار أيضًا، عبر فضح الجرائم المعماريّة من جهة وبناء هويّة معماريّة فلسطينيّة (وعربيّة) حديثة من جهة أخرى. لقد استطاعت قوانا السياسيّة والأهليّة، بفضل نضال عنيد استمرّ لسنوات طويلة منع إقامة عمارة "مركز التسامح" فوق مقبرة "مأمن اللّه"، الّتي تقع في الجهة المقابلة من الشارع، على بعد أمتار قليلة من بناية فندق "بالاس". وكانت لجان التخطيط الإسرائيليّ أجازت هذا المركز، وصادقت على الشروع ببنائه، وكاد يتمّ ذلك لولا المظاهرات والمسيرات والنداءات والعمل المتواصل الدؤوب، الّذي أجبر القائمين عليه على التراجع، والإبقاء على المقبرة التاريخيّة كما هي. علينا أن نتصدّى للجرائم المعماريّة في كلّ موقع، وأن نبني بالمقابل عمارتنا الحديثة، لا اجترارًا للماضي، ولا نسخًا عن الآخرين، بل تعبيرًا عن واقعنا وأحلامنا وحاجاتنا وذوقنا الجماليّ، بالاستفادة من الإرث الحضاريّ والتفاعل مع الآخر الغربيّ والشرقيّ، ولنا في الحداثة الكاتالونيّة مثال يحتذى به.

 
شريط الأخبار إسرائيل تقصف 100 موقع بلبنان في ثاني موجة ضربات خلال ساعات تفاصيل جديدة حول جريمة قتل شاب والدته وشقيقته في الأردن جمعية البنوك توضح حول انعكاس تخفيض أسعار الفائدة على قروض الأردنيين منتدى الاستراتيجيات يدعو لإعادة النظر في الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية الأردن: إرسال من 120 إلى 140 شاحنة مساعدات أسبوعيا لغزة وسعي لرفع العدد هيئة الطيران المدني: لا تغيير على حركة الطيران بين عمّان وبيروت وزير الشباب الشديفات يلتقي الوزير الأسبق النابلسي البقاعي رئيسا لمجلس إدارة شركة مصفاة البترول الأردنية وزارة "الاقتصاد الرقمي" حائرة بين 079 و077: من الهناندة إلى السميرات! مقال محير يعيد ظهور الباشا حسين الحواتمة الى المشهد.. ما القصة البنك المركزي الأردني يقرر تخفيض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس وصول طواقم المستشفى الميداني الأردني نابلس/4 استقاله علاء البطاينة من مجلس أدارة البنك العربي طقس بارد نسبياً ليلاً وفي الصباح الباكر مع ظهور السحب المنخفضة في عطلة نهاية الأسبوع التعليم العالي: نتائج القبول الموحد نهاية الشهر الحالي الحكومة تطفي ديونا بقيمة 2.425 مليار دينار منذ بداية العام الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الخميس ما قصة حركات بيع وشراء اسهم الاردنية لانتاج الادوية بين اعضاء مجلس الادارة ؟! الوزير خالد البكار.. "تقدم" نحو لقب "معالي" هل باع محمد المومني ميثاق من أجل لقب "معالي"؟!