أحزاب بريطانيا وأزمة الهوية

أحزاب بريطانيا وأزمة الهوية
أخبار البلد -   أخبار البلد - أزمة مفترق الطرق، تعبير ترفضه قيادات حزب المحافظين، كما ترفض مصطلح «أزمة هوية»، مثلما احتج زعيم سابق للحزب على سؤالي مجيباً بتعبير قديم بأن حزبه Broad church «مظلة متعددة الأطياف». فالحزب، في قوله، يحتضن كل البريطانيين، على اختلافهم. واستشهد باقتناص أصوات مجموعات ديموغرافية في انتخابات 2019، كثيرهم خارج إطار الصورة النمطية عن المحافظين، كبيض البشرة من المترددين على الكنيسة قراء «الديلي تلغراف» في مقاطعات الجنوب الريفية. وضرب مثلاً بالطبقات العاملة في شمال إنجلترا وصيادي السمك في أسكوتلندا، وعمال موانئ في جنوب البلاد، ناهيك برئيس الحكومة ووزراء الداخلية والخارجية والصناعة والتجارة الخارجية، كلهم عرقيات أفريقية وآسيوية.

الطريف أن زعيم المعارضة العمالية السير كيير ستارمر وظف التعبير نفسه «برود تشيرش»، للعمال كمظلة تحتضن الجميع، عندما ذكرته، في لقاء ودي معه، الأسبوع الماضي، بقلق الناخب من تيارات اليسار المتطرف، والجمهوريين، والاشتراكيين، ونواب يدعمون الإضرابات في نقابات تسهم في تمويل الحزب.

والعمال بزعامة ستارمر اقتنصوا نحو نصف المقاعد التي خسرها المحافظون في انتخابات البلديات الإنجليزية قبل أسبوعين (راجع مقالنا الأسبوع الماضي) ويتفوقون عليهم في استطلاعات الرأي، لكن ليس بما يكفي للفوز بالأغلبية البرلمانية.

ولذلك يجد المحافظون والعمال (كحكومة ظل جاهزة للحكم) نفسهما في مفترق الطرق، فكليهما تواجهه الأسئلة التي سببت الصداع لزعماء الأحزاب التاريخية في الديمقراطيات العريقة قبل خوض الانتخابات: العودة للسياسات التقليدية التي بنى عليها الحزب نجاحاته السابقة، وهو ما يجمع الأصوات ويضمن النجاح في الدوائر التي يطمئن ناخبوها لهوية الحزب التقليدية، أم الاتجاه للتحديث والتطوير لكسب أصوات الشباب والأجيال الجديدة التي غالباً ما يكون خيارها عاطفياً، متأثراً بما يرونه مثالياً في الرأي العام الذي شكلته، أو شوهته وسائل التعبير الحديثة؟

فدوائر الريف؛ كالمزارعين والضباط المتقاعدين ورجال الأعمال، وأصحاب المتاجر الصغيرة، تشكل القاعدة التقليدية للمحافظين... ومناطق الطبقات العاملة الصناعية، ودوائر المناجم والمدن المتروبوليتية الكبرى تشكل قاعدة العمال.

لكن دروس الماضي القريب تتناقض مع نفسها عند المقارنة. فالراحلة مارغريت ثاتشر (1925 - 2013) أعادت المحافظين للحكم بأغلبية كبيرة في 1979، وفازت في انتخابات متتالية في 1983 و1987، وذلك بتمسكها بتقاليد جذور الدوائر المحافظة. وما أسهم في نجاحها، كان ضيق الناخب ذرعاً بسلسلة إضرابات عمال المناجم والسكة الحديد، وعمال الخدمات العامة، من حكومة العمال التي سبقتها (1974 - 1975) وتدهور مستوى المعيشة وارتفاع التضخم من الإجراءات الاشتراكية.

وبالعكس تماماً من حالة المحافظين بزعامة ثاتشر، قاد توني بلير العمال للفوز بأغلبية كاسحة في انتخابات 1997 (واستمر العمال في الحكم 12 عاماً)، عندما أدار ظهره للآيديولوجيات التقليدية والمبادئ الاشتراكية، وقلد سياسة المحافظين الاقتصادية، فاقتنص الكثير من دوائرهم، وأصوات الديمقراطيين الأحرار والدوائر المتأرجحة. بل فاز في الانتخابات التالية (2001) بالخصخصة ومشاركة القطاع الخاص وجذب الاستثمارات.

فتوني بلير ومستشاروه وقتها، أدركوا أن الطبقة العاملة البريطانية بشكلها التقليدي في تعريفات النظرية الماركسية مثلاً، التي اعتمد عليها العمال في كسب الانتخابات في فترات حرجة مثل عقب الحرب العالمية الثانية وستينات القرن الماضي، لم يعد لها وجود، إذا كانت معظم المناجم فد أغلقت والصناعات الثقيلة قد أفلست أو انتقلت لمناطق الشرق البعيد.

بلير ومجموعته، خصوصاً (حالياً) اللورد بيتر ماندلسون، الذي أصبح مدير العلاقات العامة والاتصالات في عام 1985 تحت زعامة نيل كينوك للعمال (1983 - 1992)، وكان المنظر الفعلي لمجموعة سياسات أدت لإعادة تغليف الحزب الاشتراكي الجوهر فيما عرف بـ«new-labour» أو العمال الجدد، أن عدداً من أهم الأسباب (وليس كلها) وراء إغلاق المناجم والصناعات الثقيلة وانتقالها خارج البلاد كانت السياسات الاشتراكية لحكومة العمال في السبعينات.

وليس فقط ستارمر الذي يواجه حيرة كيف يعيد تطبيق تجربة بلير وماندلسون في انتخابات 1997؛ فهناك تحديات أكثر خطورة تواجه المحافظين بزعامة سوناك، فهم لا يقفون في مفترق الطرق حول خيارات، لعل أهمها التعامل مع قضية الهجرة، وليس فقط الهجرة غير الشرعية بالقوارب من بحر المانش، بل الهجرة الرسمية التي تتجاوز أرقامها ما وعد به المحافظون من تخفيضها، فحسب، بل بالفعل تواجههم أزمة هوية. فمجلس الوزراء في حكومة المحافظين منقسم حول قضايا كالهجرة والاقتصاد والضرائب والتعليم.

أزمة الهوية انعكست هذا الأسبوع في مؤتمرين (غير رسميين) داخل المحافظين، الأول «المؤتمر القومي للفكر المحافظ»، وهو تيار تقليدي، متدين، يضع الأسرة والقيم المحافظة أولويات لضرورة استعادة الناخب التقليدي (شبهتها الصحافة اليسارية، خطأً، بحفلات الشاي وتيارات اليمين المسيحي المحافظ في الولايات الأميركية التي كانت وراء انتخاب دونالد ترمب) الذي جاء بالتوازي مع مؤتمر «المنظمة الديمقراطية للمحافظين» – التي سمّتها الصحافة المعارضة «جمعية مشجعي بوريس جونسون» من بعض الوزراء السابقين، وكبار المحافظين التقليديين، وبعضهم بالفعل طالب، بشكل غير مباشر بعودة جونسون، وذلك بتوجيه اللوم إلى ريشي سوناك نفسه الذي أدت استقالته إلى بداية العد التنازلي لاستقالة جونسون.

أحد أهم المنظرين لهذه المجموعة، جيكوب ريس - موغ الذي تولي عدة مناصب وزارية، وهو محافظ شكلاً وموضوعاً يرى أنه من غير الحكمة تبديل زعيم الحزب عشية الانتخابات، ومن الضرورة الاتفاق على صيغة موحدة، فالناخب لا يثق في الأحزاب المنقسمة.

الملاحظ أن بعض الوزراء الحاليين، من يمين الحزب تحدثوا في المؤتمر – وإن لم يوجهوا اللوم المباشر لسوناك - لكن كانت معظم دعواتهم العودة إلى التقاليد التي مكنت ثاتشر من النجاح في 3 انتخابات، كهوية أساسية للحزب، وبدورها، تناقض التيارات الجديدة التي تمكنت من صناعة الرأي العام اليسارية الليبرالية من فرضها كموضة سائدة بين الشباب والناخبين الأصغر سناً. دوائر الطبقة العاملة التي فاز بها المحافظون في 2019 لا تخيفها الهوية الثاتشرية التقليدية للمحافظين، وكثيرها يتوجس من أولويات الجيل الأصغر كالبيئية والحرب الثقافية والعودة للاتحاد الأوروبي، لكن من الصعب على سوناك ومجموعته إقناعهم بتنفيذ الوعود بتحسين أوضاعهم، وبالتعامل مع المهاجرين مثلما وثقوا بجونسون قبل أربعة أعوام.
 
شريط الأخبار الملك خلال لقائه ميرتس يؤكد ضرورة الالتزام بتنفيذ اتفاق إنهاء الحرب بجميع مراحله إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار مكلفي خدمة العلم الاثنين محافظ العقبة: إنقاذ 18 شخصا تقطعت بهم السبل في القويرة هذا هو أكبر تحد في الأردن بنظر القاضي هل قتل ياسر أبو شباب بالرصاص؟ "يديعوت أحرونوت" تكشف "السبب الحقيقي" الأرصاد تجدد تحذيراتها من السيول سلطة إقليم البترا تؤكد خلو الموقع الأثري من الزوار حفاظا على سلامتهم الحكومة: "ستاد الحسين بن عبدالله" في مدينة عمرة سيجهز بأحدث التكنولوجيا 6.4 مليار دينار حجم التداول العقاري في الأردن خلال 11 شهرا ولي العهد: أداء جبار من النشامى الأبطال لا تتفاجأوا اذا قاد السفير الأمريكي جاهة لطلب عروس! الحاج توفيق يثمّن فوز الأردن بأربع جوائز عربية للتميّز الحكومي وفاة شاب بالمفرق اثر ضربة برق توماس فريدمان: بوتين يتلاعب بالمبعوثيْن الأميركيين كما لو كان عازف ناي ماهرا عمان غرقت حتى الكتفين بالديون والمياه والكاميرات،، تكريم امين عمان في الخارج المنتخب الوطني يتأهل إلى ربع نهائي كأس العرب 2025 تعميم صادر عن الهيئة البحرية الأردنية بشأن الحالة الجوية المتوقعة وتأثيرها على النشاط البحري اشتداد حالة عدم الاستقرار مساء اليوم شاهد المناطق الأعلى عرضة للأمطار الغزيرة بعد اثارة اخبار البلد.. مهرجان الزيتون يعلن إعادة الرسوم لأصحاب الأفران والمخابز "دار الدواء" تستقبل وفداً من شركة الصالحية وكيل الشركة في السعودية.. صور